بعد رحلة جميلة في مناطق يافع عدتُ إلى عدن أنا وصديقي راجح اليافعي وفي منطقة المعلا حيث أسكن تواصلت جلساتنا ونقاشاتنا الخالية من انتقاد السلطات في عدنوصنعاء كان نقاشاً أقل حدة مما حصل في صنعاء عندما كنتُ في ضيافة راجح عوض اليافعي- الله يحفظه- حديثنا في عدن خص القطاع الخاص والبرجوازية الكبيرة والصغيرة خاصة وصاحبي راجح من فصيلة البروجوازية أصحاب رأس مال مخورج ،والعرق دساس وأمور أخرى، سألني راجح عن سبب ضعف القطاع الخاص في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أي الشطر الجنوبي في شهر يناير من عام 1990م؟ أجبت بالقول أن الإجراءات الثورية اليسارية خلال الفترة من أواخر الستينات إلى أواسط السبعينات من القرن الماضي كانت بعضها خاطئة ومتطرفة وقد كبحت أو أعاقت القطاع الخاص من تأدية دوره الاقتصادي قال راجح كمل العبارة دوره الاقتصادي والوطني، قلت له دوره الاقتصادي، فقط أما الدور الوطني فهو واجب مقدس على كل من ينتمي لهذا الوطن من الغفير إلى الوزير الوطن هو أنا وأنت وهو وهي وهم وهن الجميع يشكلون الوطن الدين لله والوطن للجميع. ملاحظة: على ذكر البرجوازية ذكرت أغنية الفنان الذي كان شاباً وهو ناصر حسين زميلنا في مدرسة النجمة الحمراء مطلعها يقول " البرجوازي بيلبس له فوط من حرير وأنته مع الله و اكادح ملبس بكارة (أهوين والله على الكنداحة والمواجير) لا حظوا كلمات الأغنية لها تعبير هله وانته مع الله واكادح أنا أسمع من أيام طفولتي كل المتحزبين في بلادنا يدعون أنهم مع الله لكن أكثرهم لا يعملون بحق الله وحالتنا اليوم في اليمن تحكي عن الحاصل في واقعنا بدون رتوش. عودة إلى الموضوع: صاحب كلمات "واكادح" والفنان هما من يافع لكن في أيام الدراسة لجيلنا وكنا أطفال في أوائل سبعينات القرن الماضي لم نكن نعول على المناطقية ولم يكن أحد منّا يسأل الآخر عن منطقته كان محرم ومجرم المناطقية أما اليوم " كلك نظر".. تحدثت أيضاً عن البرجوازية في شمال الوطن وعن الرأسمالية الطفيلية فيها العبارات الأخيرة لم تعجبه وأمثاله في المبرز وحاول نفي كلمة الطفيلية وتطرق إلى إجراءات التأميم في جنوب الوطن بأنه كان متطرفا وظالما، قاطعته ليس الكل لكن فيه تطرف عندما أمموا ملكيات صغيرة اقتصرت على مناطق ومدن معينة مثل عدن ولحج وزنجبار والمكلا.. والآن خلال هذا العام أو العام القادم 1991م حزبنا الاشتراكي اليمني ناوي يعوض من ظُلم من جراء التأميم المتطرف الذي تم بعشوائية عام 1972م وما بعده لكن ملكيات الدولة في صنعاء وغيرها من مدن الشطر الشمالي من الوطن من أراضي وعقارات الدولة التي أممتها مراكز القوى القبلية والدينية والعسكرية من سيعوض الدولة؟ كررت العبارة موجهاً كلامي صوب راجح عوض ومن هم بجانبه لكنهم سكتوا ولم ينبسوا بكلمة، هكذا طبع اليمنيين عندما يكون الحق لهم فإنهم يتفلسفون وعندما يكون الحق عليهم فإنهم يصمتون صمت القبور. على صعيد آخر تناقشنا حول المادة الثالثة من دستور جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي تنص على "أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" قال راجح بن عوض مفروض أن تنص أن الشريعة الإسلامية هي مصدر كل القوانين، قلت له إن بعض القوانين وضعية مثل قانون البحار وقانون الاستثمار وقانون المرور الخ، لم يقتنع بكلامي وأنا لم أقتنع بكلامه لكن لا يعني ذلك أن النقاش حول عدة مسائل قد تم إغلاقه فالنقاش بيننا استمر من ذلك الحين إلى اليوم في عدة قضايا أبرزها قضية الوحدة اليمنية المباركة التي نعتبرها أهم القضايا الوطنية على الإطلاق.