لم يكن «يمن الإيمان» -إلى ما قبل الحرب الصهيونية الوحشية على «قطاع غزة»- في الحسبان لدى «دولة الكيان»، وقد مثلت المسيرات والصواريخ اليمنية التي تتجاوز -بفعل ما يصاحب عمليات إطلاقها من براعة تكتيكية- منظومات الدفاع الجوي الصهيوأمريكية بصورة متواصلة وتصيب أهدافها في الأراضي المحتلة بدقة مذهلة -بالنسبة لكيان العدو- معضلةً مستفحلة كشفت ما يداريه من مظاهر فشله. فشل دفاعات العدو في حماية الجو بالرغم من أنَّ «الكيان» لم يكن يعتبر «يمن الإيمان» رقمًا مؤثرًا في خارطة الصراعات الإقليمية، فقد فاجأه اليمن من حيث لم يحتسب بمسيرات وقدرات صاروخية حيدت دفاعاته الجوية عن حماية الأجواء، وجعلتها عديمة الجدوى وهذا ما يستنبط من احتواء التقرير التحليلي المعنون ["مساره غير متوقع".. خبير يعدد أسباب فشل إسرائيل في صد الصواريخ الحوثية] المنشور في موقع «الدفاع العربي» منذ ال5 من مايو الماضي على ما يلي: (وقال اللواء الطيار دكتور «هشام الحلبي» مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا الاستراتيجية في مصر الشقيقة: «يُعتقد أنَّ الصواريخ التي أطلقها أنصار الله "الحوثيون" صواريخ "فرط صوتية"، تتجاوز سرعتها خمسة أضعاف سرعة الصوت، وهذا النوع من الصواريخ يتميز بصعوبة رصده واعتراضه، ليس فقط على مستوى المنظومات الإسرائيلية، بل على مستوى العالم كله، حيث لا توجد سوى قدرات محدودة -ربما فقط لدى روسيا- للتعامل معها بكفاءة». وقال: إنَّ "القبة الحديدية" مصممة لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، وبالتالي فهي غير فعالة أمام هذا النوع من التهديدات، و"مقلاع داوود" يغطي المدى المتوسط، لكنه أيضًا غير مخصص لمواجهة صواريخ بهذه السرعات، أما منظومتا "آرو" و"ثاد" فهما مخصصتان للصواريخ الباليستية متوسطة وبعيدة المدى، لكنهما لا تستطيعان التعامل مع الصواريخ الفرط صوتية التي تتطلب قدرات مختلفة تمامًا، سواء من حيث أنظمة الرصد أو المعالجة الحاسوبية السريعة جدًّا المطلوبة لمجاراة سرعة التهديد. وأوضح «اللواء الحلبي» أنَّ مسار هذه الصواريخ غير تقليدي، فهي قادرة على تغيير اتجاهها خلال الطيران بسرعة عالية جدًا، ما يصعّب على الأنظمة الدفاعية تحديد مسارها بدقة أو التنبؤ به»). كما أشير -من جانب آخر- إلى واحد من أهم عوامل فشل المنظومات الدفاعية الصهيونية في سياق تقرير «عماد الدين أديب» التساؤلي المعنون [لماذا فشلت الدفاعات الإسرائيلية في صد هجمات الحوثيين؟] الذي نشر في «سكاي نيوز عربية» في ال25 من سبتمبر على النحو التالي: (يرى الباحث «سيد غنيم» أنَّ المسيرات الحوثية لا تعتمد فقط على عنصر المفاجأة، بل على تكتيكات مدروسة تجعل اكتشافها واعتراضها أمرًا بالغ الصعوبة، فالطائرة التي استهدفت إيلات كانت تحلق على ارتفاع منخفض للغاية، ما أعاق قدرة الرادارات على رصدها مبكرًا. ويضيف: قد تكون تلك المسيرة مصنوعة من مواد خشبية أو مركبة، وهو ما يقلل بشدة من "المقطع الراداري" ويجعلها شبه متخفية أمام أجهزة الاستشعار التقليدية. ويذهب «غنيم» أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أنَّ المسارات الجبلية في منطقة خليج العقبة ربما استُغلت بذكاء من قبل الحوثيين لتمرير الطائرة دون كشف). تعليق الفشل على شماعة التضاريس ما من شكّ أنَّ التفوق العسكري ل«دولة الكيان» على ما يجاورها من البلدان -لا سيما البلدان العربية- يرجع -بدرجة أساسية- إلى ما تحققه في أوساطها -بصورة مستمرة- من اختراقات استخباراتية تمكنها -على الدوام- من الاطلاع على إمكانياتها الدفاعية، فتتعاطى معها بما يفوقها من الوسائل والأساليب والتكتيكات أو الاستراتيجيات الردعية، خلافًا ل«يمن اليوم» الذي لم يمنح أبناؤه ذلك «الكيان» أية فرصة للاختراق على الإطلاق، وبالتالي واجه «كيان العدو» -في «يمن اليوم»- حالة استثنائية من الخصوم استعصت على الانكسار أمام عنجهيته وتجبره لأكثر من 700 يوم، حتى إنه ليقف اليوم أمام صمود اليمن -بالرغم من كثرة ما قصف ويقصف من منشآت مدنية وأحياء سكنية- شبه مهزوم، معلقًا ما مني به من الفشل أمام صمود اليمنيين -بواسطة بعض رموزه الضليعين في التبرير والتسييس والكذب والتدليس- على شماعة «المدى الجغرافي» و«وعورة التضاريس»، وذلك ما يمكن أن يستنبط من انطواء تقرير «إيثار شلبي» التساؤلي المعنون [هل أخفقت إسرائيل في اختراق الحوثيين استخباراتيًّا؟] المنشور في موقع «BBC عربي» منذ مطلع العام الجاري على ما يلي: (ويشير الجنرال «يعقوب عميدرو» مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق -وهو أيضًا زميل في «المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي» بواشطن- إلى أنَّ البعد الجغرافي بين إسرائيل واليمن يشكل تحديَّا كبيرًا في إطار ردع الهجمات الحوثية المتواصلة على إسرائيل. يقول: "بين اليمن وإسرائيل أكثر من ألفي كيلومتر، وهذا العامل الجغرافي سيظل عائقًا، حتى لو كانت الاستخبارات الإسرائيلية على علم كافٍ بالضربات الحوثية").