العميد الركن/ أحمد عبدالله السياني عملية "طوفان الأقصى" حدثٌ استثنائي أعاد للأمة الإسلامية كرامتها، وللقضية الفلسطينية زهوها عالميًا، بعد أن ظلت حبيسة الأدراج الأممية والوعود الزائفة، والسلام المزعوم مع عدوٍ لدودٍ يكنّ حقدًا دفينًا على الإسلام والعروبة. ومع أضواء فجر السابع من أكتوبر 2023م، أعلنت فصائل المقاومة للعالم بدء تنفيذ هجومها العسكري التاريخي "طوفان الأقصى" على كيان الاحتلال الصهيوني وجيشه الذي ظلت دوائر الغرب الاستعماري تروَّج له بأنه الجيش الذي لا يُقهر، ليتضح بعدها أنه جيشٌ كرتونيٌ استعراضيٌ لا يقدر على فعل شيء. وأمام كوكبة من مجاهدي المقاومة، وفي بضع ساعات من المواجهة، أُبيدت فرقةٌ عسكريةٌ كاملةٌ بألويتها وعتادها وأفرادها ومواقعها العسكرية والأمنية، ومستوطنات الغلاف على حدود غزة شرقًا وشمالًا، وكانت حصيلة القتلى والجرحى والأسرى مذهلة للعدو المحتل وللعالم. ولولا الدعم الأمريكي والغربي، والتواطؤ العربي المُطبِّع، والإسلامي الخانع والمتخاذل، ومنه الداعم للكيان، لكانت إسرائيل في خبر كان. ومع ذلك، لم تبقَ غزة ومقاومتها وحيدةً تصارع الأعداء كما في جولات الحروب السابقة، بل برزت جبهات الإسناد بدورٍ محوريٍ عظيم، حيث ساهمت المقاومة في لبنان "حزب الله"، والمقاومة العراقية، ودعم الجمهورية الإسلامية في إيران بفاعلية كبيرة وضغط عسكري على الكيان. وفاجأت الجبهة اليمنية الأعداء والأصدقاء والمنافقين، لتشكّل زخمًا كبيرًا في إشغال العدو الصهيوني واستنزافه عسكريًا واقتصاديًا، من خلال قطع خطوط الملاحة البحرية للكيان، واستهداف سفنه التجارية والمتجهة إليه في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن وباب المندب، مما أدى إلى شلّ حركة موانئه وأجبره على إغلاق بعضها. كما كان للقوة الصاروخية الباليستية والفرط صوتية والانشطارية، وسلاح الجو المسيّر، كلمة الفصل في استهداف العمق الصهيوني، مما أثّر على حركة المطارات الجوية، وأثار الرعب والهلع بين قطعان المستوطنين، وتكبّد الاقتصاد الصهيوني وحركته التجارية والسياحية خسائر فادحة تُقدّر بمليارات الدولارات. جاء العدو الأمريكي والبريطاني لإسكات جبهة الإسناد اليمنية وفصلها عن غزة، إلا أنه مُني بالفشل الذريع والهزيمة النكراء، من خلال الضربات المسددة على سفنه التجارية، حيث أُغرقت معظمها، واضطُر بعضها إلى تغيير مساره نحو رأس الرجاء الصالح، واستُهدفت حاملات الطائرات الواحدة تلو الأخرى، ومدمراته وبوارجه الحربية التي هربت وولت، تحمل معها بشائر النصر والصمود اليماني على القوة العظمى في العالم، واندحرت مهزومةً يلاحقها العار وعِظَم الخسائر التي تعرضت لها في المواجهة مع قواتنا المسلحة. وكان للزخم الشعبي واصطفافه في الساحات وميادين العزة والجهاد فاعليته في تأييد ودعم قواتنا المسلحة، في صورٍ عظيمةٍ من التلاحم والتآزر الشعبي، في حشودٍ مليونيةٍ مناصرةٍ ومساندةٍ لغزة، ودورات "طوفان الأقصى" التي تعدّت المليون مجاهد ومقاتل ومتدرب ومستعد للقتال من أبناء الشعب، إلى جانب إخوانهم المجاهدين في القوات المسلحة. وقدّم اليمن خلال المواجهة في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس ملحمة انتصارات عظيمة وتضحيات جسام، وقوافل من الشهداء والجرحى على طريق القدس وتحرير فلسطين. وسيظل الشعب اليمني، بقيادته الإيمانية المجاهدة ممثلةً بالسيد القائد العلم عبد الملك بن بدر الدين حفظه الله وقيادته السياسية والعسكرية، وقواته المسلحة الباسلة، وشعبه الحر العزيز المستقل، مستمرين في موقفهم الديني والإنساني المؤثر والمقلق للكيان الصهيوني وداعميه من الأمريكان والغرب الكافر، وأنظمة التطبيع العربية، وأدوات الخيانة والعمالة، حتى وقف العدوان ورفع الحصار، والقادم أعظم.