يتألف اتحاد ذو محمد من خمسة أخماس ومعظم أفراد هذه الأقسام الذين لم يتفرقوا في مناطق أخرى من اليمن يقيمون في الجزء الغربي من جبل برط أو في محيطه ورغم أن الناس يتحدثون عن حدود معينة كحدود ذو زيد مثلاً فإن برط نفسها لا تنقسم إلى أقاليم متجاورة وواضحة كما هو الحال في بعض المناطق الأخرى وربما لهذا السبب كان لا بد من وضع قواعد خاصة تتعلق بمسألة المسؤولية القبلية إذ يُقتاد الرجال الغرباء الذين يواجهون مشكلات في المنطقة إلى أقرب جماعة أو مستوطنة لا إلى قسم محدد وعند السؤال اليوم عن المسؤولية في جرائم القتل المجهولة نجد أن العرف المحلي لا يحمل القسم ككل المسؤولية كما يحدث في قبائل أخرى مثل بني صُريم أو أرحب حيث تُنسب الحوادث إلى الأراضي الحصرية التابعة لهم بل إن المسؤولية تقع غالباً على عاتق قرية أو مستوطنة بعينها وقد تمتد إلى القبيلة أو القسم المرتبط بها لأن هذه الحوادث تقع في أرض مشتركة بين الجميع لا في أراضٍ مقسمة بدقة . وتشير بعض الوثائق القديمة مثل وثيقة برط الأكوع المؤرخة سنة 1660م إلى أن قضاة بيت العنسي كانت لهم حرية الإقامة في أي مكان من أراضي المعاطرة أو آل صلاح ويكشف هذا عن طبيعة الانتماء فهو ليس إلى أرض جماعية محددة على الخريطة وإنما إلى جماعات يمكن الانتشار بينها بحرية .. أما اليوم فإن اندلاع نزاع داخل ذو محمد أو بينهم وبين المعاطرة يستلزم معرفة دقيقة بالجغرافيا السياسية المحلية إذ يتوقف الأمر على التحالفات والعداوات: فقد يتمكن رجل من المرور بسهولة عبر أراضي الأصدقاء أو المحايدين ليصل إلى صنعاء مثلاً بينما يُمنع آخر من مغادرة وطنه الصغير بسبب عداوة جيرانه المباشرين . الأخماس تشكّل النسيج الاجتماعي الرئيس لهذه القبيلة فمعظم السكان المستقرين من ذو زيد مثلاً يتركزون في الشمال الشرقي من برط بينما يقع آل دمينة إلى الغرب منهم وذو موسى إلى الجنوب ومع ذلك فالأمر ليس بهذه البساطة؛ إذ يمكن أن نجد مستوطنة صغيرة من قسم ما داخل نطاق مستوطنات قسم آخر. .. على سبيل المثال الأراضي الزراعية حول المحطاوية وبيراس والعَش شمال العنان تعود إلى أقسام من ذو زيد بينما نجد بين هذه الأراضي قرى تتبع آل دمينة أو ذو موسى ومن ذلك أن قرية بشران شمال العنان تنتمي جزئياً إلى ذو موسى رغم بُعدها بعدة كيلومترات عن تجمعاتهم الرئيسة . ويُلاحظ أيضاً أن منطقة واحدة قد تضم ثلاثة أقسام مختلفة لكل منها أبراج محصنة تطل على الأراضي الزراعية المشتركة كما هو الحال جنوب سوق العشاش حيث تتجاور قرى من ذو زيد وآل دمينة وأحمد بن كول وفي المقابل نجد أن التواصل الجغرافي بين مستوطنات آل دمينة قد يقطعه وجود قرية تابعة لذو زيد ولهذا لم يكن غريباً أن يصرّح وجهاء المنطقة في سبعينيات القرن الماضي بصعوبة تقسيم الأرض على أساس قطاعات واضحة عند إجراء المسوح الحديثة إذ أن منطق الخرائط الإدارية لا ينسجم مع مفاهيمهم التقليدية . وعند الحديث عن الملكية من المهم الحذر من إسقاط معانٍ فقهية صارمة على المصطلحات المحلية فالناس في برط قد يقولون: هذا ملك المحاميدة ككل أو هذا ملك ذو محمد ككل والمقصود هنا ليس ملكية قانونية أو التزاماً بأحكام الفقه الإسلامي الكلاسيكي بل المعنى أوسع وأقرب إلى فكرة الانتماء أو الارتباط التي تحمل شيئاً من الغموض والشمولية أما المصطلحات المرتبطة بالأرض فهي متنوعة وغامضة أحياناً فكلمة مريوس أو مروس تعني أن الأرض مشتركة لكن كيفية تقاسمها بين الناس تبقى مسألة معقدة وغير محددة بدقة كذلك فإن كلمة فيش جمعها فويش قد تدل على أرض مشتركة أو أرض بور بينما تشير كلمات مثل محجور أو محجر جمع محجير ومقصور جمع مقاصير إلى أراضٍ يُفرض على استخدامها قيود معينة والمثير للاهتمام أن تعبير فيش خاص أي أرض مشتركة خاصة لا يُعتبر متناقضاً في التصور المحلي .. هذه المصطلحات تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي للأرض في المنطقة حيث لا تخضع الأملاك إلى تقسيم إداري واضح بل إلى شبكة من الأعراف والقيود والعلاقات التي يصعب رسمها أو حصرها على خرائط فكل مكان تقريباً يخضع لشكل من أشكال التقييد أو المشاركة وهو ما يجعل النظام المحلي مرناً من جهة لكنه معقد ومليئاً بالتشابكات من جهة أخرى .