في قلب اليمن، تقف حضرموت الشامخة، ليست مجرد أرض، بل هي عِرقٌ ممتد من صدر اليمن إلى آخر نبض فيه. هي ذاكرة، وتاريخ، وكرامة، هي عمامة عالم وسيف مقاتل، هي رِجل تاجر هزّ البحار ونشر الإسلام في أصقاع كثيرة من البلدان. ولكنها اليوم، تتعرض لخطر وجودي، لخطر الابتلاع والضم، وتُستدعى إلى مائدة عار ليس فيها سيادة ولا وجوه تشبهنا. إذ تُمد أيادٍ غريبة، تسعى لتقسيم وتجزيء حضرموت، وتتعامل معها كأنها غنيمة معروضة على مزاد علني تديره قوى إقليمية تحت غطاء زائف من "الاستثمار" و"التنمية" و"الحماية". لنسأل بصدق: * أي حماية هذه حين يأتي الحامي بصفة الطامع؟ * وأي سيادة تلك حين يُزرع العلم الأجنبي ليتحكم بمصيرنا وخيرات بلادنا؟ إنها مخططات مكشوفة؛ السعودية تستهدف النفط، والتوسع في الجغرافيا، والإمارات تتطلع إلى الساحل والموانئ والجزر. عيني عينك تتقاسم اليمن ومياهها الإقليمية، بهدف تحويل حضرموت إلى مجرد "إقليم مُلحق" في خريطة نفوذهم. تاريخ نضالي عصي على الاحتلال إن من يظن أن حضرموت يمكن ابتلاعها هو جاهل بتاريخها النضالي العميق. هذه الأرض لم تسقط يومًا إلا لتنهض أقوى، وقد سجلت في ذاكرة الأمة بطولات ضد كل غازٍ وطامع: * مقارعة الاستعمار البرتغالي والبريطاني: كانت حضرموت جزءًا أصيلاً من النضال ضد الاستعمار البرتغالي ودارت معارك طاحنة في معركة الشحر التي سقط فيها سبعة مقادمة وفرسان كثير، وفي معارك زغفة والضبة التي قاتل فيها أبطال حضرموت حتى كسروا قوات البوبرك البرتغالي وانسحب يجر أذيال الهزيمة. وكذلك قاومت الاستعمار البريطاني ودارت معركة وادي أعرف التي سقط فيها العديد من الغزاة من جيش المستعمر البريطاني، الذي جثم على جنوباليمن لعقود. وقد سطر أبناؤها ملاحم بطولية، حتى تحققت ثورة 14 أكتوبر 1963م، وتكلل النضال بالاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م، وهو التاريخ الذي يمثل قمة الإرادة اليمنية الحرة في تحطيم قيود المحتلين الأوائل. * إرث المقاومة الثورية: إن أبناء حضرموت هم أحفاد صقران وباكثير والعيدروس وباعلوي والعكبري والصيقلي وباعباد وبامخرمه وآل المحضار وبن عقيل وغيرهم كثير. وكل قادة الكفاح الثوري الذين يمثلون إرثًا نضاليًا في الوجدان الجمعي، يدعو إلى التحدي والعزيمة على مقاومة الاحتلال وكل أنواع الظلم والقهر والاستبداد، انتصارًا للكرامة والإرادة الشعبية. * رفض التواجد الأجنبي: اليوم، يتجدد هذا المشهد النضالي الرافض، حيث نشهد تحذيرات شعبية وقبلية وعسكرية من مغبة التواجد العسكري الأمريكي السعودي الإماراتي في المحافظة، واعتبار ما يجري الآن من صراعات بأنه صورة متكررة للاحتلال الذي يحاول تمزيق النسيج المجتمعي واستغلال الثروات. إن هذا التاريخ يذكّر الطامع بأن حضرموت ليست ضعيفة، بل هي أرضٌ ترفض أن تكون غنيمة أو جسر عبور لمصالح الأجنبي، وتعرف كيف تقاوم وتنتفض. يا أبناء اليمن، تنبهوا فالخطر قادم! المخططات المريبة التي تُحاك في الظلام من دول الجوار الطامع، لن تتوقف عند حدود حضرموت. والساكت على هذه الأعمال، أو المتواطئ معها طمعًا في مال زائل أو منصب مؤقت، سيعض أصابع الندم حين لا ينفع الندم، وحين تكون الفأس قد وقعت بالرأس وذهبت السيادة! إن المستعمر لا يهدف إلى رفع شأننا؛ بل يهدف إلى إخضاعنا. سيعملون على شراء ذمم العملاء من كل حدب وصوب، يستغلون حاجة المعوزين وطموح المتطلعين للمناصب، وبعد أن تستتب لهم الأمور، سيجعلون أعزة القوم أذلة، وسيتحول اليمني صاحب الأرض إلى عامل بالأجر اليومي، أو موظف مؤقت لخدمة مصلحتهم. هذا هو أسلوب المحتل في كل العصور، وطريقته لجعل الشعب تابعًا ذليلاً. يا قبائل اليمن وأقيالها، يا مشايخ حضرموت ومقادمتها في الساحل والوادي والصحراء، دُقّوا جرس الإنذار! لا تغرنكم المصالح الشخصية، فالوطن أغلى! لا تسلموا البلاد للفوضى والمجهول. أفشلوا مخططات الأعداء بوحدتكم ويقظتكم. الله الله في الوحدة الوطنية والسيادة! القرار قرارنا: الرفض والانتفاضة حضرموت ليست صحراء بلا هوية، ولا أرضًا سائبة لمن يدفع أكثر، ولا إرثًا يتقاسمه الطيران الأجنبي. حضرموت لكم أيها الحضارم، ولليمنيين جميعًا، ولن تكون للطامعين، ولن تكون. نوجه رسالة قاطعة لكل طامع: لا مساومة في الوطن، وإن امتدت أيديكم لنهبه، فلسنا شعبًا يُقطع صمته بالمال، بل شعبٌ إن غضب جعل الأرض جحيمًا ونارًا تلتهم كل مستعمر وكل عميل. لنجعل من مقاومتنا الوطنية مثالاً يُقتدى به؛ يشعل القلوب حُبًا في هذا التراب، ولفظًا لكل من يساوم أو يخون.