قدم قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي- يحفظه الله- من خلال البيان الذي سبق الاحتفال بالذكرى ال 58 ليوم الاستقلال المجيد 30 نوفمبر، رؤية شاملة وحلولاً ناجعة لواقع اليمن والأمة الإسلامية، بما يجعل مسألة الاستعداد والجهوزية قضية مسلم بها لخوض الصراع الوجودي مع قوى الهيمنة والاستكبار العالمي، اعداء الأمة الذين يأتي في مقدمتهم الأمريكي والصهيوني. فقد وصف السيد القائد الصراع مع تلك القوى بأنه صراع تاريخي ووجودي، فالعداء متأصل لديهم وإن اختلفت مسميات من يتصدرون هذا العداء (الأمريكي- البريطاني- الإسرائيلي). كما ربط بيان قائد الثورة بين الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن الذي دام 128 عاماً مارس خلالها كل أشكال التفرفة والقتل والاعتقال لأبناء اليمن، رابط ذلك بالعدوان الغاشم الذي تعرض له اليمن ومازال يتعرض له إلى اليوم من قبل قوى الشر الصهيوأمريكية ومن يدور في فلكهم السعودي والاماراتي ومرتزقتهم، ليقدم صورة عن عدو واحد بمسميات مختلفة، هدفه الدائم هو استعباد الشعوب ونهب ثرواتها.. وهذه المقاربة تخلق إحساساً بأن المعركة الحالية هي امتداد لنضال أجدادنا الأحرار. وتطرق قائد المسيرة القرآنية الى ما وصفها بنظرية المؤامرة الشاملة، حيث أكد أنه لا مكان في هذه النظرية للصدفة أو السياسة العادية، فالغرب (بقيادة بريطانيا سابقاً وأمريكا حالياً) "هندس" الوضع في البلدان الإسلامية بعد جلاء الاحتلال المباشر عبر إيجاد أنظمة عميلة وقوى مذهبية وثقافية لضمان بقاء الأمة مفككة وضعيفة، هذا بالتالي يلغي من وجهة نظر القوى الاستعمارية شرعية أي نظام سياسي يتطلع في البلدان العربية والاسلامية للخلاص من الوصاية والقيود الاقتصادية التي كبلت الأمة وحرمتها من استغلال ثرواتها وتحقيق تطلعات الشعوب في الاستقرار والنهضة وامتلاك القوة. أيضاً أعاد لنا سماحة السيد، من خلال بيان الاستقلال تعريف ماهو المفهوم الواسع للهوية والانتماء المستمد من الهوية الإيمانية التي خصنا الله كشعب يمني بها، ومايقابلها من الوطنية الضيقة.. حيث يعيد الخطاب تعريف الانتماء ليصبح "انتماءً إيمانياً" يجعل قضية اليمن جزءاً من قضية الأمة لإسلامية تحت شعار "الإيمان يمان" لتأكيد هذه الهوية وتميزها..فقد وضع خطاب سماحته شعب اليمن ومقاومته في موقع القيادة للأمة، من خلال تصديره للساحة العالمية في نصرة فلسطين، هذا يعطي دوراً معنوياً وسياسياً أكبر لليمن يتجاوز حدوده الجغرافية. ومن الاهمية بمكان في معركة المواجهة تحديد من هو العدو.. وهذا ماوضحه السيد القائد بأنه "المنظومة الصهيونية الغربية الكافرة" بأذرعها "الشيطانية المجرمة" المتمثلة في: (إسرائيل - الشريك الأمريكي - الشريك البريطاني - الداعمين الغربيين- والعملاء والخونة) وخصص الخطاب جزءاً للهجوم على "الخونة من أبناء البلد" سابقاً والأنظمة العميلة حالياً، مما يخلق عدواً داخلياً، وبرر أي صراع داخلي على أنه جزء من الحرب ضد المشروع الاستعماري. وفي نقطة مفصلية دعا السيد عبدالملك إلى ضرورة الاستعداد لجولة قادمة، وحذر من أن الأعداء يعدون العدة لجولة جديدة، ويطالب الشعب بالاستعداد بشكل أكبر، وهذا يخلق حالة من التأهب الدائم لمواجهة أي تصعيد عسكري قادم. كما يرفض السيد العلم أي شكل من أشكال الخنوع أو التسوية، ويصورها على أنها ذل واستعباد وخسارة للدنيا والآخرة. كما ربط سماحة السيد بشكل محكم بين مظلومية اليمن ومظلومية فلسطين ولبنان وسوريا، ليقول بأن المعركة واحدة "لن يترك الشعب الفلسطيني ولا اللبناني" وعزز السيد القائد قوة البيان والخطاب، بسرد الآيات القرآنية "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ" والأحاديث النبوية "الإيمان يمان" مما اعطي للخطاب قدسية، وجعل الموقف ليس مجرد خيار سياسي بل واجب ديني. ولعل النقطة المهمة في بيان قائد الثورة، هي التأكيد على الوحدة الوطنية، فصور الشعب مع مؤسساته الرسمية والعسكرية كجسد واحد، مما يعزز الشرعية الداخلية للسلطة ويوحد الصف.. وهذا ماعبرت عنه جماهير شعبنا اليمني من خلال استمرارها في تتفيذ الوقفات والخروج في المسيرات للتأكيد على الثبات والجهوزية وإرسال رسالة للعالم بأن شعب اليمن ثابت في موقفه المناصر لشعب فلسطين ومقاومته، وكذلك للمقاومة اللبنانية وحزب الله، وانه لن يسمح باستمرار الصهاينة في تدنيس واستباحة المقدسات والاعتداء على شعوب الأمة بأبشع صور العدوان والقتل والتدمير. وفي ذات الخطاب تطرق قائد الثورة إلى"الإنجازات الأمنية والعسكرية" التي تحققت في زمن قياسي وفترة حرجة ومهمة، وكان لتلك الانجازات وقعها على نفسية العدو الذي ظن انه قادر على اختراق وزعزعة الصمود اليمني. أما بالنسبة للرسائل التي حملها خطاب السيد القائد، فيمكن ذكر أهمها من خلال: * رسالة التحدي: الخطاب بمجمله هو رسالة تحدٍ للعدو (أمريكاوبريطانيا وإسرائيل) مفادها أن اليمن مستعد ولن يتراجع. * رسالة التطمين للحلفاء والشركاء في محور المقاومة (في فلسطين ولبنان وغيرها) بأن اليمن ثابت في موقفه الى جانبهم لن يتخلى عنهم. * رسالة إلى الرأي العام العالمي: كشف "حقيقة" المنظومة الغربية والصهيونية وإجرامها، في محاولة لتقويض شرعيتها الأخلاقية على الساحة الدولية. ويمكن القول ان قائد المسيرة القرآنية، قد لخص في البيان الصادر عنه، أن "اليمن، سيظل حصن الأمة الإسلامي المنيع في مواجهة المشروع الاستعماري الغربي الصهيوني الذي يستهدف الوجود والهوية.. إذا فهذا الخطاب ليس مجرد دعوة للاحتفال بمناسبة وطنية، بل هو بيان إستراتيجي وتعبوي يحدد فلسفة الصراع ، ويعيد ترتيب أولويات المواجهة في هذه المرحلة من تاريخ الأمة.