لأنَّ اليهود ومنهم الصهاينة غير قادرين على المواجهة مصداقًا لقول الله -سبحانه- (إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَو مِن وَرَآءِ جُدُر)، ولأنهم -بالاستناد إلى ما ورد عنهم في كتاب الله جلَّ في علاه- (أَحرَصُ 0لنَّاسِ عَلَىٰ حَيَٰاةٖ)، فإنَّ مجرد إقحامهم في المعركة حتى وإن خاضوها مدججين بأحدث الأسلحة الفتاكة يخرجهم عن الصواب ويعرضهم للصدمة والاكتئاب. وضع «ما بعد الصدمة» شيوعه وقِدمه خلافًا لما أشيع عن الجيش الصهيوني -على مدى 7 عقود زمنية أو أكثر- بأنه الجيش الذي لا يُقهر، فإنَّ اضطرار منتسبيه لمواجهة أبطال المقاومة الفلسطينية بعد تفجر «طوفان الأقصى» في ال7 من أكتوبر قد أفضى بعدد معتبر من ذلك الجيش الذي اضطلع الغرب الصليبي عامة بمؤازرته ودعمه إلى حالة مرضية نفسية متقدمة يطلق عليها «اضطراب ما بعد الصدمة»، وقد قدَّر البروفيسور الصهيوني «يائير بار حاييم» -بحسب ما ورد في سياق التقرير التفصيلي المعنون [تزايد معدلات الانتحار والاضطرابات النفسية.. هذا ما فعلته الحرب الإسرائيلية على غزة بالمجتمع اليهودي] الذي نشره موقع «عربي بوست» مساء ال7 من أكتوبر الماضي- (عدد المصابين باضطراب ما بعد الصدمة ب50 ألفًا قابل للزيادة، وفقًا لما نقلته «سيفان ألكيلك» مراسلة القناة "آي 24"). ولعل شيوع هذا المرض المعروف ب«اضطراب ما بعد الصدمة» في هذه الآونة قد لفت الانتباه إلى تأصله في «جيش الاحتلال» وقدمه، كما لو كان متلازمة، وقد أشار إلى ذلك المعنى المحاضر الفلسطيني في العلوم السياسية والتأريخ، والباحث في مركز «مدى الكرمل» للدراسات الاجتماعية ب«حيفا» الدكتور «مهند مصطفى» في مستهل تقريره التحليلي المعنون [إسرائيل وتجنيد مرضى نفسيين في جيشها] الذي نشره في «الجزيرة نت» بداية يونيو الماضي على النحو التالي: (أشارت الباحثة الإسرائيلية «عيريت كينان» -في كتابها الصادر عام 2012 بعنوان: "كأنه كان جرحًا مستترًا"- إلى أنّ الاعتراف بالاضطرابات النفسية وصدمة الحرب في صفوف الجنود بدأ يظهر بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأوّل 1973). ارتفاع وإشتهار حالات الانتحار لا شكَّ أنَّ ما يعانيه الجنود الصهاينة من حالات مرضية نفسية تعد بداية مسار يفضي ببعضهم إلى الانهيار وببعضهم الآخر إلى الانتحار، وقد كشفت نتائج دراسة إسرائيلية -بحسب ما جاء في مستهل التقرير التحليلي المعنون [أمراض نفسية وتزايد حالات الانتحار في إسرائيل بعد مرور عامين على حرب غزة] الذي نشره موقع «اليوم السابع» يوم الثلاثاء ال7 من أكتوبر- (عن انتشار واسع للتشوهات النفسية في المجتمع الإسرائيلى، خاصة بين الجنود، حيث سجل ارتفاع ملحوظ في حالات الانتحار، نتيجة تداعيات الحرب المستمرة على قطاع غزة. وكشفت الصحافة الإسرائيلية -وفق بيانات رسمية- عن انتحار أكثر من 40 جنديًّا منذ بدء الحرب، بينهم 16 في العام الماضي وحده). والحقيقة أنَّ حالات الانتحار الآخذة -لكثرتها- في الاشتهار تتزايد -في ذات الوقت- بشكلٍ لافت، وذلك ما قد يستنبط من احتواء تقرير «الجزيرة نت» التفصيلي المعنون [معاريف: الأمراض النفسية للجنود وباء صامت يقوّض المجتمع الإسرائيلي] الذي نشر في آخر يوليو الماضي على ما يلي: (أشار الكاتب والمحلل الإسرائيلي «إفرايم غانور» إلى أنَّ الأخطر أنَّ 45 جنديَّا أقدموا على الانتحار منذ بدء الحرب حتى هذه الأثناء، وهو رقم يثير قلقًا بالغًا داخل المؤسسة العسكرية والمجتمع الإسرائيلي على حد سواء). كما أشار إلى ذلك الاشتهار والتزايد في حالات الانتحار في أوساط الجنود الصهاينة المصابين بحالات نفسية متباينة الكاتب الصحفي «زياد فرحان المجالي» في سياق مقاله التحليلي المعنون [الثمن الخفي للحرب داخل إسرائيل: جراح النفس، فقراء الحرب، والجنود المنسيّون] الذي نشره موقع «رأي اليوم» في ال8 من ديسمبر الجاري على النحو التالي: (فالتقارير الإسرائيلية عن يوم التقدير لجرحى الجيش تكشف عن موجة انتحار متصاعدة؛ وعن زيادة بنسبة 56٪ في الانتحار بين الجنود منذ اندلاع الحرب، وعن محاولات انتحار تقارب 280 حالة في سنة ونصف فقط، انتهت نحو 60 محاولة منها بالموت). ثلث القوات الصهيونية يعاني مشاكل نفسية لعل طول أمد الحرب التي يشنها الجيش الصهيوني على أطفال ونساء ومسني «قطاع غزة» الفلسطيني قد بلغ بأعداد المصابين من ضباطه وجنوده بحالات نفسية مستويات قياسية، وذلك ما أشار إليه الصحفي «خالد يوسف» في مستهل تقريره الإخباري المختصر المعنون [مسؤولة إسرائيلية: علاج 85 ألف جندي من اضطرابات نفسية منذ حرب غزة] الذي نشرته وكالة «الأناضول» في ال7 من ديسمبر الحالي بما يلي: (أفادت نائبة رئيس قسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع الإسرائيلية «تمار شمعوني» بوجود ارتفاع كبير في أعداد الجنود الذين يعانون من اضطرابات نفسية منذ اندلاع الحرب على «قطاع غزة» في أكتوبر/تشرين الأول 2023. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي -عن «شمعوني»- قولها: «إنَّ الوزارة عالجت مساء السابع من أكتوبر 2023 نحو 62 ألف حالة نفسية، فيما يبلغ العدد اليوم حوالي 85 ألف حالة»، واصفة الزيادة بأنها "غير مسبوقة"، وأشارت إلى أنَّ "ثلث جنود الجيش يواجهون -بعد أحداث ال7 من أكتوبر- مشاكل نفسية متفاقمة".