في سياق الحديث عن حجم وأبعاد التداعيات المترتبة على ذهاب معسكر العدو الأمريكي - الإسرائيلي إلى تكرار جولة جديدة من العدوان والحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية في هذه المرحلة، وفي ظل الظروف الراهنة، يمكن القول إن التداعيات والخسائر التي قد تحصل، وبالأخص على كيان العدو الإسرائيلي، لن تتوقف عند البعد التكتيكي المادي والمعنوي، بل ستتجاوز ذلك إلى نطاق استراتيجي، قد يأخذ الكيان المحتل إلى جحيم عسكري مجهول. زين العابدين عثمان استعداد جديد إيران، في هذه المرحلة، وبعد الاستفادة القصوى من دروس حرب الاثني عشر يومًا، أصبحت اليوم أكثر استعدادًا من حيث مستوى القدرات المتصاعدة التي باتت تمتلكها، وصلابة الموقف العسكري الثابت. فقد عملت بعد هذه الحرب على اتجاهين: الأول: معالجة جميع نقاط الضعف التي ظهرت في البنية الدفاعية، خصوصًا أنظمة الدفاع الجوي، حيث جرى استبدال المتضرر منها بأنظمة جديدة ومتطورة، واستخدام تقنيات إضافية متقدمة من منظومات الحماية الجوية الشاملة، والإنذار المبكر، والحرب الإلكترونية، ووسائل الكشف الراداري فائقة القدرة. الثاني: عملت إيران على رفع سقف إنتاجها من الصواريخ والمسيّرات إلى أضعاف، ولا سيما فئة الصواريخ الاستراتيجية الضاربة (Hypersonic Missiles)، ورفع الجاهزية العملياتية إلى مستوى القدرة على تنفيذ مناورات هجومية بآلاف الصواريخ والمسيّرات، وبمستوى يفوق مناورات عملية «الوعد الصادق 3» بأضعاف. لذا فإن قياس هذا المستوى من القوة يوضح أن إيران، إذا فُرضت عليها حرب جديدة، فلن تتوقف عقيدتها على الفعل وردّ الفعل، أو على تكتيك الردّ المتماثل، بل ستعتمد معركة صاروخية مفتوحة وغير مُزمَنة، تلهب أعماق كيان العدو الصهيوني بشكل غير مسبوق، وسيتحوّل بنك الأهداف من المئات إلى الآلاف. ماذا لو اعتمدت إيران خطة 2000 صاروخ؟ هناك بعض المسائل التي يجب توضيحها، خصوصًا أن إيران لم تبدأ بعد حربًا صاروخية مفتوحة ضد الكيان الإسرائيلي. فبمجرد التكهن بعمليات هجومية باستخدام 2000 صاروخ، يمكن تحديد النتائج وفق آلية التدمير والأضرار التي قد تُحدثها في هيكل الكيان. ووفق المنطق العسكري، فإن دخول إيران في حرب صاروخية واسعة، ابتداءً بهجمات مكوّنة من 2000 صاروخ موزعة على عدة موجات، ولنفترض مدة زمنية قدرها عشرة أيام، يمكن لهذه القوة النارية أن تستنزف قدرات الدفاع الأمريكي والإسرائيلي معًا، وتدمّر جميع المراكز العسكرية والاقتصادية للكيان بشكل دراماتيكي. ولتوضيح ذلك بمثال أولي، فإن قيام إيران بتنفيذ مناورات قصف مركزة ضمن عمق جغرافي يبلغ 120 كيلومترًا، يبدأ من المراكز والمستوطنات في شمال فلسطينالمحتلة وصولًا إلى حيفا ويافا، يعني أن نحو 50% من البنية الحيوية لكيان العدو، والمراكز الحساسة العسكرية والاقتصادية التي يزيد عددها على 132 منشأة، بما فيها القواعد الجوية الاستراتيجية، ومجمعات الصناعات العسكرية، ومحطات الكهرباء، ومصانع الكيماويات، والمصانع الغذائية، والمطارات، والموانئ، وغيرها من المنشآت ذات القيمة العالية، سيتم تدميرها في المراحل الأولى من القصف الصاروخي الإيراني. وكتقدير أولي، فإن الخسائر التي قد يتعرض لها كيان العدو في هذا السيناريو وحده قد تصل إلى 156 مليار دولار كخسائر مباشرة، إضافة إلى تداعيات دراماتيكية تتعلق بارتفاع نسبة الهجرة العكسية للمستوطنين الصهاينة، التي قد يصل تعدادها إلى نحو مليون مستوطن. وبناءً على هذه الفرضيات والمعطيات المتوفرة حاليًا، يمكن الجزم أن أي مغامرة عدوانية قد تقدم عليها حكومة كيان العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة ضد إيران في هذه المرحلة ستكون نتائجها عكسية ومدمرة، وأسوأ بكثير من الجولة السابقة، إذ إن الاستراتيجية التي يعتمدها الأمريكي في حماية الكيان الإسرائيلي ستتحول من استراتيجية منع الضرر إلى إدارة الكارثة، باعتبار أن هذا الكيان سيعيش الكارثة حرفيً