عملية فدائية غير متوقعة تهز مدينة إيلات داخل إسرائيل، وتركت تلك العملية لغزا محيرا أمام أجهزة الأمن الإسرائيلية لا تزال تبحث عن حل له، وهو الطريقة التي وصل فيها المنفذ إلى إيلات بالرغم من الإغلاق المحكم للحدود. وبعدما أعلنت سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى أن منفذ الهجوم عبر من الأردن نفت عمان ذلك وقالت أن محمد السكسك لم يعبر حدودها . أما القيادة السياسية الإسرائيلية فأنها لا زالت حائرة في طريقة الرد على هذه العملية النوعية. وأحدثت عملية إيلات التي وقعت الإثنين الماضي وأدت إلى مقتل أربعة إسرائيليين إلى حدوث زلزال سياسي وأمني في إسرائيل بسبب تعقيدات العملية ووصول المنفذة إلى المكان بطريقة غريبة. ويتضح من التحقيقات أن ضابط قوات الاحتياط الاسرائيلية يوسي فلتينسكي هو من نقل منفذ العملية الاستشهادية والذي يروي التفاصيل كاملة بقوله:" خرجت من منزلي الساعة التاسعة صباحا في طريقه لفندق سبورت وبعد عشر دقائق اوقفت سيارتي واقليت شابا يرتدي معطفا احمر اللون ويعتمر قبعه حمراء ويحمل حقيبة ظهر وحين سألته عن المكان الذي يقصده اكتفى الشاب باشارة من يده فهم منها المقدم انه يطلب الوصول الى مركز المدينة". ويضيف الضابط قائلا" انه اشتبه بتصرفات الشاب وسلك طريقا يلتف حول مدينة ايلات لتجنب الدخول في اماكن مأهولة الا ان الشاب لاحظ ذلك وظهرت عليه علامات التوتر فما كان من الضابط الا ان اوقف سيارته وطلب منه مغادرتها فورا وقال اسلك هذا الطريق حتى تصل الى مركز المدينة وقصد الضابط بذلك تضليل المسافر غير المرغوب فيه ووجّهه الى طريق خالية من السكان" . وبعد ان ترجل الشاب من السيارة سارع الضابط الى الاتصال بالشرطة الاسرائيلية وابلغهم بتفاصيل ماحدث معه ونقل لهم تفاصيل الشاب ووصفه دون ان يغفل تعقبه في سيارته إلا أن الشاب جنح عن الطريق الرئيسي وشرع في الركض ولم يخف بعض السياسيين والعسكريين الإسرائيليين قراراهم بالإمتناع عن تنفيذ عملية واسعة في غزة ردا على الهجوم وتيتبين أن الدافع الأساسي لهذا الموقف المعلن هو الاقتتال الداخلي في قطاع غزة. و عدم التأثير على مجريات الاقتتال الدائر في قطاع غزة، في الوقت الحالي على الأقل، في خطوة قد توقف الاستنزاف الداخلي وتوحد الفرقاء ضد الاحتلال. ولكن في نفس الوقت، هناك ضوء أخضر للأجهزة الأمنية لتنفيذ عمليات "محدودة ومركزة" ضد ما تعتبره " خطر محدق" أو باللغة العسكرية "قنبلة موقوتة"، وتحت هذه التسمية يمكن أن يدخل كل مقاوم. وقالت مصادر سياسية وعسكرية أن الخطوات التي سيتخذها الجيش في سياق الرد على العملية ستكون محدودة. وسوغوا ذلك بأن العمليات العسكرية التي تخرج من قطاع غزة شهدت تراجعا في الأسابيع الأخيرة، ويعنون بذلك التراجع في وتيرة إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية، وسبب آخر وربما الأهم هو الحرب الدائرة بين فتح وحماس في قطاع غزة. موضحين أن إسرائيل غير معنية بالتدخل في الصراع في هذه المرحلة كي لا تحمل الطرفين إلى التوحد في مواجهتها. ولكنهم لم يوضحوا في أي مرحلة قد تكون إسرائيل معنية. ولكن الوزير زئيف بويم كان أكثر صراحة حين قال أن "إسرائيل سيتعين عليها التدخل بما يحدث في القطاع إذا تغلبت حماس على فتح". وأوضحت مصادر سياسية إسرائيلية أن الجيش لديه الضوء الأخضر لتنفيذ عمليات تستهدف المقاومين الفلسطينيين "في طريقهم لتنفيذ عملية" وهو ما اتفق على تسميته في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ب(قنابل موقوتة)، معتبرين أن ذلك "لا يتناقض مع سياسة التهدئة". وأوضحت تلك المصادر أنه من الممكن أن تتم الموافقة على عمليات مركزة "موضعية". أما رئيس الوزراء، إيهود اولمرت ووزير الأمن عمير بيرتس التقيا وتبادلا الأفكار حول عملية إيلات والخطوات التي يجب اتخاذها. وفي وقت سابق عقد وزير الأمن جلسة تقييم أوضاع، ودار فيها الحديث عن الحساسية الخاصة في إقدام إسرائيل على نفيذ عملية عسكرية في الوقت الحالي، على خلفية المواجهات بين فتح وحماس في قطاع غزة. ولكن بيرتس أشار إلى الجيش ب "الاستعداد" لتنفيذ عمليات هجومية ضد التنظيمات الفلسطينية. مضيفا أن إسرائيل ستبذل جهدها للحفاظ على "وقف إطلاق النار" ولكن ذلك لن يمنع إسرائيل من إحباط عمليات تستهدفها. يذكر أن عمليات الاغتيال والتصفية والاعتقالات تدخل في السياسة الإسرائيلية ضمن ما تسميه "إحباط عمليات تستهدفها". وقال بيرتس في حديث للتلفزيون الإسرائيلي : " لا أنوي كشف تفاصيل العمليات العسكرية، ولكننا نستعد ويمكننا الرد على كل حدث". وأضاف "سننفذ ذلك بحكمة، سنعرف كيف نسيطر على النقاط، ولكن لا يجب بأي شكل التعامل معهم على أنهم جميعا(الفلسطينيين) متطرفون. وبرأي بيرتس العملية في إيلات هي "تصعيد "، واعتبر أن "هناك أطرافا تحاول نسف وقف إطلاق النار". وهدد بيرتس قائلا أن إسرائيل لن تتهاون مع أي تنظيم.. ولم ينسى أن يقول أن يده ممدودة للسلام. وقد عبرت مصادر عسكرية عن قلقها يوم أمس مما اعتبرته "أوضاع الحدود المصرية" التي تعتبرها مخترقة، ومن التراجع في التغطية الاستخبارية في قطاع غزة. يعترف مسؤولون كبار في الجيش أن المعلومات حول ما يحدث في قطاع غزة محدودة. قائلين "لا يمكن إحباط إرهاب بجهاز تحكم عن بعد. فحينما لا يعمل الجيش في داخل المنطقة ويمنع من تنفيذ اعتقالات، فإن قدرته محدودة على جمع معلومات ذات جودة " وبشأن الحدود "المخترقة": قبل أكثر من سنة بلور الجيش خطة لإقامة "عائق" على طول الحدود الجنوبية بين النقب وسيناء. وقد عرضت الخطة على رئيس الوزراء السابق، أرئيل شارون ولكن لم تخصص لها الميزانيات اللازمة. في الفترة الأخيرة قرر أولمرت دراسة الخطة من جديد، ولكن إمكانية تنفيذها في السنوات القريبة ضئيلة بسبب تكاليفها الباهظة التي تقدر بثلاثة مليارات شيكل.