دشنت منظمة اليونسيف حملة إعلامية للتوعية بمخاطر زيادة تركيز نسبة الفلورايد في مياه الشرب بمنطقة سنحان بالتعاون مع الهيئة العامة لمياه الريف بمحافظة صنعاء . وبحسب مساعد مدير مشروع المياه والإصحاح البيئي بمنظمة اليونسيف سامي سعيد الذي رافق الإعلاميين إلى مديرية سنحان وبني بهلول فان الحملة التي تتبناها اليونسيف تهدف إلى التعريف بحجم المشكلة التي تهدد أطفال المنطقة نظراً لارتفاع نسبة الفلورايد في مياه الشرب بشكل كبير ومؤثر وبدأت آثاره واضحة من خلال إصابة عدد كبير من الأطفال بتأكل الأسنان ولين العظام . مشيراً إلى ضرورة الإسراع في وضع الحلول العملية لهذه المشكلة وإيجاد البدائل الممكنة التي تخفف من تلك الأضرار .. داعيا إلى تعاون كامل من قبل المواطنين وتفهمهم لهذه المشكلة وتنظيم عملية الحفر للآبار. ويؤكد سامي ان الحلول كثيره ومنها وضع فلترات منزلية او إنشاء محطات مركزية ،لكن أسهل تلك الحلول هو خلط المياه المستخرجة من الآبار السطحية مع المياه المستخرجة من الآبار العميقة لتخفيف نسبة تركيز الفلورايد. وقبل تحرك الصحفيين إلى القرى المستهدفه عقد اجتماع تنسيقي للمجلس المحلي بالمديرية وحضره مدير عام مياه الريف بمحافظة صنعاء وخبراء من منظمة اليونسيف ومدير عام مكتب الصحة ، لشرح المشكلة على السلطة المحلية واقتراح الحلول العاجلة للحد من أضرار الفلورايد ، اقر الاجتماع حصر جميع الآبار في المنطقة وإجراء الفحوصات المخبرية عليها لمعرفة نسبة تركيز الفلورايد فيها ووضع علامات على الآبار ذات التركيز العالي تحذر المواطنين من استخدام مياها في أغراض الشرب . كما اقر الاجتماع إنشاء مشروع استراتيجي في منطقة تنخفض فيها نسبة الفلورايد لتزويد قرى مقولة ، شعسان،و شيعان، بالمياه النقية باعتبارها اهم المناطق المتضررة ويعاني عدد كبير من أطفال تلك القرى بتأكل الأسنان والتي تفاوتت بين الاصفرار التأكل ولين العظام . وقال عدد من أبناء قرية مقولة ل"26سبتمبرنت" : ان تعرض الأطفال للإصابة باصفرار وتأكل الأسنان ولين العظام ترك آثار سلبية لديهم ولدى عائلاتهم وخاصة للفتيات. مشيرين إلى بعض الحالات المصابة بلين العظام او تلك التي أصيبت بكسر في العظام وتتأخر في الشفاء. وخلال تجولنا في قرية مقولة شاهدنا عدد من الأطفال المصابين باصفرار وتأكل الأسنان ، استمعنا إلى عد من القصص المؤلمة رواها لنا بعض ممن تضرروا من الفلورايد ،وبرغم رفض عدد كبير منهم السماح لنا بالتقاط صور لأسنانهم وحرجهم من ذلك الا اننا خرجنا من القرية ونحن نتحسر على أطفال بعمر الورد لا ذنب لهم الا أنهم وجدوا انفسهم يشربون مياه تحتوي على تراكيز عالية من عنصر الفلوريدا . ومن تلك القصص المؤلمة حالة الطفل عارف ناصر ذو ال16 عاما والطالب في الصف الأول الثانوي ، والذي دلنا اليه احد أطفال القرية وساعدنا في الوصول إلى منزله . بعد ان نادينا عليه وخرج لنا اخوه الكبير قدمنا له أنفسنا وشرحنا له طبيعة زياراتنا فرحب بنا واستدعى اخيه عارف ليخرج الينا وعلى مضض كشف لنا أسنانه لترتسم البسمة في محياها ونشاهد ماساته مع الفلوريد فأسنانه أصبحت شبه متأكلة وغطت عليها طبقة صفراء لايزيلها اي معجون. ولم تكن تلك قصة عارف فالكساح هو الأخرى ملاصق ليده ورجله اليمنى وبشكل كبير فعظامهما لينه ، ويلاحظ الفرق كبير وواضح مقارنة بيده ورجله اليسرى. يقول عارف انه يجد صعوبة في حمل الأشياء في يده اليمنى حتى أخفها وزنا تؤثر عليه ويشعر بالم ، ودائماً يفضل استخدام يده اليسرى . وبرغم ما يرويه لنا عارف انه تم عرضه على العديد من الاطباء في الداخل والخارج لكن دون جدوى ولم يلاحظ أي تحسن . وكانت دراسة ميدانية يمنية كشفت عن إصابة عدد كبير من أبناء منطقة سنحان بلين العظام وتسوس الأسنان وتأكلها وتزايد معدل الإصابة بالكساح بين الأطفال بسبب ارتفاع نسبة عنصر الفلوريد في مياه الشرب في المنطقة. وأشارت الدراسة إلى ان نسبة إصابة الأطفال دون سن العاشرة بالكساح وتأكل الأسنان مرتفعه فعلى سبيل المثال في قرية الخوعة بمنطقة خولان ،حيث سجل الفريق إصابة 47طفلاً بالكساح بينهم 32من الذكور و15من الإناث التي من مجموع أطفال القرية البالغ 149طفلا . وبينت الدراسة التي أجراها فريق يمني من الهيئة العامة لمياه الريف ان نسبة عنصر الفلوريد كبيرة جداً في مياه الشرب وتتفاوت بين 3-6.5ملي جرام / لتر ،حيث سجلت في أبار مياه الشرب بقرية مقولة 6.5ملي جرام/ لتر ‘ في حين تبلغ في قرية شيعان 5.3مل جرام /لتر،وهو ما اعتبره الفريق كبير ومؤثر على الصحة العامة خاصة إذا ما قورن بالرقم المسموح من قبل منظمة الصحة العالمية الذي يتراوح بين 0.5-1.5مل جرام /لتر. من اكد المهندس علي محمد طاهر نائب مدير إدارة المختبر وصحة البيئة بالهيئة العمة لمياه الريف ان الفحوصات المخبرية التي أجريت على عينات من مياه الشرب في منطقة سنحان تفاوتت بين 3-6.5مل جرام/لتر ..معتبراً ذلك عائد إلى طبيعة التراكيب الجيولوجية للمنطقة أو وجود الصخور التي تحتوي على نسبة عالية من مركبات الفلوريد. وأضاف ان انخفاض منسوب المياه الجوفية ساهم أيضا في ارتفاع نسبة الفلوريد. ويؤكد على طاهر ان جهل المواطنين وعدم إدراكهم لحجم الكارثة سبب في تفاقم المشكلة حيث يلجئون إلى حفر آبار دون إخضاعها للفحوصات المخبرية وبيع الماء للمواطنين ، وكذا إصرار أصحاب الآبار على استمرار تعميق الآبار عند انخفاض منسوب المياه فيها او عند بداية الحفر حتى يتم خرق الطبقة الحاملة.. الامر الذي يساهم في زيادة التركيز.