شنت الجماعة الاسلامية في مصر هجوما حادا على حركة طالبان الافغانية، وحملت سياسة قائدها الملا عمر المسؤولية عن ضياع أفغانستان، فيما أكد القيادي في الجماعة ناجح ابراهيم ان أولى الغايات التي كان يجب على الملا عمر أن يسعى إلى تحقيقها هي توحيد الجبهة الداخلية، غير انه سار في الاتجاه المعاكس. وقال ابراهيم ان التركيبة الديموغرافية والتباين العرقي والطائفي للمجتمع الافغاني كان يملي على طالبان والملا عمر ادراج توحيد الجبهة الداخلية على رأس اولوياته، وكان من الممكن بشيء من الفطنة احتواء واستيعاب كافة الفصائل خاصة الشمالية المعارضة تحت لوائه سواءً بمنحهم بعض الحقائب الوزارية أو مميزات الحكم الإقليمي, أو الولايات أو بأي صورة من صور الترضية لضمان ولائهم وانتمائهم إلا أنه لم يفعل شيئا ًمن ذلك بل ناصبهم العداوة وشن ضدهم حربا ً مستعمرة أنهكت قواه الاقتصادية وشعبت اهتماماته ومزقت جهوده. وفي المقابل لم يجد قادة هذه الفصائل مفرا ًمن الارتباط بمن يعاونهم عسكريا ًولوجستيا ً في حربهم ضد حكومة طالبان.. الشيعة إلى إيران, والطاجيك إلى طاجيكستان, والأوزبك إلى أوزبكستان, بل ولجأ بعضهم إلى التعاون مع الروس " عبد الرشيد دوستم " لإلحاق الضرر بحكومة طالبان ولم يجد الروس أدنى غضاضة في دعمهم بكل قوة ثأرا ً لما لحقهم من هزيمة نكراء على أرض أفغانستان. وانتقد إبراهيم في مقاله الذي بثه موقع الجماعة على شبكة الانترنت، استثارة طالبان العالم بأسره في قضايا المرأة وعملها وخروجها من البيت وكذلك التعليم والاعلام، مشيراً إلى أنه كان بإمكان طالبان تدبير الأمور بشيء من الحكمة مع مراعاة معطيات المجتمع الدولي وضغوطه كما فعلت ايران في قضية المرأة. وقال ابراهيم: " لم يكن لائقا ولا مشروعا حجر تعليم النساء رغم حاجة المجتمع إلى معلمات وطبيبات وقابلات وممرضات مما يدخل في حكم الضروريات أحيانا والمباحان أحيانا". وأضاف: " كما جانب التوفيق طالبان في مسألة التعليم والمرأة خاصمها أيضا التوفيق في مجال الإعلام والتلفاز لشيوع انتشاره وقلة تكلفته وسهولة التعامل معه، وبدلا من توظيف هذا الجهاز السحري الفعال في خدمة الدين ونشر الإصلاح فوجئنا وفوجئ العالم أجمع برجالات طالبان يقتحمون المنازل ويقبضون على أجهزة التلفاز ويحطمونها في تصرف عجيب مشين حقا". كما انتقد ابراهيم عدم فطنة طالبان في التعامل مع خصومها، فهي لم تحسن معاملة الدول الثلاث التي اعترفت بها ( السعودية.. باكستان..الإمارات )، وليس أدل على ذلك أيضا من أن مقعد أفغانستان في الجمعية العامة للأمم المتحدة ظلت تشغله حكومة رباني المخلوعة.. رغم سيطرة طالبان على 95% من أراض أفغانستان.. ورغم هذا كلمة لم تفطن طالبان إلى خصومها الكثر بل ولم تحسن معاملة الدول الثلاث التي جازفت بالاعتراف بها. وتابع، أن الطامة الكبرى والمصيبة العظمى التي وقع فيها الملا عمر و التي تدل على عدم صلاحيته للقيادة وأنه لا يصلح إلا كفقيه أو خطيب فهي أنه وضع باكستان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أمام خيارين لا ثالث لهما.. أولهما: إما أن تؤيد باكستانأفغانستان في موقفها فيتم تدمير الاثنين معا ً بواسطة التحالف الذي قادته أمريكا. وثانيهما: وإما أن تقوم باكستان بمؤازرة أمريكا في تدميرها لطالبان وأفغانستان وفي الحال وعلى وجه السرعة اختارت باكستان الخيار الثاني ودمرت بنفسها طالبان التي أنشأتها ودعمتها وساندتها في حكم أفغانستان وكانت بذلك كالتي اضطرت أن تقتل وليدها وتزهق روحه وهي تبكى حزنا عليه. قال ابراهيم: "كانت أولى أخطاء الملا عمر – حفظه الله – أنه قاد دولة أفغانستان بنفس العقلية التي كان يقود بها جماعة طالبان, ففرق كبير وبون شاسع بين قيادة الدول وقيادة الجماعات وهذا أمر لم تبد له انعكاسات على تصرفات الملا عمر". لقد كانت سياسته تصلح لقيادة جماعة طالبان, أما قيادة الدول فالأمر جد مختلف وهذا ليس قدحا في شخصية الملا عمر ولكن قيادته المسلمين تحتاج إلى مؤهلات كثيرة وليس فقط التقوى والزهادة.. ثم كان الخطأ الثاني الذي وقع فيه الملا عمر عندما أهمل الاهتمام بالشعب الأفغاني صحيا وتعليميا واجتماعيا واقتصاديا.. الخ ولم يهتم برفع معدلات التنمية – المنعدمة أصلا – لشعب يصنف في خانة اشد دول العالم فقرا. واتخذت السلطات الأفغانية موقفا متشددا من المرأة فألغت وجودها وضيعت حقوقها التي كفلها لها الإسلام. أما ثالثة الأثافي والخطأ الاستراتيجي القاتل الذي أودى بالدولة وبطالبان فهو ما قام به الملا عمر بربط مصيره ومصير الدولة بل ومصير شعب بأسره بمصير تنظيم القاعدة وقائده أسامة بن لادن. بعد سقوط الجمهورية الديموقراطية الأفغانية المدعومة من قِبل الإتحاد السوفييتي في عام 1992، تردّت الأوضاع في أفغانستان وشاع قانون الغاب بين القوى الأفغانيّة المتناحرة. في ربيع 1994، وُلدت جماعة طالبان والذين كانوا لايتجاوزون ثلاثين رجلا بزعامة الملا عمر بعد قيامهم بتخليص فتاتين اختطفا عند إحدى نقاط السيطرة التّابعة لأحد الفئات الأفغانيّة المتناحرة في قرية "سانج هيسار" قرب مدينة "قندهار"، واستطاعوا إضفاء نوع من العدالة والأمن بين القرويين الذين كانوا في أمس الحاجة لهذه الأفعال البطولية. فرّ الملا عمر بعد هذه الحادثة إلى "بلوشستان" الواقعة في باكستان وعاود الظّهور مرة أخرى في أفغانستان في الخريف إلا أنه هذه المرة كان مدجّجاً ب 1500 من الرّجال المسلحين والهدف من هذا العتاد كان لتوفير الحماية لقوافل التّجار الباكستانيين لعبور الأراضي الأفغانية مروراً إلى تركمانستان. إلا أن التقارير كانت تفيد أن هذه القوافل لم تكن إلا مقاتلين باكستانيين متخفّين كقوات طالبان. بهذا، تكون طالبان قد تلقّت دعما ماديّاً، عتاديّاً، والتّدريب اللازم من الباكستانيين. بعد التمكن من السيطرة على قندهار وما حولها، هاجمت طالبان قوات إسماعيل خان المتمركزة في غرب البلاد وتمكنت من السيطرة على مدينة "هيرات" في 5 سبتمبر 1995. وفي شتاء نفس العام، حاصرت طالبان العاصمة "كابول" وأطلقت الصواريخ على المدينة وقطع الطرق التجارية المؤدية إلى مدينة كابول مما إستدعى من كل من رئيس أفغانستان برهان الدين رباني وقلب الدين حكمتيار المتناحرين التّوقف عن القتال فيما بينهما وتوحيد الصّفوف في مواجهة العدو المشترك طالبان. في 26 سبتمبر 1996، ترك حكمتيار وربّاني كابول العاصمة واتّجها شمالاً وتخليا عنها لتقع في يد طالبان التي تسلمت مقاليد الأمور في العاصمة وأنشأت إمارة أفغانستان الإسلامية اعترفت باكستان بحركة طالبان كحكومة شرعية في أفغانستان وتلتها السعودية في اليوم التالي وآخر المعترفين في حركة طالبان كممثّل شرعي في أفغانستان كان الإمارات العربية المتحدة. لم يعترف باقي العالم بحركة طالبان كممثل شرعي في أفغانستان إلا الدول الثلاث آنفة الذّكر ومن ضمن الذين لا يعترفون بحركة طالبان كممثل شرعي هو منظمة الأممالمتحدة التي كانت لاتزال تنظر إلى "رباني" كرئيس لأفغانستان رغم علم المنظمة بقلة حيلة رباني في السيطرة على زمام الأمور. في 22 سبتمبر 2001 ونتيجة ضغوط دولية من أطراف عديدة سحبت كل من السعودية والإمارات اعترافهما بحكومة طالبان مما ترك باكستان الدولة الوحيدة التي تعترف بحكومة طالبان. وفي أكتوبر من العام 2001، قامت الولاياتالمتحدة مدعومة من قبل بلدان أخرى بغزو أفغانستان لرفض حركة طالبان تسليم أسامة بن لادن وقامت قوات تحالف الشمال بخوض المعارك البرية وتم إستبعاد حركة طالبان من دفّة الحكم.