قررت 16 دولة عربية مدعوة إلى مؤتمر أنابوليس الدولي للسلام في الشرق الأوسط حضور هذا المؤتمر الثلاثاء المقبل لإثبات رغبة العرب "الجدية" في السلام واختبار نوايا إسرائيل، لكن سوريا لم تحسم موقفها من المشاركة بعد، رغم إدراج الجولان على جدول أعمال المؤتمر. وأكد وزراء خارجية وممثلي الدول ال 16 في بيان أصدروه إثر اجتماعات الخميس والجمعة في مقر الجامعة العربية في القاهرة أنهم "قرروا قبول الدعوة لحضور مؤتمر أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط على مستوى وزاري للبحث في عملية السلام، وذلك في إطار المرجعيات المتمثلة في قرارات الشرعية الدولية وخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية". وأعلن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أنه سيحضر شخصيا اجتماع أنابوليس، وكذلك موسى. وقال الوزير السعودي "لا أخفى سرا أنني كنت مترددا حتى اليوم، ولولا الإجماع العربي خلال اجتماعات اللجنة اليوم لما قررت المملكة العربية السعودية الذهاب إلى أنابوليس". وتابع "نحن ذاهبون بجدية ونأمل أن نقابل بنفس الجدية والمصداقية، لن نذهب لنصافح أو نبرز عواطف لا نشعر بها، ولكن نحن هناك فقط للوصول إلى سلام يحفظ الحقوق العربية ويحفظ لفلسطين وسوريا ولبنان أراضيهم". ونفى الفيصل أن يكون حضور بلاده لمؤتمر أنابوليس تطبيعا للعلاقات مع إسرائيل، مؤكدا أن "التطبيع مع إسرائيل تحكمه المبادرة العربية ويتبع السلام الشامل بعد الانسحاب الكامل من الأراضي العربية". وأكد موسى "سنذهب إلى المؤتمر بموقف عربي موحد لإثبات جدية الجانب العربي في التوصل إلى سلام شامل وعادل على كافة المسارات". وأكد الأمين العام أن العرب سيشاركون في المؤتمر للتفاوض وليس من أجل التطبيع مع إسرائيل. وأوضح الفيصل أن قرار المشاركة العربية اتخذ لاختبار نوايا إسرائيل، وقال "سنحضر لنقطع الشك باليقين، فإن كانت هناك جدية من جانب إسرائيل سوف تكون هناك جدية من الجانب العربي، وإن لم يكن فليس هناك سيوفا مصلتة على رؤوسنا لنقبل ما لا نريده". وشدد الفيصل على أن العرب "سيذهبون إلى أنابوليس ككتلة واحدة بموقف عربي موحد، ولن يكون هناك انقسام في الموقف العربي". وشارك في اجتماع الجامعة العربية وزراء خارجية وممثلي الدول ال16 التي وجهت إليها الولاياتالمتحدة دعوات رسمية وهي الأردن والإمارات والبحرين وتونس والجزائر والسعودية والسودان وسوريا وسلطنة عمان وفلسطين وقطر ولبنان ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن. ودعت واشنطن قرابة أربعين دولة إلى هذا الاجتماع، الذي يستهدف أساسا إطلاق مفاوضات فلسطينية- إسرائيلية حول تسوية نهائية تكفل قيام دولة فلسطينية مستقلة. وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي شارك في جزء من الاجتماعات الجمعة فشل المفاوضين الفلسطينيين في التوصل إلى وثيقة مشتركة كان يفترض أن تعرض على اجتماع أنابوليس. وقال عباس في كلمة أمام الوزراء العرب "كنا نريد من مفاوضاتنا مع إسرائيل أن نتوصل إلى وثيقة مشتركة، لكن مع الأسف لم نتمكن من صياغتها وإجمالها؛ لأن كل طرف له وجهة نظر ويريد تثبيت موقفه، وبصراحة إسرائيل كانت تريد تحقيق مكاسب، وقد رفضنا ذلك". وكانت رايس أعلنت الأربعاء أن الفلسطينيين والإسرائيليين تراجعوا عن عرض وثيقة مشتركة على الاجتماع. وقالت إن الفلسطينيين والإسرائيليين "قرروا الانتقال مباشرة إلى المفاوضات بدلا من محاولة التوصل إلى وثيقة انتقالية، كنوع من إعلان المبادئ، الذي يمكن أن يضعف موقف المتفاوضين". لكن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات حذر من أنه لا ينبغي "رفع سقف التوقعات من هذا الاجتماع". وقال "المرحلة المقبلة صعبة ومعقدة، وبصراحة صوت الجرافات الإسرائيلية ما زال أعلى من صوت البيانات السياسية" في إشارة إلى استمرار الاستيطان الإسرائيلي. وفي تطور متصل، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن الولاياتالمتحدة وافقت على إدراج مرتفعات الجولان المحتلة على جدول أعمال مؤتمر أنابوليس للسلام، لكن سوريا ستقرر ما إذا كانت ستحضر عندما تتلقى جدول أعمال الاجتماع. وفي وقت سابق، قال المعلم للصحفيين "إن وزراء الخارجية العرب المجتمعين في القاهرة لبحث مشاركة بلادهم في الاجتماع، بعثوا رسالة عاجلة إلى الإدارة الأمريكية، تتضمن طلبا بإدراج قضية هضبة الجولان السورية المحتلة صراحة على جدول أعمال المؤتمر وبيانه الختامي، حتى تتمكن سوريا من المشاركة فيه". وأعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس الأربعاء عن وضع بند حول "السلام الشامل" في الشرق الأوسط على جدول أعمال الاجتماع، ولكنها لم تشر صراحة إلى الجولان، مشيرة إلى أن الاجتماع لن يقتصر على الملف الفلسطيني الإسرائيلي. وقالت الحكومة السورية مرارا أنها لن تحضر مؤتمر أنابوليس إلا إذا كانت مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967 مدرجة على جدول الأعمال. دعت حركة حماس، الجمعة الدول العربية التي اعلنت مشاركتها على المستوى الوزاري في اجتماع انابوليس الى عدم تطبيع علاقاتها مع اسرائيل وعدم تقديم اي "تنازل". وقال ايمن طه المتحدث باسم حماس ان حركته كانت تأمل "الا تشارك الدول العربية لان مشاركتها ستقدم هدية مجانية من خلال التطبيع وستعطي مزيدا من الاهمية للعدو". واضاف "دعوتنا موجهة الى الدول العربية الا يمدوا ايديهم للتطبيع مع العدو وان يبقى الصراع قائما الى حين انتهاء الاحتلال"، وان حماس تدعو الدول العربية ايضا الى "عدم التنازل عن اي من الثوابت الفلسطينية ورفع الحصار المفروض عن الشعب الفلسطيني". واوضحت حماس ان قرار الدول العربية المشاركة في الاجتماع "لا ينتقص من مساندة الدول العربية لحركة حماس ولا يقلل من وقوف العرب الى جانب الحقوق الفلسطينية". وفي المقابل، أشادت اسرائيل بإعلان الدول العربية المشاركة على مستوى وزراء الخارجية في انابوليس ووصفت القرار بانه "ايجابي" و "هام". وقال مارك ريغيف المتحدث باسم الخارجية "نحن نعتبر ان مشاركة عربية واسعة في اجتماع انابوليس تشكل امرا هاما يمكن ان يكون ضمانة لنجاح هذه المبادرة". واضاف "ان اي تحرك للعالم العربي لدعم مسيرة المصالحة الاسرائيلية الفلسطينية هو تحرك ايجابي. ونحن نأمل ان نرى انخراطا عربيا هاما في هذه المسيرة، ومن الواضح ان السلام يتطلب مبادرات هامة سواء من جانب اسرائيل او من العالم العربي". من جانبها قالت ميري ايسين المتحدثة باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت "نحن سعداء بهذه المشاركة العربية الواسعة التي تترجم دعما من دول الشرق الاوسط لمسيرة السلام الاسرائيلية الفلسطينية".