كشف وزير الداخلية الصومالي محمد محمود جوليد (جعمديرى) النقاب عن وجود قياديين من تنظيم القاعدة فروا إلى الصومال، لافتا إلى أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التابعة للسلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي عبد الله يوسف تسعى لتعقب أثر هؤلاء واعتقالهم فى أقرب فرصة، وقال جعمديرى الذي يعني اسمه باللغة الصومالية (ذي اليدين الطويلتين) أن لديه معلومات موثقة فى هذا الإطار، لكنه رفض الإفصاح عن مصدرها، مكتفيا بالتأكيد على أن حكومته لن تتوان عن اعتقال هؤلاء ومحاكمتهم بتهمة تهديد الأمن والاستقرار.وكشف جعمديرى النقاب فى مقابلة خاصة مع "العربية. نت" عبر الهاتف من مقر السلطة الانتقالية المؤقت بمدينة بيداوة التي تبعد 240 كيلومترا جنوب العاصمة الصومالية مقديشيو، عن أن بعض قيادات تنظيم القاعدة تتحرك بالتنسيق مع حركة شباب المجاهدين المتشددة وبقايا تنظيم المحاكم الإسلامية الذي تعرض للهزيمة على أيدي القوات الإثيوبية والصومالية المشتركة نهاية العام الماضي.وطالب وزير الداخلية الصومالي الدول العربية والإسلامية بالإسراع فى تقديم مساعدات مالية ولوجستية عاجلة إلى حكومته لتمكينها من بسط سيطرتها على كافة الأراضي الصومالية واحتواء ما وصفه بخطر الإرهابيين الدوليين، ولفت إلى أن وزارة الداخلية الصومالية على سبيل المثال تعاني نقصا شديدا فى المعدات والأجهزة التقنية التي تمكنها من تعقب أثر إرهابيي تنظيم لقاعدة والمحسوبين على مختلف جماعات المعارضة المسلحة فى البلاد.وقال "نعمل فى ظروف صعبة للغاية، وبأدوات محدودة وإذا لم يقدم لنا المجتمع الدولي المساعدات المطلوبة سينتصر الإرهابيون ويتحول الصومال إلى ملاذ آمن لجميع الحركات الإرهابية فى العالم، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر شديدة لمستقبل الوضع السياسي والاستراتيجي ليس فقط في منطقة القرن الإفريقي ولكن أيضا في العالم العربي". ولفت جعمديرى الذي يبدو أنه سيحتفظ بمنصبه في الحكومة الصومالية التي ينتظر أن يعلن رئيسها الجديد نور حسن حسين "نور عدى" عنها خلال اليومين المقبلين، إلى أنه يخوض حربا شرسة ضد من أسماهم بالإرهابيين الذين يسعون لاختطاف الصومال وتحويله إلى رهينة سياسية لتحقيق أهدافهم الخبيثة على حد تعبيره.وتتزامن تصريحات المسؤول الصومالي مع معلومات استخباراتية وأمنية ترددت أمس بقوة بشأن قيام حركة شباب المجاهدين بإعادة تنظيم صفوفها في منطقة حدودية قريبة من إثيوبيا، تمهيدا لشن المزيد من الهجمات ضد القوات الصومالية والإثيوبية. وقالت مصادر صومالية مطلعة ل"العربية. نت" "إن قرية ابالو الواقعة بين إقليمى باكول وباى جنوب غرب الصومال تشهد تحركات مكثفة لعناصر من ميلشيات مسلحة يعتقد أنها تابعة لحركة شباب المجاهدين".ورصدت المصادر وجود كلا من آدم حاشى عيرو "أبو محسن الأنصارى" قائد حركة شباب المجاهدين ومختار على روبو "أبو منصور" الناطق الرسمي باسم الحركة فى صفوف هذه العناصر، وهو ما يعني وفقا لنفس المصادر أن الحركة تستجمع قواها لشن سلسلة جديدة من العمليات على طريقة حرب العصابات ضد التواجد العسكري الأثيوبى الداعم للسلطة الصومالية.يشار إلى أن عيرو وأبا منصور تلقيا تدريبات مطلع التسعينات في معسكرات تابعة لتنظيم القاعدة في أفغانستان، وكلاهما مدرج على لائحة الإدارة الأمريكية والأمم المتحدة بأهم المطلوبين للاعتقال بتهمة تورطهم في أنشطة معادية للمصالح الأمريكية والإثيوبية، والانتماء إلى تنظيم القاعدة في منطقة القرن الإفريقي.وكان عيرو قد دعا مجددا الأسبوع الماضي "المجاهدين في العالم" إلى القدوم إلى الصومال للجهاد ضد ما أسماه بالصليبية العالمية، وحث في رسالة صوتية نادرة الشعب الصومالي على الجهاد ضد إثيوبيا التي وصفها بالعدو المحتل.وبعدما توعد مسؤولي السلطة الانتقالية الصومالية، وقال "لن يهدأ لهم بال ما كان فينا عرق بنبض"، أعلن عيرو الحرب على القوات الأوغندية وحث مقاتليه على استهدافها، معتبرا ألا فرق بين الأوغنديين والإثيوبيين والأمريكيين. وأضاف "لنقتل جنودهم وضباطهم وديبلوماسييهم ونحرق عرباتهم وندمر دباباتهم وأقول لإخواني ضعوا فى طليعة أهدافكم الأولية قتل المحتلين الأوغنديين"، وأشار إلى أن إثيوبيا كانت تتصرف فى الصومال بشكل غير مباشر منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع محمد سياد بري عام 1991، إلا أنها أدخلت قواتها ودباباتها بشكل مباشر تحت مبرر أن فى الصومال نشاطات إرهابية أو مجموعات أصولية. واعتبر أن إثيوبيا فشلت فى هدف حملتها العسكرية، لافتا إلى أن الجيش الإثيوبي لجأ فى المقابل إلى شن إبادة جماعية ضد الشعب الصومالي الأعزل، واستهل عيرو رسالته بتوجيه التحية إلى من وصفهم بقادة الجهاد وسمى منهم تحديدا أسامة بن لادن والقادة في العراق وأفغانست والشيشان.يشار إلى أن عناصر من القوات الأمريكية المتمركزة في جيبوتي وإثيوبيا، تمارس نشاطا محموما وسط أجواء من التكتم والسرية لمطاردة عناصر إسلامية صومالية تتهمها أجهزة المخابرات الأمريكية والإثيوبية بالاحتفاظ بعلاقات لوجستية مع تنظيم القاعدة كما تحملها المسؤولية عن سلسلة من العمليات الإرهابية والتفجيرات التي اجتاحت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين عامي 1995 و1997.وتحتفظ الولاياتالمتحدة بتواجد عسكري في منطقة القرن الإفريقي قوامه أكثر من ألفين من عناصر قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) بالإضافة إلي القوات الخاصة، علما بأنها تفرض منذ أحداث الحادي عشر من شهر سبتمبر/أيلول عام 2001، حملة رقابة مشددة على كافة السواحل الصومالية في منطقتي المحيط الهندي والبحر الحمر بمساعدة تسع دول غربية من بينها بريطانيا وفرنسا وأستراليا للحيلولة دون تسلل أي عناصر إرهابية إلي الأراضي الصومالية. وسبق لعدة وفود أمنية وسياسية أمريكية أن قامت على مدى السنوات الأربع الماضية بعدة زيارات سرية وعلنية إلى مناطق متفرقة من أنحاء الصومال للتأكد من معلومات استخباراتية بشأن وجود معسكرات لإيواء وتدريب الإرهابيين، غير أن الولاياتالمتحدة لم تقدم دليلا رسميا حتى الآن على صحة مزاعمها في هذا الصدد.ونفت الحكومة الصومالية بشكل متكرر هذه المزاعم الأمريكية، بيد أنها حذرت من أن استمرار الفوضى السياسية في البلاد وتجاهل المجتمع الدولي لدعم عملية المصالحة الوطنية الشاملة من شأنه أن يحول الصومال إلى ملاذ آمن للإرهابيين. وتقول الإدارة الأمريكية "إن غياب حكومة مركزية قوية في الصومال تستطيع فرض سيطرتها على كامل الأراضي الصومالية يغري العديد من المنظمات الإرهابية المناوئة للمصالح الأمريكية على اعتبار الصومال ملاذا آمنا في مواجهة الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب".المصدر/العربية نت