دعا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إلى رفع الحصار المفروض على قطاع غزة والسلطة الفلسطينية، في حين أعلنت حركة حماس التي تسيطر على القطاع أنها تدرس اتفاقا لوقف إطلاق النار مع إسرائيل إذا رفعت الأخيرة الحصار وأوقفت عملياتها العسكرية. وأعرب كوشنير عن أمله في إقامة الدولة الفلسطينية خلال العام الحالي، داعيا الفلسطينيين والإسرائيليين في مقابلة مع صحيفة (القدس) الفلسطينية إلى الالتزام بما تم الاتفاق عليه في مؤتمر أنابوليس للسلام من أجل تغيير الوضع الميداني. وأضاف أن على إسرائيل تجميد الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدس الشرقية، وإزالة المستوطنات، وإعادة فتح المؤسسات التي أغلقتها في القدس، وأشار كوشنير إلى أن على الفلسطينيين أيضا مكافحة ما أسماه بالحركات الإرهابية والعمل على إصلاح أجهزة الأمن حتى تكون أكثر فعالية، وتعهد باستمرار تقديم بلاده المساعدات للفلسطينيين التي ستصل خلال العامين المقبلين إلى 300 مليون دولار. وأوضح وزير الخارجية الفرنسي أن ضمان حرية التنقل في الضفة الغربية يعتبر شرطا أساسيا ومهما لتحقيق انتعاش اقتصادي، مطالبا بإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة. ودعا الدول المانحة إلى تسديد التزاماتها التي وعدت بها خلال مؤتمر باريس الاقتصادي. وعلى الصعيد الميداني قتل 8 فلسطينيين في غارة إسرائيلية استهدفت منزل قائد عسكري في الجهاد الإسلامي بينهم زوجته وابنته، وأصيب نحو 50 بجروح في مخيم البريج المكتظ وسط قطاع غزة ليل الجمعة، كما أكدت مصادر طبية. وأكد الطبيب معاوية أبو حسنين مدير عام الإسعاف في وزارة الصحة أن الغارة استهدفت منزل أيمن الفايد -42 عاما- الذي قتل مع زوجته مروة أبو زايد -37 عاما- وطفلته بسمة ابنة الثلاث سنوات، في حين أصيب أطفاله الأربعة الباقون بجروح ومن بينهم أيوب الذي وصفت إصابته بالحرجة، وأكد الطبيب أن سبعة من الجرحى "في حال حرجة أو خطيرة". ونقل الجرحى وبينهم نحو 20 طفلا على الأقل إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع، ومستشفى الشفاء في مدينة غزة، وأكدت المصادر الطبية أن جميع الجرحى من المدنيين. وكانت حال من الفوضى سائدة في المشفيين؛ حيث امتلأت غرف الطوارئ بالجرحى الذين كان يعالج عدد كبير منهم على الأرض بعد أن امتلأت كافة الأسرّة بالضحايا. وقال "أبو أحمد" المتحدث باسم سرايا القدس "إن أيمن الفايد أحد القادة البارزين في سرايا القدس هو الذي تم اغتياله من قبل العدو الصهيوني"، متوعدا بالثأر لمقتله. وأضاف الناطق باسم سرايا القدس أن الاحتلال الإسرائيلي فقد بوصلته وقصف منزلا مدنيا وسط حي سكني وهو يضرب الأطفال والنساء في دليل على فشله في التصدي للمقاومة ووقف صواريخها.. وعليه أن ينتظر الرد". وتوعد مسؤولون في حماس والجهاد الإسلامي عادوا الضحايا في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع، "لا تمر هذه الجريمة دون عقاب". وقال الناطق باسم حماس سامي أبو زهري في بيان "إن حركة حماس تنظر بعين الخطورة لهذا التطور الخطير باستهداف الاحتلال أحد البيوت السكنية بقذائف طائرات إف-16 الحربية.. هذه الجريمة تفتح الصراع مع الاحتلال على مصراعيه وهذه الجريمة لن يقف شعبنا الفلسطيني مكتوف الأيدي أمامها وسيدفع الاحتلال ثمنها باهظا". وفي مخيم البريج، كانت طواقم الإسعاف والدفاع المدني تبحث تحت الأنقاض عن ضحايا محتملين في شرق المخيم، الذي انقطع التيار الكهربائي عن قسم كبير منه. وأكد سكان في الحي المستهدف أن كل أفراد أسرة الفايد الذين كانوا داخل المنزل قتلوا أو جرحوا إثر انفجار الصاروخ، الذي أطلقته الطائرة الإسرائيلية، وأدى إلى تدمير المنزل وألحق أضرارا تدميرية في 10 منازل ملاصقة له في المخيم المكتظ. وإثر الغارة، تجمع مئات الفلسطينيين أمام مستشفى شهداء الأقصى إلى حيث نقل الضحايا، ورددوا هتافات تدعو للثأر والانتقام، في حين كانت سماء القطاع تشهد تحليقا مكثفا للمروحيات الحربية الإسرائيلية. وردا على سؤال، نفت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي حدوث الغارة قائلة "لم ننفذ أية عملية الجمعة في قطاع غزة (..) لا علاقة لنا بما حصل في البريج هذا المساء". وكثفت إسرائيل خلال الفترة الماضية بالغارات على قطاع غزة الذي تفرض عليه حصارا مطبقا منذ ال17 من يناير/كانون الثاني، وقلصت كمية الوقود التي تسمح بدخولها إليه ردا على إطلاق صواريخ محلية على إسرائيل. وهدد مسؤولون إسرائيليون هذا الأسبوع "بتصفية" قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع، في الوقت الذي تتردد فيه إسرائيل في تنفيذ عملية برية واسعة. وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي الإثنين "إن الجيش استعد ومستعد لتوسيع عملياته وفقا للقرارات المتخذة". وقال رئيس اللجنة البرلمانية لشؤون الخارجية والدفاع تساحي هنغبي "ينبغي الإطاحة بنظام حماس والقضاء على قوتها العسكرية وتصفية جميع قادتها بلا تمييز مصطنع بين أولئك الذين يزنّرون أنفسهم بمتفجرات، وأولئك الذين يرتدون ثوبا دبلوماسيا". وردت حماس على هذه التهديدات متوعدة بأن إسرائيل ستدفع ثمنا غير مسبوق إذا أقدمت على أية حماقة من هذا النوع". ومخيم البريج هو أصغر المخيمات الثمانية في قطاع غزة، ومن أكثر مخيمات اللاجئين اكتظاظا ويقع إلى الجنوب من مدينة غزة وسط القطاع. وقطاع غزة من أكثر مناطق العالم كثافة ويعيش فيه 1,5 مليون فلسطيني في ظروف حياتية قاسية في مواجهة الفقر وأعمال العنف. وارتفع الجمعة إلى 6140 عدد القتلى منذ سبتمبر/أيلول 2000 في أعمال العنف في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، ومعظمهم من الفلسطينيين.