لجأت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية إلى ما وصفته "إجراء طارئ" الجمعة، وحظرت المستثمرين مؤقتاً من بيع الأوراق المالية المستأجرة ل 799 شركة مالية. الحظر المؤقت الذي يهدف إلى استعادة قيمة أسعار الأسهم المتهاوية التي زعزعت الثقة في الأسواق المالية، يبدأ سريانه مباشرة. وتعتبر عملية الأوراق المالية المستأجرة أو ما يعرف بمصطلح " Short Selling " أحد الآليات التي يلجأ إليها المضاربون الذين يقومون ببيع أوراق مالية لا يتملكونها أساساً بسعرها السوقي، وذلك بعد القيام باستئجارها من مستثمرين آخرين، ثم القيام بشرائها من السوق بعد أن ينخفض سعرها، ويكون الفارق ما بين صافي قيمة بيع تلك الأوراق المالية المقترضة، وتكلفة إعادة شرائها بغرض سداد هذا القرض بمثابة الأرباح الرأسمالية التي تتحقق للمضاربين باستخدام تلك الأداة. وفي بيان قال رئيس اللجنة كريستوفر كوكس "اللجنة ملتزمة باستخدام كل سلاح ممكن في ترسانتها لمواجهة تلاعب الأسواق التي تهدد المستثمرين ورؤوس أموال الأسواق." وأضاف أن الإجراء المؤقت سيعيد التوازن إلى الأسواق. وأوضح فوكس أن الإجراء هو واحد من عدة إجراءات تتخذها الحكومة الأمريكية لإعادة الثقة وتفعيل الأسواق المالية. الحكومة الاتحادية تعكف على برنامج لاحتواء الأزمة المالية تعكف الحكومة الاتحادية الأمريكية وفي محاولة تعتبر الأكثر شمولية ربما لاحتواء الأزمة المالية، على وضع برنامج لمساعدة المصارف بالتخلص من الأصول المرتبطة بالرهن العقاري التي يصعب بيعها للمؤسسات المالية. والخميس قام وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسون ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) بن بيرنانكه بإيجاز قادة الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ إزاء هذا المخطط. وقال بولسون في مؤتمر صحفي في أعقاب الاجتماع "جذور مشكلة البيع بأسعار مخفضة في أسواق المال هو التصحيح في سوق العقارات وما يحدث إزاء تراجع الأسعار في هذه السوق." بوازاة ذلك أعلنت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي أن المشرعين يتوقعون استلام اقتراح من وزارة الخزانة إزاء هذا المقترح في غضون ساعات قائلة: "نأمل أن نتحرك بسرعة، الوقت هو الجوهر.." من جهته قال النائب الديمقراطي بارني فرانك رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأمريكي أنه يعتقد أن التشريع المقترح سيتم تفعيله ابتداءا من الأسبوع المقبل. إعلان بولسون وبيرنانكه هو الأحدث في سلسلة أحداث متسارعة في الأيام الستة الأخيرة التي هزت بورصة وول ستريت عقب الأزمة المصرفية التي أطاحت باثنين من كبرى المؤسسات، ميريل لينش وليمان برذرذ، بالإضافة إلى ضخ 85 مليار دولار بشكل قرض حكومي لكبح انهيار عملاق شركات التأمين AIG . في الغضون تكافح المؤسسات المالية لاستقطاب سيولة أو إيجاد شريك للإندماج بسبب وقف الإقراض وتراجع ثقة المستثمرين نتيجة انهيار أسواق الرهن العقاري. وكانت التكهنات بأن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تعمل على خطة شمولية لحل الأزمة قد دفعت بأسهم وول ستريت صعوداً حيث أقفل مؤشر داو جونز عند ارتفاع بلغ 410 نقاط الخميس. وقال مصدر على مقرب من المباحثات حول الأزمة لشبكة CNN إن وزارة الخزانة الأمريكية تبحث ومنذ "عدة أشهر" مبدأ قيام وكالة تتحمل الديون المتعثرة في المؤسسات المالية. يُذكر أن الحكومة الاتحادية وفي وضع سابق مماثل كانت قد لجأت لخطط مشابهة لإنقاذ القطاع الخاص في الثلاثينيات من القرن الماضي. وكان الاحتياطي الفيدرالي قد قرر ليل الثلاثاء عدم تعديل أسعار الفائدة، وتثبيتها عند مستوى اثنين في المائة، وذلك رغم مطالبة بعض الأوساط بخطوة مماثلة لتشجيع ضخ السيولة في الأسواق. ومع أن القرار كان موضع جدل إبان اتخاذه، غير أن القرار بدعم AIG من جهة، وأهمية إعطاء المستثمرين الانطباع بأن الاقتصاد سيصمد ولن يهتز بفعل انهيار "ليمان براذرز" ساعد على تقبل خبراء الاقتصاد له. كما شرع المصرف المركزي الأمريكي وخمسة مصارف مركزية عالمية بجهد مشترك الخميس لتهدئة أسواق المال العالمية ودفعها نحو الاستقرار، بعد أن اقتربت من حافة الانهيار على إثر انهيار مجموعة من المصارف المؤسسات الأمريكية والبورصات الآسيوية، وهروب المستثمرين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خشية الانهيار التام. واتفقت المصارف المركزية الستة على ضخ سيولة نقدية كبيرة في أسواق المال، ودعم المصرف المركزي الأمريكي (الاحتياطي الفيدرالي) بما يمكنه من دعم المصارف الأمريكية التي يتهددها الإفلاس وانهيار أسهمها. وبلغ حجم الاتفاق الكلي 247 مليار دولار، مصدرها المصرف المركزي الأوروبي والمصرف الوطني السويسري والمصرف المركزي البريطاني والمصرف المركزي الكندي والمصرف المركزي الياباني. ويمثل تدفق الأموال من هذه المصارف في دفعها في أسواق المال وتغذية النشاط الاقتصادي، خاصة وأن المناخ الاقتصادي الحالي يعمل باتجاه سحب السيولة من الأسواق نتيجة لتدهور أوضاع المؤسسات المالية وشركات التأمين الكبيرة، إلى جانب تشديد سياسات الإقراض ورفع معدلات الفائدة.