أعلن رسميا في لاهاي بهولندا افتتاح المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لملاحقة المشتبه بتورطهم في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، ومن المتوقع أن تبدأ تلك المحكمة أعمالها غدا الاثنين. وجرى الإعلان في جلسة ألقيت خلالها عدة كلمات بالمناسبة بحضور باترسيا أوبريان مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي في هولندا وأكثر من مائة صحفي من مختلف أنحاء العالم. وفي مستهل الجلسة التي أشرف عليها مقرر المحكمة البريطاني روبن فينسنت، أكد سفير لبنان في هولندا زيدان الصغير استعداد حكومة بلاده لمواصلة التعاون مع المحكمة في سبيل تحقيق العدالة. ومن جانبه أكد المدعي العام للمحكمة الكندي دنيال بلمار أن الإعلان عن افتتاح تلك المحكمة التي أنشئت بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2007 يمثل لحظة تاريخية ليس بالنسبة للبنان فحسب ولكن للأسرة الدولية برمتها. وقال بلمار الذي كان يقود التحقيق الدولي بشأن اغتيال الحريري، إنه لشرف عظيم بالنسبة له أن يتولى مهام المدعي العام بتلك المحكمة، وإن أقر بأن ذلك يمثل مسؤولية كبيرة. وجدد بلمار التأكيد أن هدف المحكمة هو البحث عن الحقيقة مهما كانت وأينما كانت في احترام تام لمبادئ العدالة الجنائية الدولية، مشددا على أن المحكمة لا تسعى للانتقام ولكنها تسعى للعدالة ومعاملة الجميع باحترام. وقال بلمار إن المحكمة ستبدأ أعمالها غدا الاثنين في حين لم تتضح بعد هوية من سيوجه إليهم الاتهام بتنفيذ الهجوم الذي استهدف موكب الحريري يوم 14 فبراير/شباط 2005 وراح ضحيته أيضا 22 شخصا. وتطبق المحكمة -التي يوجد مقرها بمبنى قديم كان تابعا لاستخبارات هولندا- القانون الجنائي اللبناني ويترأسها 11 قاضيا أربعة منهم لبنانيون بينما تم التكتم على جنسيات الباقين لأسباب أمنية. وقال بلمار في وقت سابق إنه سيدعو سلطات لبنان إلى تسليم أربعة جنرالات محتجزين على ذمة التحقيق، لأنه "لا يمكن إبقاؤهم محتجزين إلى ما لا نهاية وسيمثلون أمام المحكمة". وأضاف أنه لا يرى ما يجعله يشك في تعاون لبناني كامل. وتعهد رئيس الوزراء فؤاد السنيورة باستمرار تعاون بيروت مع المحكمة، وقال في بيان أمس "يهمنا تجديد دعم الحكومة اللبنانية الثابت للمحكمة" والتأكيد على تعاونها الكامل معها والتزامها بالنتائج والأحكام التي ستصدر عنها "أيا كانت"، واعتبرها "بداية جدية للعمل على وضع حد لمسلسل القتل المتمادي". وكان النائب سعد الحريري زعيم تيار المستقبل والأكثرية النيابية أكد التزامه بالنتائج التي ستخرج بها المحكمة، واستبعد تأثير التقارب السوري السعودي الأخير على سيرها. وأمام محكمة لاهاي ستون يوما لتطلب تسليم الجنرالات، وهم رئيس الحرس الجمهوري السابق مصطفى حمدان، ومدير الأمن العام جميل السيد، ومدير قوى الأمن الداخلي علي الحاج، ومدير مخابرات الجيش ريمون عازار. وتعهد بلمار في رسالة إلى اللبنانيين أمس ب"بذل كل شيء ممكن إنسانيا وقانونيا لضمان معرفة الحقيقة وضمان محاكمة المسؤولين عن الجرائم ممن يقعون في دائرة اختصاصنا". وتحدث مقرر المحكمة عن جناح خاص في سجن شخيفنينغن في لاهاي بات جاهزا لاستقبال كل من يجري تسليمه.