وصل العاصمة السودانية الخرطوم وفد يضم أكثر من 50 قياديا من عدد من البرلمانات العربية والإسلامية لدعم الرئيس عمر البشير بعد صدور مذكرة اعتقاله من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب بدارفور، ويأتي ذلك وسط تواصل التنديد بمذكرة الاعتقال آخرها من المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، والمؤتمر القومي الإسلامي. فقد قال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني الذي يرأس وفد البرلمانات العربية والإسلامية إن الهدف من قرار المحكمة التآمر على المسلمين وإهانة الشعوب الإسلامية، داعيا إلى تظافر الجهود للوقوف بوجه القرار. وكان رئيس البرلمان السوداني إبراهيم الطاهر الذي شارك في أعمال مؤتمر نصرة الفلسطينيين بإيران وجه دعوة لنظيره الإيراني لزيارة الخرطوم. يذكر أن المتضامنين شاركوا في مؤتمر "فلسطين رمز المقاومة, وغزة ضحية الجرائم" الذي عقد ليومين بالعاصمة طهران بهدف مناصرة الفلسطينيين وإعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته الحرب الإسرائيلية الأخيرة. في غضون ذلك استنكر المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، والمؤتمر القومي الإسلامي قرار اعتقال الرئيس السوداني، واعتبرت أن القرار "مسيس ولا علاقة له بأصول المحاكمات والبيئات القانونية ويستهدف تشجيع حركات الانفصال من أجل تمزيق السودان لاسيّما وأن توقيت صدوره يجيء لإفشال الجهود التي تبذلها الحكومة السودانية لحل مشكلة دارفور والمبادرة التي قامت بها دولة قطر والتي شكلت خطوة إيجابية في هذا السبيل". واعتبرت المؤتمرات الثلاثة في بيانها أن القرار يمثل دليلاً قاطعاً على أن أميركا والحركة الصهيونية كانتا الطرفين الأساسيين في تعيين المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو والقضاة الذين وقعوا على هذا القرار. وذكر البيان أن الحيادية والنزاهة والموضوعية في تطبيق قوانين هذه المحكمة كانت تقتضي "صدور قرارات جلب بحق العسكريين والسياسيين الذين ارتكبوا جرائم الحرب والإبادة في قطاع غزّة. وفي نفس السياق قالت الخرطوم إن لديها أدلة تدين منظمات إغاثة طردتها من دارفور عقب صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس عمر حسن البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب بالإقليم، في حين فشل مجلس الأمن الدولي في تمرير بيان يدعو الخرطوم إلى التراجع عن قرار الطرد. ووصف السفير السوداني بالأممالمتحدة عبد المحمود عبد الحليم احتجاجات الدول الغربية على طرد منظمات الإغاثة العاملة بإقليم دارفور بأنها زوبعة في فنجان وقال إن لدى بلاده ملفا كاملا بالمخالفات التي ارتكبتها منظمات الإغاثة منذ وقت طويل من جهة أخرى قال مندوب بريطانيا في الأممالمتحدة جون سويرز إن أعضاء مجلس الأمن الدائمي العضوية فشلوا في الاتفاق على نص بيان اقترحته باريس يدعو الخرطوم إلى التراجع عن قرار الطرد. وذكر المندوب أن سبب الفشل هو رفض البيان من قبل دولة دائمة العضوية في المجلس لم يسمها. ولكن مصادر دبلوماسية قالت إن الصين هي التي عارضت البيان. وكانت الخرطوم قد هددت بطرد منظمات إغاثة أخرى ردا على ما ذكرته مصادر دبلوماسية من أن الأممالمتحدة تدرس اعتبار القرار السوداني بطرد 13 منظمة إغاثة جريمة حرب، وهو ما صعد من نذر المواجهة بين الجانبين. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الخرطوم إلى إعادة النظر في قرارها طرد ممثلي 13 منظمة غير حكومية تعمل في إقليم دارفور، لكن الحكومة السودانية ردت بأنها ستطرد مزيدا من المنظمات التي تتهمها بالتعاون مع محكمة الجنايات الدولية مصادر دبلوماسية قالت إن الصين عارضت بيانا من مجلس الأمن يدعو الخرطوم إلى التراجع عن قرار طرد المنظمات (رويترز-أرشيف) فار من العدالة من جهته قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية غوردون دوغود إن بلاده تحاول مع دول أخرى إقناع الحكومة السودانية بالعدول عن قرارها طرد موظفي منظمات الإغاثة، كما انتقد المتحدث الرئيس السوداني ووصفه بأنه فار من وجه العدالة. وقال مراسل الجزيرة في نيويورك إن أروقة مجلس الأمن تشهد حاليا حالة من الغضب إزاء قرار السودان طرد منظمات إغاثة، لكن الأمر لا يصل إلى درجة طرح مشروع قرار في هذا الشأن. ونقل عن المندوب الليبي لدى الأممالمتحدة أن وفدا مشتركا من جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي سيصل إلى نيويورك، لكن ذلك لن يتم إلا قبيل منتصف الشهر الجاري نظرا لأن ممثلي الدول الكبرى بالمجلس يقومون حاليا بزيارة لهاييتي. وأضاف المراسل أن بعض الدول الغربية ألمحت لإمكانية الموافقة على تأجيل تنفيذ مذكرة الاعتقال بحق البشير لكن ضمن صفقة تشمل بعض الخطوات من جانب الخرطوم من بينها تقديم بعض المسؤولين الذين تلاحقهم المحكمة الجنائية. وتقول منظمات الإغاثة إنها تقوم بما تعتبره أكبر عملية إغاثة إنسانية في العالم ويستفيد منها نحو 2.7 مليون نازح، لكن الخرطوم تؤكد أن بعض هذه المنظمات تسعى لزعزعة استقرار السودان والضغط عليه، كما مارس بعضها أنشطة لنشر المسيحية من جانبها عبرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن خشيتها من أن يؤدي تراجع تقديم المساعدات داخل دارفور إلى تدفق جماعي للاجئين إلى دول مجاورة مثل تشاد. وفي المقابل أكد حسبو محمد عبد الرحمن مفوض العون الإنساني في السودان وهي هيئة حكومية أن المدنيين لن يتأثروا لأن المنظمات الحكومية والجماعات الإنسانية المتبقية ستضطلع بعمل الوكالات التي تقرر طردها. وكان البشير قد تعهد بمواصلة الجهود المبذولة لتحقيق السلام في دارفور بغض النظر عن مذكرة الجنائية الدولية، وذلك في لقاء جمعه بعدد من القيادات السياسية في البلاد. ونقلت مصادر إعلامية عن البشير تأكيده أن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية لن تغير مخططات الحكومة وبرامجها موضحا أن الحكومة ستمضي قدما في خطوات تحقيق السلام في إقليم دارفور، وستجري انتخابات نزيهة. وفي خطوة وصفها المراقبون بأنها تشكل تحديا لقرار الجنائية، سيزور الرئيس السوداني هذا الإقليم المضطرب الأحد المقبل.