اختير الأنبا تواضروس يوم الأحد البابا 118 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر في قرعة استغرقت إجراءاتها ساعات بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة ليخلف البابا شنودة الثالث الذي توفي في مارس آذار الماضي. ووسط صلوات ومشاعر دينية عبر عنها حضور القرعة اختار طفل -وضعت على عينيه عصابة زرقاء بحسب تقليد قديم- ورقة من ثلاث ورقات عليها أسماء ثلاثة مرشحين اختيروا الأسبوع الماضي في اقتراع للمجمع الانتخابي بالكنيسة التي تمثل معظم مسيحيي مصر. ويضم المجمع الانتخابي أكثر من 2400 من رجال الدين والشخصيات العامة بالإضافة إلى خمسة يمثلون الكنيسة الإثيوبية التي تربطها صلات تاريخية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية. وبعد أن اختار الطفل بيشوي مسعد جرجس الورقة التي كانت بداخل كرة شفافة عرضها الأنبا باخوميوس قائم مقام البطريرك معلنا اختيار الأنبا تواضروس الذي يوافق يوم الأحد عيد ميلاده الستين. وأعلن الأنبا باخوميوس أن الأنبا تواضروس سمي البابا تواضروس الثاني وقوبل إعلان النتيجة بالتهليل والتصفيق من الحضور الذين اكتظت بهم القاعة. وتسمى القرعة التي اختير فيها البطريرك الجديد القرعة الهيكلية ووضعت خلالها أوراق المتنافسين في إناء زجاجي عليه غطاء ختم بالشمع الأحمر تأكيدا لسلامة القرعة. وقبل أن يلتقط الطفل الورقة طلب الأنبا باخوميوس من الحضور أن يصلوا بأن يقولوا "يا رب أنت الذي تختار الراعي الصالح." والاثنان اللذان نافسا أيضا على المنصب الروحي الرفيع هما الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة (54 عاما) والقمص رافائيل أفا مينا (70 عاما). وبعد القرعة عرض الأنبا باخوميوس الورقتين اللتين كتب عليهما الاسمان الآخران تأكيدا فيما يبدو للشفافية التي تضمن للكنيسة نفوذا على أتباعها عبر العالم ويقدرون بالملايين. والبطريرك زعيم روحي لنحو ثمانية ملايين مسيحي في مصر وفقا لتقديرات غير رسمية لكنه قد يتخذ مواقف سياسية إذا رأى أنها تخدم مصالح رعايا كنيسته. والأقباط في مصر هم أكبر الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط. ويأمل مسيحيون كثيرون أن يتمكن البطريرك الجديد الذي سيتم تنصيبه يوم 18 نوفمبر تشرين الثاني الحالي من قيادتهم بأمان وسط قلاقل انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت في مصر بالرئيس السابق حسني مبارك. ولوقت طويل شكا أقباط مصريون من التمييز ضدهم في البلاد التي يمثل المسلمون السنة أغلبية سكانها. وقالت مارينا نبيل (20 عاما) وسط تهليل الحضور لإعلان اختيار الأنبا تواضروس "أنا سعيدة جدا. تعاملت مع الأنبا تواضروس قبل ذلك وهو رجل حكيم وهاديء." ويشعر أقباط بالقلق بعد الصعود السياسي للإسلاميين وانتخاب محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين رئيسا لمصر. وقال ميخائيل جورج قبل القداس "المسيحيون يخافون من حكم الإسلاميين خاصة أن وجودهم (في السلطة) يشجع المتشددين على العمل بحرية." لكن مرسي شدد على أنه يحافظ على مصالح جميع المصريين. وفي أكتوبر تشرين الأول العام الماضي قتل 27 مسيحيا خلال قيام قوات من الجيش بمنع تنظيم اعتصام أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون بعد مسيرة كان أغلب المشاركين فيها مسيحيين احتجاجا على ما قالوا إنه اعتداء على كنيسة في أقصى جنوب مصر. وقالت السلطات آنذاك إن المبنى الذي هدمه متشددون إسلاميون كان دار ضيافة حولها أصحابها إلى مكان للصلاة. ويشكو المسيحيون منذ وقت طويل من عقبات في مجال بناء وصيانة الكنائس. ومن ناحية أخرى بعث المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع ببرقية تهنئة إلى البابا الجديد الذي هنأه أيضا رجال الدين المسلمون منهم شيخ الأزهر أحمد الطيب وسياسيون مسلمون بارزون منهم الأمين العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى ومحمد سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان