حلف القبائل من المطالب السلمية إلى التلويح بالقوة وموقف الحكومة والسلطة المحلية من تصاعد التهديدات للحلف
*- شبوة برس – مصعب عيديد يعد حلف قبائل حضرموت أحد أبرز التكتلات القبلية التي ظهرت في السنوات الأخيرة في سياق متغيرات سياسية وأمنية معقدة تمر بها البلاد وقد بدأ الحلف في بداياته كمطلب اجتماعي شعبي هدفه الأساسي هو الدفاع عن مصالح أبناء حضرموت والمطالبة بحقوقهم في التنمية والإدارة الذاتية للمحافظة وكان الخطاب في مراحله الأولى يحمل طابعاً سلمياً إصلاحياً يركز على الحوار والمطالبة بالإنصاف ضمن الإطار الوطني إلا أن استمرار التهميش وغياب الاستجابة الحكومية وعدم معالجة القضايا الاقتصادية والأمنية العالقة جعل من الحلف كياناً يتطور تدريجياً من كونه صوتاً اجتماعياً إلى إطار أكثر تنظيماً وتأثيراً في الميدان ومع تصاعد الأحداث واتساع الفجوة بين المركز والمحافظة بدأت نبرة الخطاب القبلي تتغير وأصبحت لغة التحذير والتهديد تطغى على الدعوات السلمية فبدأ الحلف يلوح بخيارات أكثر قوة منها استخدام القوة القبلية كوسيلة ضغط لتحقيق المطالب وهذا التوجه أثار مخاوف كثيرة في الأوساط السياسية والشعبية لأن تحول الحلف من كيان اجتماعي إلى قوة مسلحة يعني بالضرورة دخول المحافظة في مرحلة جديدة من الصراع الداخلي الذي قد يمتد تأثيره إلى خارج حدود حضرموت إن وجود عشرات القبائل الكبيرة والمتجذرة في حضرموت يجعل احتمالية تسليحها أو تنظيمها في إطار واحد أمراً ذا تأثير بالغ لأن القبائل في اليمن عامة تمتلك خبرة تاريخية في القتال والدفاع عن المصالح المحلية كما تمتلك الولاء والانضباط في حال توحدت تحت قيادة واضحة وهذا ما يجعل من التهديد بتحول الحلف إلى قوة مسلحة احتمالاً حقيقياً وليس مجرد كلام سياسي أو إعلامي خاصة أن الحلف سبق أن أعلن أكثر من مرة أنه لن يقف مكتوف الأيدي إذا ما تم تجاهل مطالبه هذا الوضع يضع المحافظة أمام معادلة صعبة فحضرموت تعتبر من أكثر المحافظات استقراراً نسبياً منذ اندلاع الحرب في البلاد كما أنها منطقة اقتصادية مهمة تحتوي على النفط والموانئ والممرات الحيوية ولذلك فإن أي تصعيد فيها لن يكون تأثيره محلياً فحسب بل سيمتد إلى المشهد الوطني والإقليمي وربما يؤدي إلى تدخل قوى خارجية تحاول حماية مصالحها أو استثمار التوتر لصالحها مما يزيد من احتمالات اشتعال حرب داخلية ذات طابع قبلي وسياسي معقد ويحذر بعض المراقبين من أن عسكرة الحلف ستؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي في حضرموت لأن القبائل ليست كتلة واحدة بل بينها تباينات ومصالح مختلفة وقد يؤدي ظهور جناح مسلح للحلف إلى انقسام داخلي بين مؤيد ومعارض مما يفتح الباب أمام صدامات قبلية يصعب السيطرة عليها خصوصاً إذا دخلت أطراف خارجية لدعم هذا الطرف أو ذاك بالسلاح والمال كما حدث في مناطق يمنية أخرى إن أخطر ما في هذا التحول المحتمل هو فقدان الطابع السلمي الذي ميّز الحلف في بدايته فحين ينتقل من لغة المطالب إلى لغة السلاح يتحول تلقائياً إلى طرف في النزاع وليس وسيطاً أو ممثلاً لمطالب الناس وهذا قد يفقده جزءاً كبيراً من شرعيته الشعبية ويجعله هدفاً للاتهامات من مختلف الأطراف وربما مبرراً لتدخلات عسكرية أو سياسية بحجة حفظ الأمن والاستقرار من جانب آخر يرى البعض أن تهديد الحلف بالتصعيد المسلح لا يعني بالضرورة أنه يسعى فعلاً للحرب بل قد يكون وسيلة ضغط لانتزاع تنازلات سياسية من الحكومة أو القوى المنافسة في الساحة الحضرمية وهو تكتيك استخدمته قبائل يمنية عديدة في التاريخ الحديث عندما أرادت إيصال رسائل قوية دون الدخول في مواجهة مباشرة إلا أن استمرار التصعيد اللفظي دون حلول عملية يجعل من احتمال الانفجار أمراً قائماً في أي لحظة خاصة في ظل هشاشة الوضع الأمني وتعدد مراكز القوى إن حضرموت تقف اليوم على مفترق طرق فإما أن تنجح القيادات القبلية والسياسية في إدارة الخلاف بالحكمة والعقلانية وتحافظ على السلم الأهلي أو أن الانقسام وسوء التقدير يقودان إلى انزلاق خطير نحو مواجهة مسلحة قد تجر المنطقة إلى فوضى طويلة الأمد وستكون نتائجها وخيمة على الجميع فالحرب مهما كانت أسبابها تبدأ بقرار لكنها لا تنتهي بسهولة من هنا فإن المسؤولية تقع على الجميع من قيادات الحلف إلى السلطة المحلية والحكومة المركزية وحتى المجتمع الدولي بأن يتعاملوا مع هذا الملف بجدية وأن يدركوا أن التهديد بتحول حلف القبائل إلى قوة مسلحة ليس مجرد شعار بل مؤشر على حالة احتقان متنامية إذا لم تُعالَج بالحوار والعدالة والتنمية فستتحول إلى شرارة تشعل فتيل حرب جديدة في حضرموت قد تمتد آثارها إلى كامل اليمن