الجنوب العربي ومصر علاقات استراتيجية تربط غرب السويس بشرقه *- شبوة برس - خاص لفتت نظري دراسة أعدتها الباحثة المصرية الأستاذة سُهى البغدادي عن دور الجنوب العربي في المشاركة مع مصر في إغلاق باب المندب أمام السفن الإسرائيلية في حرب عام 1973. لقد استدعاني هذا البحث للرجوع إلى حرب السويس عام 1956، وتطوّع شباب الجنوب العربي من الداخل ومن مهاجرهم للتطوع والمشاركة في الدفاع عن مصر العروبة، وقيام نقابات عمال الموانئ بالإضراب الشامل وشلّ حركة السفن في ميناء المعلا، وقيام المظاهرات الطلابية والشعبية المنددة بالعدوان الثلاثي على مصر.
وبعد الانقلاب العسكري في اليمن عام 1962 التقى كل من السيد محمد علي الجفري رئيس رابطة الجنوب العربي، والأستاذ شبخان الحبشي أمين عام الرابطة، والسلطان علي عبدالكريم فضل سلطان لحج السابق وسكرتير المكتب القبلي بالرابطة، والسيد عبدالله علي الجفري مدير مكتب رابطة الجنوب العربي في جدة بالسعودية، ونصحوا جمال عبد الناصر بعدم الزج بالجيش المصري في جبال اليمن المتحركة لأن ذلك سيثير مخاوف السعودية وبريطانيا ودول المنطقة، وأن يكتفي بإرسال بعثة تدريب يكون مقرها الحديدة مع أسلحة. وكان الرئيس جمال عبد الناصر متفهمًا تلك المحاذير وأبدى إعجابه بذلك النصح، لكن في اليوم التالي طلبت المخابرات المصرية أن تصدر الرابطة بيانًا يدين التدخل السعودي في اليمن، فرفضت الرابطة إصدار البيان، وتم إغلاق مكتبها في القاهرة، وبدأ الإعلام المصري يهاجم السعودية والرابطة.
وخلال الأعوام 1963 – 1967 شهد الجنوب العربي معركة ساخنة بين المخابرات المصرية ممثلة في فرعها الجهاز العربي في تعزاليمنية، وفرع المخابرات البريطانية في عدن حول حرب اليمن، وامتدت إلى الجنوب العربي من خلال عمليتي صلاح الدين المصرية في الجنوب العربي، وكسارة البندق البريطانية ردًا عليها. وقد وقف شعب الجنوب العربي بحماس عروبي وحدوي مع مصر ومشروعها القومي العربي المتمثل في الوحدة والاشتراكية، ونتج عن ذلك "يَمْنَنَة" الجنوب العربي ونكبته بإعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية عند الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 على خريطة الجنوب العربي من الغرب إلى الشرق، وخسارة كل من بريطانيا ومصر معًا نتيجة لحماقات مخابراتهما.
وتكرر المشهد في حرب الخامس من يونيو 1967، واندلاع المظاهرات المنددة بالعدوان على الجمهورية العربية المتحدة، وقيام وحدات عسكرية بالتمرد في 20 يونيو 1967 للمطالبة بالاشتراك في الحرب دعمًا لمصر.
وفي حرب السادس من أكتوبر 1973 شاركت اليمن الجنوبية الشعبية (الجنوب العربي) مع القوات البحرية المصرية في إغلاق باب المندب، وقدمت كافة الخدمات اللوجستية للقوات البحرية المصرية، بينما رفضت الجمهورية العربية اليمنية تقديم أية مساعدات لدعم العرب في تلك الحرب. وها هي اليمن اليوم، من خلال أطرافها المتخادمة، تشدد الخناق على مصر عبر هجمات الحوثيين على الملاحة تحت حجة مخادعة هي مساعدة حماس في الحرب على إسرائيل، بينما الحقيقة أنها تشترك مع إسرائيل في تنفيذ استراتيجيتها في البحر الأحمر الذي تعدّ اليمن أهم كلاب حراسته على ضفافه.
الباحث / علي محمد السليماني
المراجع العصر الإسرائيلي من قناة السويس إلى باب المندب – د. إبراهيم الجنوب العربي في سنوات الشدة – عبدالله الجابري الجنوب العربي في هيئة الأممالمتحدة – الرابطة مفصل تاريخ العرب قبل الإسلام – جواد علي – الجزء الثاني