تُعدّ الأوضاع اليوم في الجنوب من أشدّ التحديات تعقيداً التي مرّ بها نضال شعب الجنوب من أجل استعادة استقلاله ودولته، حيث تتداخل الأزمات السياسية والعسكرية والإنسانية. ومع سيطرة الجيش الجنوبي على كامل تراب الجنوب وبقاء الصراع مع الحوثيين، أصبحت الحساسية تجاه التدخلات الإقليمية، خصوصاً مع السعودية، في ذروتها، خاصة وهي حالياً تحتضن رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي في الرياض. وفي هذه المرحلة لا يكفي النظر إلى القوة الميدانية والسيطرة العسكرية فقط بأنها نهاية المطاف، بل يجب استحضار الحكمة لمواجهة التداعيات وتجنب أي تصادم مع قوى الإقليم.
القوة المسلحة الجنوبية حققت مكاسب مهمة وسريعة، لكن بدون دعم إقليمي علني قوي ستظل هذه المكاسب هشّة ما لم يرافقها حضور دبلوماسي جنوبي والتفاف شعبي ودعم إقليمي ودولي.
يجب أن تكون العلاقة مع السعودية أولوية لما لها من تأثير دولي وإقليمي ومشاركة فاعلة وقوية في قيادة التحالف العربي.
التوازن بين القوة الميدانية والدبلوماسية: فتح قنوات التواصل والحوار مع الرباعية الدولية الإمارات والسعودية والولايات المتحدة وبريطانيا، إضافة إلى الأممالمتحدة. توحيد الصف الجنوبي والعمل على إنهاء الخلافات الداخلية بين المجلس الانتقالي والفصائل الجنوبية الأخرى داخل الحراك الجنوبي وخارجه. تكثيف جهود فريق المصالحة واستغلال الواقع على الأرض لجمع الأصوات الجنوبية تحت رؤية مشتركة لاستعادة استقلال الجنوب. عدم التمادي في التصعيد وتقييم المخاطر، وكل خطوة عسكرية يجب أن تُقابل بتقييم لردود الفعل الإقليمية والدولية. الاستخدام الأمثل للدبلوماسية الخارجية والبحث عن طرق التواصل مع مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية.
إن خطورة المرحلة تتطلب الحكمة السياسية إلى جانب السيطرة العسكرية، وإدراك أن الجنوب ليس وحدة معزولة بل جزء من معادلة إقليمية معقدة. علينا أن نفهم أن الحفاظ على التوازن بين القوة الميدانية والدبلوماسية وتوحيد الصف الداخلي هما الضمانان الوحيدان للنجاح. كما يجب على القادة الجنوبيين استثمار أي فرصة للتفاوض مع التحالف وعدم الانجرار وراء تصعيد قد يفقد المنجزات التي تحققت قيمتها. علينا أن نضع مصلحة الشعب الجنوبي فوق الحسابات الضيقة وأن نعمل بجدية لتحقيق مصالحة جنوبية شاملة تحفظ للجنوب أمنه واستقراره وتعيد له مكانته المرموقة في الإقليم. #دوله_الجنوب_العربي