تحولت بكائية رشاد العليمي أمام سفراء الدول الرباعية إلى مشهد كاشف لعقلية سياسية تتصرف كعصابة فقدت أدواتها، لا كقيادة دولة. بدا العليمي كمن يبكي ضياع الامتيازات لا ضياع مشروع، ويبرر منع تحرير وادي حضرموت والمهرة، فيما يسمح بتحرير الساحل وصنعاء، في تناقض يعري ذهنية قائمة على الاستحواذ لا على منطق الدولة. تهديده بوقف المرتبات كشف جوهر الأزمة، إذ لم يعد العالم يقبل لغتها القديمة ولا أساليبها التي تنتمي لعقلية إمامية تجاوزها الزمن. تراكمت لدى المجتمع الدولي خلال العقد الأخير ملفات مكتملة عن سلوك العليمي ومجموعته، خصوصا بعد نقل السلطة للمجلس الرئاسي، حيث ظهر جليا رفضهم لأي مسار يؤدي لتحرير صنعاء إذا أخلّ بمصالح شبكات النفوذ المرتبطة بالوادي والمهرة. انسحاب قواتهم من تخوم صنعاء، وربطهم أي تقدم سياسي بالتراجع عن البنود المتعلقة بالحل النهائي مع الجنوب، رسخ قناعة لدى الإقليم بأن القضية لم تكن وحدة ولا دولة، بل نفوذ وثروات وطرق تهريب.
أدركت الرباعية أن إبقاء المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت والمهرة لم يكن إلا خنجرا في ظهر التحالف وطريق إمداد يغذي الحوثيين. ومع تراكم الأخطاء، باتت كل خطوة يقدم عليها العليمي تُسجل كدليل إضافي على عقلية الاستحواذ والفهلوة التي لم تعد تمر على أحد.
ومع استنفاد كل الفرص، جاء الضوء الأخضر للقوات الجنوبية لتحرير الوادي والصحراء والمهرة، استنادا لاتفاق الرياض الذي عُطّل خمس سنوات. خسر العليمي ترسانة ضخمة كانت تفاخر بأنها "ستحرر صنعاء"، بينما يتضح الآن أنها كانت لحماية الامتيازات لا لاستعادة الدولة.
احترقت كل أوراقه، وضحك العالم على المشهد الأخير، لتبدأ مرحلة أشد قسوة عليه، لا مجال فيها للبكاء، بل للصراخ أمام واقع يتغير بالكامل.