عدد من ردود الأفعال الملحوظة والتغيرات الواضحة في الخطاب السياسي والإعلامي لحزب التجمع اليمني للإصلاح، أعقبت سيطرة الحوثي على مدينة عمران، التي تعتبر أشبه بعاصمة ومركز استراتيجي بالنسبة لهذا الحزب، كان من شأنها أن تكشف عن إمكانية تشكل واقع سياسي جديد، وترتيبات مختلفة تطال المشهد السياسي وتوازناته وتحالفات قواه السياسية. تداعيات ما آلت إليه أحداث عمران أفضت إلى توتر ملحوظ في خطاب حزب الإصلاح تجاه الكثير من القوى السياسية، وآخرها شريكه الأكبر في تحالف اللقاء المشترك؛ الحزب الاشتراكي اليمني. وبعد المنشور الذي كتبه عضو مجلس النواب عن حزب الإصلاح زيد الشامي، في صفحته على "فيسبوك"، وما تضمنه من تفسيرات بكونه دعوة لإعادة تحالف "الإصلاح" وحزب المؤتمر الشعبي العام، جاءت افتتاحية المحرر السياسي في صحيفة "أخبار اليوم" القريبة من اللواء علي محسن والتجمع اليمني للإصلاح، حاملة الكثير عن نوايا الحزب في البحث عن تحالفات جديدة، بعد شعوره بالهزيمة أمام الحوثيين. وشن المحرر السياسي ل"أخبار اليوم"، في افتتاحية عددها أمس الأحد، هجوماً عنيفاً على "قوى اليسار"، وموقفه من صراع الإصلاح مع الحوثي في عمران، ملوحاً بقدرة الإصلاح على صياغة تحالفات جديدة، قائلاً إن "بمقدور الإصلاح صياغة ائتلاف أروع يخرجه عن شرذمة قليلين منحهم أكبر مما يستحقون ليكونوا "بروتس" الجديد المرتكز على الطعنة في الظهر"، في إشارة واضحة إلى ما يعتقده الإصلاح خيانة من قبل الحزب الاشتراكي. وكانت نشبت أزمة بين كل من الاشتراكي والإصلاح، على خلفية خبر صحفي نشره أحد المواقع (المحسوبة على الإصلاح)، قال إن مكالمة هاتفية جرت بين "الدكتور ياسين سعيد نعمان، وعبدالملك الحوثي"، وإن حديثاً مطولاً دار بين الرجلين، تم فيه الاتفاق على القبول بدولة اتحادية، ورفض مشروع الأقاليم ال6، والتعاون على تقسيم اليمن إلى إقليمين؛ إقليم يسيطر عليه الاشتراكي في الجنوب، وإقليم في الشمال يسطر عليه الحوثيون. وهو ما نفاه الحزب الاشتراكي قائلاً إن الموقع الذي نشر الخبر "يواصل افتراءاته ضد الدكتور ياسين بنشر أخبار ملفقة وكاذبة يقف وراءها أحد قيادات حزب الإصلاح". وعبر خطاب افتتاحية "أخبار اليوم"، في عددها الصادر أمس، عن حالة احتقان وتذمر من قبل التجمع اليمني للإصلاح، إزاء قوى اليسار، والرئيس عبد ربه منصور هادي، ووزير الدفاع محمد ناصر أحمد، على خلفية سقوط عمران بيد الحوثيين، مشيراً إلى تحالفهم مع الحوثيين. وجاء في الافتتاحية أن "اليسار والرئيس المغوار (على حد وصفها) ووزير دفاعه يلتقون مع الحوثية في إحداث شروخ عميقة على الأرض اليمنية". ومضت الافتتاحية في هجومها على الرئيس هادي ووزير دفاعه، وقوى اليسار، قائلةً إن كلاً (من هذه القوى) يريد أن يجازي "الإصلاح لأنه ارتكب الخطأ الأكبر لمساندته ودعمه هذه القوى المرهقة التي لا تفكر إلى البعيد، وتعبّر عن نزوعها الآثم عند أول سانحة لها"، في إشارة إلى تحالف الإصلاح مع الاشتراكي في اللقاء المشترك، ومساندته لهادي. ومذكرةً هذه الأطراف بفضل الإصلاح عليهم. واستطردت الصحيفة في ذلك قائلةً إن هذه القوى "نسيت ما قدمه الإصلاح من مواقف من أجلها، وانحياز تام لمطالبها، وعبر عن قناعته في هذا الجانب بمصداقية تامة، وقاسمها التعب، وعادى النظام السابق، وكان بإمكانه أن يتصالح ليتركها في البكاء على الأطلال ترثي زمناً كانت فيه ذات إمكانية". وخاطبت الافتتاحية قوى اليسار قائلةً: "بقدر عطائه (الإصلاح) لكم والرفع من شأنكم، وبمقدار ما ضحى لتكونوا قوى فاعلة بعد أن كنتم في المهملات، هو اليوم كما نرجو أن يعقل لابد أن يراجع حساباته، وأن يقف بصلابة على أرض الوطن، وأن يستند إلى قواه الوطنية وجماهيره وأنصاره". واتهمت الافتتاحية الرئيس عبد ربه منصور هادي، بأنه "لا يألو جهدا في تحقيق رغباته على حساب الشعب والوطن"، مضيفة أنه نسي "ما قدم له الإصلاح من تضحيات جسيمة، وما عمل من أجله ليكون رئيساً للوطن اليمني". وذكرت الصحيفة الحزب الاشتراكي بشراكته مع الإصلاح في "تكتل اللقاء المشترك"، وخذلانه لهذا التحالف، حين قالت إن "الإصلاح" وجد "من يجازيه جزاء سنمار، ويقبل بهلاك وطن وهزيمة تاريخ وحياة، رغبة في الكيد للإصلاح الذي دخل المشترك وأسّسه معها وبإيمان عميق بالآخر، وفتح صفحة تعايش حقيقي لا مجال فيه للمكايدة". ويكشف هذا الخطاب عن حالة التذمر ذاتها التي جسدها خطاب الإصلاح من خلال عدد من ناشطيه ووسائل الإعلام التابعة له والمحسوبة عليه، التي تحدثت كثيراً عما سمتها الخيانة من قبل "قيادة الجيش ووزارة الدفاع"، أدت إلى سقوط اللواء 310 مدرع ومدينة عمران في يد الحوثيين. بالإضافة إلى تأكيد المؤشرات التي توحي بتفكير الحزب في خيار صياغة تحالفات جديدة، بعد أن وجد نفسه يقف في مواجهة "الحوثي" وحيداً. ويأتي هذا التصعيد بعد يومين فقط من تصريحات القيادي البارز في حزب الإصلاح زيد الشامي، التي دعا فيها حزبه إلى إعادة النظر في تحالفاته. وقال زيد الشامي، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح، وعضو هيئته العليا، في منشوره المشار إليه، إن "الأحداث المتسارعة، وآخرها في عمران، تفرض على الإصلاح اليوم -قيادةً وقواعد- ضرورة المراجعة لمواقفهم وعلاقاتهم بغيرهم، ففي العمل السياسي لا عداوة دائمة ولا صداقة من دون حدود، وليس المطلوب أن ننتقل إلى عداء من أعطيناهم ثقتنا فسكتوا عندما انتظرنا كلمتهم؛ ولكن يجب ألا نبالغ بالثقة بهم، ونضعها في حجمها الصحيح"، حد قوله. عدد من قيادات الحزب الاشتراكي اليمني، كانت "الأولى" حاولت الاتصال بهم، أمس، رفضوا الإدلاء بأي تعليق على هذا التصعيد، في ما يبدو تلميحاً إلى أن الموقف الاشتراكي لن يكون فردياً إزاء تطور مماثل.