استقبلت مدينة عدن اول يوم من شهر رمضان المبارك لهذا العام بصورة غير معهودة كما هي العادة حيث يستعد الأهالي في عدن منذ أواخر شهر شعبان في شراء متطلبات الشهر الكريم وتزين الشوارع ويرقص أطفالها فرحا على أصوات المسحراتي . يبدأ الأهالي في عدن باستقبال الشهر الفضيل بالترحيب بإطلاق الألعاب النارية وروائح البخور تطيب أرجاء المدينة وازقتها وحوافيها بينما تصدح مآذن المساجد بالتهليل مرحب مرحب يا رمضان لكن الإستقبال هذا العام سيكون على روائح البارود واصوات قذائف المدفعية التي تتساقط في كل حي وشارع وبيت داخل عدن . أسواق خاوية على عروشها يقول العم عبدالله تاجر مواد غذائية في سوق الشيخ عثمان هذا العام يأتي رمضان وعدن تعيش حرب شعواء تشنها ميليشيات الحوثيين والمخلوع على المدينة وكما ترى المحلات والأسواق تفتقر إلى المواد الغذائية الأساسية فما بالك بالكماليات وان وجدت فاسعارها ستكون جنونية . يتابع العم عبدالله قائلة رمضان في عدن له مميزاته الفريدة لكن هذا العام سيكون الاسواء في تاريخ المدينة فلم تعد ترى تلك الابتسامات التي ترتسم على وجوه الأهالي في استقبال رمضان فقد استبدلت هذا العام بالحزن والحسرة لينهي حديثه مرددا "حسبنا الله ونعم الوكيل" . حصار خانق أسواق عدن هي الأخرى تبدو خاوية على عروشها وفق جولة ميدانية ل"مكة" فلم تعد ترى متطلبات الشهر الكريم تعرض في الأسواق ومن خلال أحاديث متفرقة مع "مكة" فقد أجمع الكثير من مرتادي سوق ظمران والحجاز بمدينة المنصورة على ان أغلب المواد الرمضانية غير متوفرة في الأسواق فالمخزون الغذائي في المدينة شبه معدوم من المواد الأساسية حد قولهم فما بالك بالكماليات . فيما تذهب أم محمد العدني في حديثها مع مكة إلى القول ، تستقبل عدن رمضان هذا العام في ظل وضع إنساني كارثي ، يعيشه سكان المدينة وسط حصار خانق تشنه الميليشيات ، وانعدام شبه كامل لأبسط مقومات الحياة الكريمة كالمواد الغذائية والتموينية ، وكذلك انقطاع الكهرباء والماء ، وسط انتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة كحمى الضنك والطاعون ، كل ذلك في ظل صيف حار تصل درجة الحرارة فيه إلى 39 درجة مئوية . عدن تموت وفي معرض حديثه ل"مكة" يقول الشاب العشريني رضا حاجب رمضان هذا العام غير أكثر رمضان ثقيل وحزين مضيفاً بلكنه عدنية رمضان ذا عم سعيد مش في مسجده عشان أصلي وراه تراويح رمضان ذا جدتي مش عندنا عشان اسمع دعواته وانا داخل وخارج من البيت مشيراً إلى القول رمضان ذا انا بمكان وزوجتي بمكان . ومضى بالقول رمضان ذا أصحابي الي أسير والي مفقود والي يقاتل والله العالم عاد عيني تشوفهم أم لا مضيفاً رمضان ذا مازن مش موجود ولا محمد ولا منذر عشان نفطر على الشارع وننسى تعب الشغل قائلاً ل"مكة" رمضان ذا بدون روح لأنه تركت عدن لتموت رمضان ذا ممزوج بالدم والخوف بسبب ما قال إنه حماقة السياسين وتجار الحروب ويبقى الرجاء من رب العباد . رمضان حزين فيما تذهب الناشطة المدنية ولاء فريد بن عطاف في حديثها مع "مكة" الى القول تستقبل مدينة عدن رمضان لأول مرة باجواء حزن وقهر وذل وهوان ، مضيفاً عدن التي كانت تتجهز لشهر رمضان كعروس أضحت اليوم مكسوة بالسواد . وتابعت قائلة تستقبل عدن وأهلها رمضان بلا أضواء وفوانيس تزين شوارعها ، تستقبل الأسر العدنية رمضان وهي فاقدة اب او اخ او ابن ، تستقبل الاسر العدنية رمضان بدون أدنى تجهيز لهذا الشهر العظيم . فأغلب أهل عدن حد قولها لاجئين في منازل أقاربهم أو منازل جهزت لهم ، تتوقف ولاء برهة من الوقت ويسود الحزن وجهها الشاحب لتقول رمضان هذا ليس كرمضان في كل سنة رمضان هذا حزين إلى أبعد الحدود . استغاثة عاجلة وفي غضون ذلك وجه الناطق الرسمي لائتلاف عدن للإغاثة الشعبية المهندس عدنان الكاف نداء وصفه بالعاجل إلى مركز الملك سلمان والمنظمات الدولية والإنسانية لاستغاثة عدن مشيراً بأن المدينة تعيش وضع إنساني كارثي وهي بحاجة إلى أكثر من 600 الف سلة غذائية لمواجهة شهر رمضان الكريم . ودعا الكاف رجال المال والأعمال والجمعيات الخيرية إلى مساعدة سكان عدن والتخفيف من معاناتهم بتقديم الدعم لهم وتوفير متطلبات الشهر الكريم ولو بالحد الأدنى من مقومات سبل العيش الكريم مؤكداً بأن 700 الف نازح بعدن يستقبلون رمضان هذا العام خارج منازلهم ومدنهم على غير العادة وبروائح البارود بدلاً من الطيب . نهاية المطاف .. عدن منصورة رغم الألم الذي تعيشه عدن رغم الدمار والقتل والدماء ستبقى عدن تنشد الصبر والصمود في وجه الاوغاد وسيجعل أهاليها وشبابها من رمضان شهر النصر والصمود كما يردد أطفالها مع كل قصف عنيف وسقوط أبطالها بين شهيد وجريح في نهاية المطاف "منصورة يا عدن منصورة" .