اليمن وثمن اللاحرب واللاسلم .. خذو العبرة من حرب ال12 يوم..!!    الراعي يهنئ نظراءه في الدول العربية والإسلامية بالعام الهجري الجديد    اعتراف صهيوني : اليمنيون هم القوة الوحيدة القادرة على الصمود ومواصلة الحرب    الارصاد يتوقع استمرار هطول الامطار الرعدية على المرتفعات    تصفية الصبيحي في شبوة    مسلحون بزي عسكري يقتحمون مسجدًا في عدن ويطلقون النار داخله ويختطفون إمامه بطريقة مهينة    باقزقوز لسلطة صنعاء: تحصين الجبهة الداخلية بانصاف المظلومين ومحاسبة الفاسدين    واتساب WhatsApp يحصل على 8 ميزات جديدة هذا الأسبوع على أندرويد و iOS.. إليكم قائمة الميزات    الإنتر ينهي مغامرة ريفر بليت    محكمة تُديّن اتحاد القدم بالاحتيال    الإفلاس.. شبح حطم أندية ليون وبارما وبوردو    صفقة جديدة تثير الجدل في ليفربول.. ومخاوف من التأثير على دور محمد صلاح    راتب ميسي يفوق سقف 21 فريقا بالدوري الأمريكي20 مليونا و446 ألفا و667 دولار    الدولار يسجل مستويات متدنية وسط مخاوف أمريكية    شرطة تعز تلقي القبض على متهم بارتكاب جريمة قتل في مديرية مقبنة    استبصار وقراءة في سردية احمد سيف حاشد الجزء الثاني (فضاء لايتسع لطائر)    زينة: «ورد وشوكلاته» يكشف مشاكل الشخصيات    كازاخستان.. اكتشاف قطع أثرية تعود لعصر قبيلة الساكا    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    بفاعلية الحقن ودون ألم.. دراسة : الإنسولين المستنشق آمن وفعّال للأطفال المصابين بالسكري    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    تسجيل هزات أرضية من المياه المجاورة لليمن    من يومياتي في امريكا .. مرافق بدرجة رجل أعمال    إيران تعتقل 26 شخصا على صلة بالموساد    رشاد العليمي..تاريخ من الغدر والخيانة: زملاءه أعدموا وهو أصبح وزير    المقاومة الجنوبية ترفض توزير "مطيع دماج" وتعتبره تهديدا لأمن الجنوب    من يدير حرب الخدمات وتجويع المواطنين في عدن؟    كيف نطالب بتحسين الأوضاع    استئناف نقل النفط الخام من عقلة شبوة لكهرباء الرئيس    من الدول الجديدة في اتفاقية ابراهام؟    الترب يهنئ القيادة الثورية والسياسية بالعام الهجري الجديد    - *القيادات الإيرانية "تعود من الموت".. وإسرائيل تتخبّط وسط اختراقات أمنية وخلايا تتبع لطهران*    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    النصر يتخلَّى عن مدربه الإيطالي ستيفانو بيولي    مصر تمنح 6 مناطق لشركات عالمية للتنقيب عن الغاز    برشلونة يعود إلى ملعب كامب نو 10 أغسطس المقبل    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    مناقشة مستوى أداء مكتب هيئة الأوقاف بمدينة البيضاء    جرعة سعرية ثالثة على البنزين في عدن    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    تشيلسي يغتال حلم الترجي بثلاثية قاسية    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    الحديدة و سحرة فرعون    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حضرموت وصراع الايدلوجية اليمنية
نشر في شبوه برس يوم 02 - 10 - 2018

هل الوحدة اليمنية مشروع طائفي أم وطني؟، يبدو تساؤل مستفز للغاية ولكن هذا التساؤل يحمل إجابات لما يحدث في جنوب الجزيرة العربية من صراعات، فالكثير من المراقبين للمشهد اليمني يصابون بالحيرة عندما يأتي الاستفسار عن سؤال لماذا لم تتحرر أي محافظة من محافظات الشمال اليمني على رغم مضي أكثر من ثلاث سنوات ونصف فمازالت المحافظات الشمالية تحت سيطرة الحوثيين، وبالعودة إلى ما يمثله الحوثي من نسبة فهو لا يتجاوز الثلاثة بالمئة من عدد سكان الجمهورية اليمنية، فكيف استطاع الحوثي إخضاع ملايين اليمنيين بل كيف لم تقم محافظة واحدة بثورة ضد الحوثي؟، اسئلة كهذه لا يحبذها اليمنيين لأنها تلامس أكثر مشاعرهم وتضعهم أمام السؤال الاستفزازي : هل الوحدة اليمنية مشروع طائفي أم وطني؟.
نشرت صحيفة العرب اللندنية مقالة غاية في الأهمية للأستاذ خيرالله خيرالله بتاريخ 11 سبتمبر 2018م حملت عنوان (كلما عرفت اليمن.. أدركت كم تجهله) جاء في خلاصته قراءة لافتة لرجل عارف باليمن وليس من أهله " إذا كان مارتن غريفيث يعتقد أنّ اليمن بلد طبيعي، من الأفضل أن يستعين بما يقوله الذين لديهم خبرة سنوات مع هذا البلد وأمضوا أياما طويلة فيه منذ ما يزيد على ثلاثين عاما. يقول هؤلاء: كلما عرفت اليمن، كلّما أدركتَ كم أنك تجهله!"، وقد يكون هذا الرأي تعبير صادق عن مدى صعوبة معرفة الصراع اليمني المعاصر لأنه ينطلق من صراع موغل في التاريخ فيكفي أن أكثر من ألف عام حكم اليمن الإمامة بالعقيدة الطائفية وحتى أن أدعى اليمنيين غير ذلك فأفعالهم تنفي ادعاءاتهم.
كان أئمة اليمن يتطلعون دائماً إلى التمدد وبسط حكمهم على شبة الجزيرة العربية، وكانوا يشعرون باستمرار أن سيطرتهم لن تنجح بغير إخضاع حضرموت أولاً لسيطرتهم السياسية ، فأهمية حضرموت تكمن في عمقها المذهبي الذي نشأ فيها المذهب الشافعي بعد أن نزل فيها أحمد بن عيسى المهاجر عام 319 ه وهو من آل البيت هاجر من العراق وخاض صراعاً مع الإباضية انتهى بتمكن المذهب الشافعي في حضرموت وتحولها إلى المذهب السني لتواجه بعد ذلك صراعات من الشرق إباضية ومن الغرب زيدية غير أن الشافعية بقيت على مدار الحقب التاريخية قادرة على تحمل الصراعات السياسية وظلت حضرموت عبر القرون منبعاً عقدياً سنياً توسع إلى خارجها عبر الهجرات الحضرمية للشرق الآسيوي والهند وشرق القارة الأفريقية.
في التاريخ الحديث عدة مفاصل تؤكد هذا الصراع وخلفياته العميقة خاصة في شمال اليمن أو ما يسمى الهضبة حيث تتعصب المذهبية إلى أقصى أبعادها وتشمل محافظات (عمران وصعدة وصنعاء) ، ولعل الإشارة إلى ثورة 26 سبتمبر 1962م التي اسقطت الحكم الإمامي في اليمن تمنح نقطة بديعة للغاية في معرفة الصراع المذهبي فالثورة التي قام بها مجموعة من الضباط لتدخل صراعاً بين الملكيين والجمهوريين حتى (مايو 1965م) بانعقاد مؤتمر خمر، ويمكن توصيف ذلك المؤتمر بأنه بداية عقد الزواج بين الإمامة والجمهورية وتبدو شهادة شيخ قبيلة حاشد عبدالله بن حسين الأحمر التي أوردها في مذكراته أبلغ تأكيد على أن ما تم هو عقد قِران بين نظامين يجمع بينهم القبيلة والمذهب الزيدي.
بعد حصار السبعين توافقت السعودية ومصر حول اليمن ودخلت (الجموملكية) مرحلة أخرى تعطي أيضاً إشارة بالغة في عقيدة الشمال اليمني، فلقد وصل إلى السلطة الرئيس إبراهيم الحمدي (يونيو 1974م) وهو لا ينحدر إلى الهضبة العُليا فهو من مديرية قعطبة وهو الوحيد الذي واجه الحكم القبلي في اليمن بصرامة واتخذ خطوات تصحيحية في أجهزة الجيش والأمن والدولة وواجه عبدالله بن حسين الأحمر مواجهة صارمة وجرده من امتيازات شأنه شأن كل مشايخ اليمن.
اغتيل ابراهيم الحمدي (اكتوبر 1977م) وككل الاغتيالات في اليمن جنوبه وشماله مازالت حادثة اغتيال الحمدي سراً من الاسرار الكبيرة وتعد واحدة من أعقد جرائم الاغتيال السياسية في العالم، وخلف الحمدي الرئيس الغشمي الذي استمر ثمانية أشهر ليتم تصفيته ويصل إلى السلطة الرئيس علي عبدالله صالح (يونيو 1978م) ، يُمثل الرئيس صالح الابن الشرعي لما حدث مؤتمر خمر وهذا واحد من أهم أسباب حضوره الأطول في التاريخ السياسي اليمني كحاكم فلقد حصل على حصانة القبيلة وسدنة المذهب الزيدي وخدمته الصراعات في جنوب اليمن خاصة بعد احداث 13 يناير 1986م ليصل إلى ما هو أبعد بوصوله إلى حكم اليمن الكبير (مايو 1990م).
في حرب صيف 1994م نجح علي عبدالله صالح في توظيف العصبية المذهبية الزيدية لمصلحة الحرب على الجنوب كما كان قادراً على تطويع الخطاب الإخواني لمصلحته بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك كله باجتذاب الأفغان العرب في الحرب، تحويل الحرب السياسية إلى حرب مقدسة كان عبقرية من علي عبدالله صالح فلقد استند في الواقع على البعد القبلي لذلك وجدنا كل الفتاوى التكفيرية ينتمي أصحابها للهضبة اليمنية فهناك تجد العصبية منبعها وقوتها وحتى نفوذها.
احتدام الصراع ستظل تغذيه العصبية القبلية الموصولة تاريخياً بالمذهبية الزيدي، إرث ألف عام تتوارثه الأجيال وتدفع ثمنه أجيال، لن يتخلص اليمن الأعلى من كل هذه التعقيدات التي تحولت مع الحوثي إلى جمرة من نار تحرق كل ما حولها ، وتبدو الصعوبة في إطفاء هذه الجمرة مع العقلية التي تتعامل معها بدون قدرة على استفهامها، ومتى ما عرف الإقليم والعالم أن هذه الجمرة لا يمكن أن تطفئ بغير نقل العاصمة صنعاء إلى الحديدة للتخفيف من التعصب القبلي والعمل الحقيقي على احتواء الجنوب سياسياً وإلا فأن استدامة الصراعات الايدلوجية ستبقى تشعل اليمن والمنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.