قال مثقف وسياسي جنوبي وأديب جنوبي وسليل بيت حكم أن اشد الناس تطرفاً هم الجهلة ، واشد الجهلة ميلاً الى السفك والجرم ، هم من يتلقون التحريضات المكرّسة من رجال فطنوا حرفة التلقين والتعصب . وقال الشاعر والكاتب والسياسي الجنوبي المقيم في المنفى الكندي "الشيخ فاروق المفلحي" في موضوع تلقى موقع "شبوه برس" نسخة وورد في سياقه : عن التطرف فلقد صدمنا ومنذ عقود بمذابح كانت تقع للاطفال والفلاحين والعزل في - الجزائر- وفتكت تلك المذابح بسكان احياء و قرى كاملة، وذبح فيها الاطفال والنساء والرجال والمسنين ذبحوا بدم بارد ومن الوريد الى الوريد. عشر سنوات والجزائر تنزف وفتكت تلك المذابح التي تولاها المتطرفون ، فتكت بما يزيد عن 240 الف نسمة جميعهم من الابرياء . وبدون سبب اشتعلت تلك الحرب وبدون سبب همدت .!!
بعد عشر سنوات توقف النزيف فجأة ، فعادت الجزائر الى حالة السلام ولكنها الى اليوم لا زالت مسكونة بالفواجع والاحزان والموجعات. لمعت الشفرات والخناجر ايضا لتفتك وتحز رقاب الامنين في الصومال وإفغانستان وفي باكستان بل وسورية ، وامتدت الى ليبيا ومصر واليمن ، واصاب رذاذ الطرف كل العالم العربي والغربي.
كيف بدأت مذابحنا وأستغل الدين لتنفيذ كل هذه المجازر ؟ سوال تلقائي ، استقصائي ، والإجابة عليه ليست عصية ولا ملغزة على كل متابع . فحينما تتغير وفجأة اخلاق قوم من السلام والتعايش الى العنف والتوحش ، فهناك من لقن ومن انفق ومن اشاع ومن حرض . لا بل هناك من قدم السلاح ودرب وهناك من غض طرفه عن تحركات المتطرفين وسهل تنقلاتهم واسفارهم بل واحسن تدريبهم واجزل في وفادتهم وتشجيعهم.
دول كثيرة متورطة حتى النخاع في هذه الإنتحارات والمذابح ، وهناك من وصل الى سورية بعد رحلة طويلة ، صادفته كل العوائق فتجاوزها . وترصدته الكاميرات فتغاضت عنه ، وتوقف امام حاجز الجوازات فمر وكانه يحمل جواز الحصانة العالمية! اتيح لهولاء المجرمون الاسفار والاعداد النفسي قبل الرحيل واتيح لهم التدريب القتالي ، بل والانتحار بالاحزمة الناسفة ، للفوز بالجنة وبنات الحور ، وترحلوا وتمكنوا من التجمع في جيوب توسعت الى مناطق ومدن كبرى .
أتذكر - الموصل -وما حل بها ، لم تكن تلك مصادفة ان تحتل مدينة وتخضع بكل كثافتها السكانية وجيوشها الحامية . فتعلن في- الموصل- الخلافة وتصك فيها النقود الفضية وتقام فيها المحاكم وينشر العسس . كانت هناك مخططات رسمت بعناية وغل ومكر وحقد دفين.
اليوم اتابع حصار آخر معاقل - دولة الخلافة - في -الباغوز- شرقي سورية تلك المدينة الريفية التي تجاور نهر الفرات . وصل الى هذه المدينة اكثر من 6 الاف من الإرهابين ، مع سلاحهم وجواريهم ومحضياتهم وعبيدهم وسباياهم . مدججين باسلحتهم ومتخندقين متوثبين استعداداً لحرب طويلة فحانت لحظة الإتفاق فتغير ت احوالهم . وعند استسلامهم بعد ان انتهت الحاجة اليهم ، تكشّف لنا الجرم الفادح والزج المخيف ، فهناك من النساء - الازيديات- من كنا يبعن في سوق النخاسة في - الباغوز- وربما تنقلن الجواري من مولى و من مالك الى مالك وربما في نفس اليوم لنشر المتعة ،وهناك من تزوج واردف بل وربع وخلف صبيان وبنات .
رأينا هناك في -الباغوز -الوجووه الغريبة والسحن الروسية والصينية والفرنسية والالمانية والانجليزية والهندية والعربية . لا تجمعهم لغات ولا ثقافات ولا قربى ، ما يجمعهم سخط ومرض نفسي ونزوات وعنف بل ورواتب بالدولار كشفت عنها محافظهم وهم في طوابير التفتيش. كل هذا الترتيب المتقن المكرس والواسع الصلاحيات والنفوذ ، كل هذا يحتاج الى امكانيات لوجستية والى مترجمين والى محطات اقمار وهواتف ذكية والى مستشفيات ودواء وسلاح ثقيل وخفيف وطعام بل وحضانات اطفال .
لم ينزل عليهم من السماء كل هذا الغيث والمدد، بل انها مكائد الكبار والمتنفذين وطيش دول بل جرائم ليس لها ما يبررها او ليس لها من دافع . والموت والعنف والإرهاب هو واحد سواءً بالسيف او بقنبلة او حزام تفخيخ او ببندقية حديثة بيد مجنون - استرالي- استلها ليقصف بها اجساد المصليين في مسجد - نيوزلندي- آمن لتحيل تراتيله وتضرعاته الى أنين وحشرجات ولتحول ساحته ومحرابه واروقته الى دماء واشلاء .
لا يمكن وقف الارهاب الا بان تتوقف وسائل الاعلام عن هذا-، البث - المكرس الذي يعبث بعقولنا ويشوه تعايشنا ويتلذذ بمصائبنا ولا يمكن حقن دماء الناس الا ان تتوقف دول تتخفى وتسمح بذبحنا وهي تذرف دموع التماسيح . هناك دول آثمة وهناك اعلام خبيث ، وهناك إستخفاف بامن الآمنين وسكينة المطمئنين.