قال ناشط ومدون سياسي أن " حتمالية التوافق سياسيا بين الرياض والحوثي شمالا أمر قائم, وإن المؤكد أن حسم أمر الجنوب لن يكون إلا بمعركة مصيرية تفضي لإجتثات المجلس الإنتقالي وتمكين شرعية الشمال المنفية بأرض ليست لهم على غرار وعد "بلفور" ثم يتم بعدها تجيير الجنوب لصالح الرياض للعبث به كيفما تشاء! وقال الناشط "صالح الدمبي الطوسلي" في موضوع خص به موقع "شبوة برس" وجاء نصه: حين بدأت جيوش الحلفاء تقتحم حدود المانيا من الشرق والغرب كانت لرئيس الوزراء البريطاني "تشرشل" تصوراته لمستقبل المانيا بعد هزيمتها بتقسيمها على أن تكون المناطق الزراعية منها من نصيب الإتحاد السوفييتي والمناطق الصناعية من نصيب بريطانيا، وحين سُئل عن نصيب الولاياتالمتحدة رد "تشرشل" بسرعة " نترك لهم المناظر الطبيعية"! ليكتشف بعدها بإن مخرجات" مؤتمر يالطا" لتقسيم العالم بين "روزفلت" و"ستالين" لم تترك لبريطانيا إلا الإستمتاع بالمناظر الطبيعية. لم تكن نوايا الولاياتالمتحدة في الحرب العالمية الثانية الإنسحاب من اوروبا مثلما فعلت في الحرب الأولى، وإنما لتبقى وقد عقدت العزم على إنتزاع الإرث الإستعماري لأوروبا الغربية وكذلك إعادة توزيع ثروات العالم وفي مقدمتها بترول الشرق الأوسط الذي إستحوذت عليه بريطانيا لعقود طوال.
يبدوا أن الصراع اليوم في اليمن وقد دلف عامه السابع بسيناريو يكاد يكون مماثلا للسياسة الأمريكية والذي تحاول الرياض محاكاته على طريقة "رعاة البقر" ببسط تواجدها في مناطق الجنوب الغنية بالثروات المهولة كإستحقاق لتضحياتها في الحرب وهي تعلم أنها غير مرحب بها جنوبا على عكس حليفتها الإمارات العربية التي تتمتع بشبه إجماع على القبول بها كشريك فاعل يعتمد عليه، ومن أجل ذلك تخلت الرياض عن مبدأ الحياد الذي ينبغي عليها القيام به من واقع الشراكة مع "المجلس الإنتقالي الجنوبي" في إطار التحالف إبتداء ثم بالدور الذي قامت به من خلال "إتفاق الرياض" بين المجلس الانتقالي من جهة والشرعية من جهة أخرى. توقفت الحرب في الشمال المسيطرة عليه ميليشيات الحوثي ولم تعد هناك سوى مأرب الغنية بالنفط التي يسعى الحوثي لإسقاطها لما لها من الأهمية الإستراتيجية التي تجعل إنتصاراته في الشمال من دونها غير ذات أهمية وبالتالي فإن الغالب في معركة مأرب ليس الحسم العسكري بل بالقرار السياسي والذي يعني تفاهمات تخلي مأرب مقابل تنازلات في جهة أخرى.
للتذكير، لولا التدخل السعودي لما سقطت شبوة على يد ميليشيات الشرعية والأخوان حين كانت النخبة الشبوانية المسيطرة على معظمها بل أن زحف العلوج تلك لم يتوقف حتى بلغ تخوم عدن ودعوة الرياض لحوار "جدة" الذي قبل به المجلس الإنتقالي مكرها لابطل ثم "إتفاق الرياض" الجائر لصالح الشرعية بالمطلق وبالقياس على موقف الرياض من حرب صيف94 التي عبرت عنها في حينه بإنها ضد فرض الوحدة بالقوة واليوم تقف مع الشمال بكل صلف لفرض الوحدة ذاتها بالقوة وبالتعطيل لتطبيع الحياة في عدن والمحافظات المحررة.
إن كان الغالب كما أسلفنا بإحتمالية التوافق سياسيا بين الرياض والحوثي شمالا فإن المؤكد أن حسم أمر الجنوب لن يكون إلا بمعركة مصيرية تفضي لإجتثات المجلس الإنتقالي وتمكين شرعية الشمال المنفية بأرض ليست لهم على غرار وعد "بلفور" ثم يتم بعدها تجيير الجنوب لصالح الرياض للعبث به كيفما تشاء! يبقى أن يعرف الجنوبيين على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والقبلية أن العدو اليوم يقف أمامهم والبحر من وراءهم بعد أن أجمع اللئام على غزو الجنوب تارة أخرى إلا أن هذه ليست كسابقاتها وليس علينا إلا إثنتين.. النصر أو الشهادة.