في خطوة نوعية وشجاعة، إنتظرها الجميع بفارغ الصبر، إنتصر الرئيس هادي للثورة الشعبية وأعاد وضعها في مسارها الصحيح لتستكمل مشروعها الوطني الكبير، وأستطاع من خلال قراراته الأخيرة المتصلة باستكمال هيكلة الجيش، إنهاء قبضة العائلة على هذه المؤسسة الوطنية العريقة التي جرى تغييب دورها الوطني طيلة 33 عاماً. اليوم نستطيع القول وبثقة، أن المؤسسة العسكرية والأمنية عادت إلى حضن الوطن والشرعية، وإلى دورها الوطني الرائد في خدمة الشعب ومصالحه.
لكن وبعد أن نجحت خطوة إستعادة الجيش، صار لزاماً العمل من الآن باتجاه استعادة أموال الشعب المنهوبة التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، والتي يحتفظ بها صالح وأفراد عائلته وشبكة محسوبيته الواسعة في عديد من بلدان العالم، ولا شأن هنا لقانون الحصانة باستعادة تلك الأموال التي هي ملك الشعب ومن حقه استعادتها وفق كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية، فتلك الأموال والثروة الهائلة التي ما تزال بحوزة العائلة كفيلة بالنهوض بهذا البلد وانتشاله من الواقع البئيس الذي خلفته العائلة، كجزء من مشروع الدمار الشامل الذي ظنت أنه يطيل من أمد بقائها مستحوذة على السلطة.
لقد جرى كشف ثروات أولئك الحكام اللصوص الذين أطاحت بهم ثورات الربيع العربي في مصر وتونس وليبيا، وتبين مدى ضخامة ثرواتهم التي أستأثروا بها وعائلاتهم، وتأكد لشعوبنا العربية وبالأدلة القطعية أن من حكمها وتسلط عليها لعقود مضت لم يكونوا أكثر من عصابات مافيا ولصوص.
اليوم بات من حق الشعب اليمني أن يسأل عن ثروته المنهوبة، أين ذهبت ومن الذي استثمرها لحسابه الخاص؟ وكم من الشركات والاستثمارات والعقارات والأموال المكدسة في بنوك العالم يحتفظ بها المدعو علي صالح وعائلته؟ ولماذا لا يتم الإفصاح عنها من قبل الدول المعنية مثلما حدث مع من سبقوه في دول الربيع العربي؟ وهل سيبتسم لنا الحظ نحن أيضاً ونجد أموال مخبأة في بعض القصور الرئاسية وتحت جبال نقم وعيبان والنهدين وفي صحارى اليمن حيث آبار النفط والغاز المقفلة، أم أنه قد فات آوان ذلك؟
مهما يكن الأمر، فاستعادة تلك الأموال المسروقة واجب وطني تقتضيه المصلحة العليا وأهدف الثورة الشعبية، وهو حق أصيل لا يسقط بالتقادم ولا ينبغي التنازل عنه لأي سبب كان. فالأخذ على يدي زعيم العصابة ومحاسبة اللص الأكبر الذي خان الأمانة، ونهب ما فوق الأرض وما تحتها، سيعزز الثقة بدولة النظام والقانون، وسيُحيي الأمل في نفوس الجماهير بغدٍ أفضل، إضافة إلى أنه سيردع بقية اللصوص الصغار، وسيحافظ على ما تبقى من أموال الشعب من عبث العابثين.
وفي هذا المقام يتعين الإفادة من قوانين الأممالمتحدة ذات الصلة بمكافحة الفساد، والتي تتيح المجال أمام الدول المتضررة، وكذا منظمات المجتمع المدني لرفع قضايا في المحافل الدولية للمطالبة باستعادة الأموال المنهوبة، وملاحقة اللصوص وعصابات المافيا من الحكام وكبار المسئولين وشركائهم المتورطين في نهب ثروات شعوبهم.
وعليه يغدوا من الأهمية بمكان العمل على تشكيل منظمات شعبية في الداخل الخارج للضغط على تلك الحكومات التي تحتفظ بحسابات وأرصدة العائلة وشركائها، للكشف عن حجم تلك المبالغ والعمل على إعادتها للشعب.
كما يتعين فضح شبكة المال الطفيلي التي نبتت وتغذت على فساد النظام السابق، واستطاعت جمع ثروات هائلة خارج إطار القانون وبعيدة عن أعين الرقابة والمحاسبة مستفيدة من تحالفاتها المشبوهة مع أركان نظام فاسد لم يستثنِ شيئاً في هذا البلد إلاّ وتاجر به.
إلى ذلك، فقد أحسن النظام الحالي حين بدأ في الكشف عن خيوط مجزرة جمعة الكرامة، مشيراً إلى تورط أحد الرؤوس الكبار من عائلة المخلوع، وهي الجريمة المروعة التي هزت ضمير اليمنيين والعالم، وكانت أحد أسباب سقوط نظام وحشي إجرامي، اتخذ البلطجة والعنف وسيلة لقهر شعبه.
ونشدّ على يد الرئيس وحكومته لمواصلة كشف بقية خيوط تلك الجريمة، التي ما تزال الآلة الإعلامية للنظام السابق تحاول تمييعها وحرفها بعيداً عن مسارها لتبرأته من جريمته والإفلات به من يد العدالة. لكننا على ثقة من وعد الله الذي يمهل ولا يهمل، والذي يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.