نيابة استئناف الامانة تتهم 40 من تجار المبيدات والأسمدة بارتكاب جرائم بيئية وتعريض حياة الناس للمخاطر    مدير فرع كبار العملاء بكاك بنك يستقبل المعزين بوفاة والده بعدن    باريس سان جيرمان يرد ريمونتادا برشلونة التاريخية ويتأهل لنصف نهائى دورى الأبطال    الضالع: القوات المشتركة تُحافظ على زخم انتصاراتها وتُحبط مخططات الحوثيين    بعد تراجع شعبيتهم في الجنوب ...المجلس الانتقالي الجنوبي يعتزم تعيين شخصية حضرمية بديلاً عن عيدروس الزبيدي    لاول مرة. .رغم عدم الافصاح عن مصير المبيدات التي اخرجت بالقوة من موقع الاتلاف    تفاصيل صادمة حول فيديو الفتيات بداخل سيارة بصنعاء ولماذا قامت جماعة الحوثي بتسريب المقطع الذي أثار الراي العام؟    ""خلوكم مثل الزيلعي خلوا عندكم كرامه "..شاهد: رساله مؤلمه من يمنيه مقهوره موجهه لرجالات اليمن    إضراب "شامل" للتجار المستوردين بمناطق سيطرة المليشيات الحوثية بسبب رفع الرسوم الجمركية بنسبة 100%    انتفاضة قبلية في إب وغضب شعبي متصاعد بعد جريمة حوثية بحق شاب(صورة)    ارنولد: انا مدين بكل شيء ل كلوب    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يخالف التوقعات ويُحرج دفاع الاتلتيكو برباعية    وفاة وإصابة 12 شخصاً بحادثين في صنعاء وذمار    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    الكشف عن آخر تطورات الحالة الصحية للفنان عبدالله الرويشد    35 حادثة منذ بداية العام.. حريقان يدمران مأوى 6 أسر نازحة في مارب    بسبب مطالبته لقيادي بدفع الإيجار.. مليشيا الحوثي تختطف مالك فندق في إب    رئيس انتقالي لحج «الحالمي» يعزي في وفاة نجيب صالح يسلم بازومح    الحكومة اليمنية تجدد دعمها للجهود الاقليمية والدولية الرامية إلى إحلال السلام مميز    ممثلة منظمات المجتمع المدني: أصوات نساء اليمن غائبة عن طاولة صنع القرارات مميز    الرئيس العليمي يطمئن على الشيخ صعتر ويُشيد بمواقفه المشرفة    تعيين اللواء عبد الماجد العامري وكيلا لقطاع الخدمة المدنية    الرد الإيراني و الرد الصهيوني المتوقع    وللعيد برامجه التافهة    عن ضرورة الاجراءات لسوق القات!!    بطولة السعودية المفتوحة للجولف تنطلق غداً في الرياض بمشاركة 144 نجماً عالميا وعربياً    قياس كفاءة القيادة القدرة على حل المشكلة بسرعة وسهولة وليس تبرير فشل حلها    فرانك جاليجر وشرعية الصلعان عبدربه منصور ورشاد العليمي    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    سقوط سيارة من منحدر جبلبي ومقتل 7 أشخاص    موعد والقنوات الناقلة لمباراتي برشلونة ضد سان جيرمان ودورتموند ضد أتلتيكو مدريد    أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    معهد دولي أمريكي: أربعة سيناريوهات في اليمن أحدها إقامة دولة جنوبية    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    زيارة بن مبارك إلى المكلا لإقتسام أراضي الخور والطريق الدائري الجديد    تحذير حوثي من هجرة رؤوس الأموال والتجار من اليمن نتيجة لسياسية النهب    ما وراء امتناع شركات الصرافة بصنعاء عن تداول العملة النقدية الجديدة !    حكم الجمع في الصيام بين نية القضاء وصيام ست من شوال    مصرع جنديين وإصابة 4 في حادث انقلاب طقم عسكري بأبين والكشف عن حوادث السير خلال 24 ساعة    - ماهي الكارثة الاليمة المتوقع حدوثها في شهر شوال أو مايو القادمين في اليمن ؟    القوات الأمنية في عدن تلقي القبض على متهم برمي قنبلة يدوية وإصابة 3 مواطنين    نونيز: كلوب ساعدني في التطور    إصدار أول تأشيرة لحجاج اليمن للموسم 1445 وتسهيلات من وزارة الحج والعمرة السعودية    مجلس الامن يدعو للتهدئة وضبط النفس والتراجع عن حافة الهاوية بالشرق الأوسط مميز    12 دوري في 11 موسما.. نجم البايرن الخاسر الأكبر من تتويج ليفركوزن    زواج الأصدقاء من بنات أفكار عبدالمجيد الزنداني    جماعة الحوثي ترفض التراجع عن هذا القرار المثير للسخط الشعبي بصنعاء    هل صيام الست من شوال كل إثنين وخميس له نفس ثواب صومها متتابعة؟    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    فضيحة جديدة تهز قناة عدن المستقلة التابعة للانتقالي الجنوبي (صورة)    الخميس استئناف مباريات بطولة كرة السلة الرمضانية لأندية ساحل حضرموت    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    حتى لا يُتركُ الجنوبُ لبقايا شرعيةٍ مهترئةٍ وفاسدةٍ.    نزول ثلث الليل الأخير.. وتحديد أوقات لإجابة الدعاء.. خرافة    موجة جديدة من الكوليرا تُعكر صفو عيد الفطر في اليمن    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



14 أكتوبر ذكرى تجلِّي نور الحرية وتبديد ظلام الاحتلال والعبودية
نشر في شهارة نت يوم 15 - 10 - 2017

تحتفل بلادنا هذه الأيام من العام 2017م رغم ما تمر به من ظروف استثنائية وحرب بشعة وحصار جائر من قبل تحالف العدوان الذي تقوده السعودية، بالعيد الوطني ال 54 لثورة ال 14 من أكتوبر الخالدة التي انطلقت من جبال ردفان عام 1963م، وأشعلت شرارة الكفاح الشعبي المسلح ضد الاستعمار البريطاني الذي كان يحتل الشطر الجنوبي من الوطن اليمني "آنذاك" وقد جاءت هذه الثورة العظيمة امتداداً لثورة ال 26 من سبتمبر 1962م التي تمثِّل وحدوية الثورة اليمنية الخالدة التي صنعها الشعب اليمني بكل شرائحه الاجتماعية وتوجهاته الفكرية والثقافية ، والتي تُعد مطلباً وطنياً وشعبياً وسياسياً لابد أن يتحقق لأبناء شعبنا اليمني، لتستمر الحياة والعيش لليمنيين كل اليمنيين في شمال الوطن وجنوبه وشرقه وغربه ، فالثورة اليمنية فرضتها ظروف الحكم الاستعماري البريطاني للجنوب والحكم الوراثي الفردي المستبد في الشمال الذي رفضه الشعب اليمني وتصدى له وناضل وقدم قوافل الشهداء لتنتصر الثورة اليمنية الخالدة 26سبتمبر و 14أكتوبر بالتحرر من الاستعمار والاستبداد وتحقيق أهداف الثورة اليمنية الستة ومنها إعادة الوحدة اليمنية التي تحققت فعلاً وعملاً في ال 22 من مايو 1990م وحُكِمَ الشعب بإرادته الحُرة الديمقراطية الشوروية ، وفُتِحت الطريق أمام نضال شعبنا في سبيل تحقيق تلك الأهداف النبيلة والغايات العظيمة لشعبنا وبلادنا التي انتصرت في تحقيق تلك الأهداف والتطلعات الوطنية والسياسية المشروعة رغم العداء السعودي ومعارضته للثورة اليمنية خوفاً من الحكم الديمقراطي "الذي أقلق الأنظمة المستبدة في دول الجوار" منذُ أن قامت الثورة اليمنية في العام 1962م ، لتعمل السعودية بعد أن فشلت في تركيع الشعب اليمني وفرض نظام في اليمن مخالف لإرادة اليمنيين في التحرر من الحكم الوراثي الفردي المستبد والاستعمار البريطاني ، لتعمل بعدها على إفشال أي مشروع وطني يحقق لليمن التنمية والتطور والازدهار في دعمها للمرتزقة الذين استخدمتهم وتستخدمهم السعودية إلى اليوم لإقلاق الأمن والسكينة وضرب منجزات ومكاسب ثورة الشعب اليمني سبتمبر وأكتوبر إلى أن جاءت فوضى عام 2011م المؤامرة الخبيثة التي تم خلالها الانقلاب على نظام الحكم وتخريب مؤسسات الدولة وهيكلة الجيش اليمني بهدف إضعافه ، لتقوم بعدها السعودية والدول المتحالفة معها بالتدخل المباشر في عدوانها السافر البربري الغاشم في العام 2014م بطائراتها وصواريخها وأسلحتها الأمريكية البريطانية المحرمة دولياً التي دمرت كل ما بناه اليمنيون طيلة السنوات الماضية من عمر الثورة اليمنية الخالدة سبتمبر وأكتوبر وما قبلها ومنها الوحدة اليمنية المباركة التي تسعى تلك الدول المعادية بكل جهدها من أجل تقسيم وتجزئة اليمن إلى دويلات لتكون بؤر للصراعات الدائمة والإقتتال الداخلي، ولم تترك تلك القوى والدول المعادية أي شيء جميل في اليمن إلا وقصفته بالطائرات حتى الأماكن الأثرية ودور العبادة والتراث اليمني لم يسلم من عدونها الخبيث الماكر الذي قتل عشرات الآلاف من اليمنيين في المنازل والطرقات والأسواق العامة ومجالس العزاء وحفلات الأعراس وغيرها وحاصرها الجائر المفروض على اليمن براً وبحراً وجواً منذُ ما يقارب ثلاث سنوات حتى اليوم، أمام صمت مريب للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإنسانية وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذي يكتفي بالقلق فقط حيال ما يحدث لليمنيين.!
لقد كان لثورة 14 أكتوبر المجيدة أثرٌ عظيم وتاريخي في دعم ثورة ال 26 من سبتمبر وتعزيز مسيرتها الكفاحية الصاعدة .. فهي من جهة نقلت المواجهة بين الثورة وأعدائها من أطراف النظام الجمهوري الذي أقامته ثورة 26 سبتمبر، إلى داخل الشطر الجنوبي الذي كان مستعمراً ومحتلاً آنذاك من قبل بريطانيا .. ومازلنا نتذكر الجبهات الرجعية المعادية التي فتحها الاستعمار البريطاني لمواجهة الثورة والنظام الجمهوري في أطراف بعض المناطق الجنوبية والشرقية التي كانت تحكمها سلطنات وإمارات محمية من قبل الاستعمار البريطاني ، وقد أدى انطلاق ثورة 14 أكتوبر إلى فتح العديد من جبهات الكفاح الشعبي المسلح ضد الاستعمار وركائزه في الجنوب اليمني المحتل ، الأمر الذي أسهم في تعظيم تفاعل الكفاح الوطني على طريق تحقيق الأهداف الاستراتيجية للثورة اليمنية ومن بينها التحرر من الاستعمار وتحقيق وحدة الوطن وبناء المجتمع الديمقراطي.
وكما تعمّد نضال شعبنا ضد الاستبداد ومن أجل الدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري بالتضحيات الكبيرة وبدماء الشهداء الأبرار، فقد تعمد نضال شعبنا ضد الاستعمار ومن أجل استكمال الاستقلال الوطني والوحدة بالدماء والتضحيات الغالية التي لا يمكن تجاهلها أو التنكر لها.
وبانتصار ثورة 14 أكتوبر المجيدة ، تمّ تحرير الوطن من دنس المستعمرين، وإنهاء الكيانات الانفصالية التي بلغ عددها 22 سلطنة وإمارة ودويلة وصولاً الى توحيدها في إطار كيان شطري واحد ومؤقت حمل اسم جمهورية اليمن الديمقراطي عقب رحيل آخر جندي بريطاني بعد غروب شمس يوم الاثنين الموافق 29 نوفمبر 1967م (عيد الجلاء) ، كخطوة على طريق تحقيق وحدة الوطن اليمني أرضاً وشعباً ، حيث أُعيدت الهوية الوطنية اليمنية للشطر الجنوبي الذي كان محتلاً ثم أصبح حراً بفضل انتصار ثورة 14 أكتوبر.. وكان ذلك مقدمة لاستكمال تحقيق أهداف الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر) في إعادة الوحدة ونظامها الديمقراطي التعددي ، حيث تم رفع علم الجمهورية اليمنية الموحدة في مدينة عدن يوم 22 مايو 1990م، وهو اليوم الذي شهد قيام دولة الوحدة (الجمهورية اليمنية) التي انصهر في ظلها النظام الشطري الذي كان قائم "حينها" في شمال الوطن وجنوبه.
إن يوم الثاني والعشرين من مايو المجيد 1990م كان ثمرة لمسيرة كفاحية طويلة، تعمّدت بالدماء والتضحيات الغالية التي قدمها شعبنا في سبيل انتصار مبادئه وأهدافه الداعية إلى التحرر والحرية والاستقلال والوحدة والأمن والرخاء والاستقرار ، وما كان لهذا الإنجاز الوحدوي الوطني العظيم أن يتحقق بالوسائل السلمية والديمقراطية ، لولا الدعم المطلق الذي قدمه شعبنا لقواه الوطنية والسياسية المشتركة التي صنعت ذلك المنجز الوطني الوحدوي كمكسب للشعب اليمني وللأمة العربية ، ولم تكن صدفة أن تشهد مدينة عدن التوقيع على اتفاق 29 نوفمبر 1989م الوحدوي التاريخي بين قيادتي الشطرين سابقاً، وأن تشهد هذه المدينة الباسلة رفع علم دولة الوحدة في لحظة تاريخية مهيبة من صباح يوم 22 مايو 1990م الذي قامت فيه دولة الجمهورية اليمنية الموحدة .. فقد كانت مدينة عدن ميداناً لأعظم المعارك السياسية والفكرية والثقافية التي تصدى من خلالها اليمنيون، لمختلف المشاريع والمخططات الاستعمارية الرامية إلى تكريس عملية التشطير والتجزئة وطمس الهوية اليمنية !!
على أرض مدينة عدن الباسلة تجسدت وحدة الكفاح الوطني ضد النظام الإمامي في الشمال والاستعمار البريطاني والكيانات السلاطينية في الجنوب، حيث أثمرت هذه الوحدة الكفاحية ثقافة وطنية وقومية تحررية ، أسهم في تشكيلها الرواد الأوائل من قادة العمل الوطني والنقابات العمالية والمثقفون والصحافيون والأدباء والفنانون ، الذين رفعوا عالياً أفكار ومبادئ الحرية والاستقلال والوحدة وتعرضوا في سبيلها لمختلف أشكال القمع والاعتقال والاضطهاد والنفي.
كانت معركة الهوية أولى المعارك التي اجترح الوطنيون الأوائل مآثر كفاحية على محرابها .. فقد أصر الوطنيون اليمنيون على التمسك بالهوية اليمنية للجنوب المحتل آنذاك من قبل بريطانيا ، والتصدي لكل المشاريع الاستعمارية والسلاطينية التي استهدفت فصله عن الكيان الوطني اليمني التاريخي الواحد ، وتجزئته إلى 22 سلطنة وإمارة منضوية في اربع كيانات انفصالية يحتفظ كل منها بعلم خاص وجوازات وحدود وجمارك وقوات مسلحة خاصة بها !!
كما قاوم اليمنيون الأحرار بجسارة وثبات كل محاولات إضفاء هوية مستقلة على كل سلطنة أو إمارة ، حيث حمل الكيان الأول اسم (اتحاد الجنوب العربي) ، وحمل الكيان الثاني اسم (سلطنة حضرموت الكثيري) وحمل الكيان الثالث اسم (سلطنة حضرموت القعيطي) فيما حمل الكيان الرابع (اسم سلطنة المهرة وسقطرى)
والثابت أنّ الاستراتيجية الاستعمارية عملت – في بادئ الأمر – على تكريس تجزئة الشطر الجنوبي من الوطن المحتل آنذاك، إلى أكثر من 22 سلطنة وإمارة ، وربط هذه السلطنات والإمارات بالإدارة الاستعمارية، من خلال ما كانت تسمى بمعاهدات الحماية والصداقة بينها وحكومة بريطانيا، كما حرصت على تحويل هذه الكيانات السلاطينية إلى دويلات لكل منها هياكلها الإدارية والجمركية والأمنية بالإضافة إلى حدودها المستقلة عن الأخرى!!
بعد نشوء الحركة الوطنية المعاصرة وتبلور أهدافها الوطنية وفي مقدمتها إزالة النظام الامامي الكهنوتي الذي أقامته الدولة المتوكلية في شمال الوطن ، والتحرر من الاستعمار والكيانات الانفصالية المرتبطة به في جنوب الوطن ، وصولاً الى تحقيق الوحدة اليمنية المباركة.
سيسجل التاريخ بأحرفٍ من نورٍ للطلائع الوطنية في شمال الوطن وجنوبه آنذاك مقاومتها الباسلة لتلك المشاريع التي استهدفت تجزئة جنوب الوطن إلى بضعة كيانات انفصالية وإضفاء هوية خاصة لكل منها .. وقد تصدى شعبنا وحركته الوطنية لهذا المخطط الاستعماري بكل الوسائل المختلفة ، فيما تعرضت رموزه الوطنية للفصل من الوظائف الحكومية والاعتقال والمحاكمات الصورية والنفي، وغير ذلك من أشكال القمع والملاحقة.. واستمرت هذه المواجهة منذ بدء تسويق هذه المشاريع في نهاية الخمسينيات وحتى يوم الزحف الشعبي الكبير على المجلس التشريعي بتاريخ 24 سبتمبر 1962م، حيث تحولت مدينة عدن إلى ساحةٍ ملتهبة لمعارك شرسة بين المتظاهرين والقوات الاستعمارية التي أطلقت الرصاص عليهم ، ما أدى إلى سقوط عددٍ من الشهداء والجرحى ، والزج بمئات المناضلين في غياهب المعتقلات، بسبب تصديهم لمشروع سلب الهوية الوطنية اليمنية عن جنوب الوطن المحتل آنذاك من قبل بريطانيا، وتلفيق هويات بديلة ومناطقية على كياناته المجزأة.
ولكن شاء التاريخ أن يشع نور الحرية في شمال الوطن ليضمد جراح جنوب الوطن بعد يومين من تلك الأحداث الدامية، بانفجار ثورة 26 سبتمبر 1962م ، التي أسقطت النظام الإمامي الكهنوتي وقيام أول جمهورية في شبه الجزيرة العربية.. ومنذ ذلك اليوم دخلت الحركة الوطنية اليمنية منعطفاً تاريخياً جديداً، حيث التزمت الثورة ونظامها الجمهوري الفتي بدعم نضال شعبنا في الجنوب اليمني المحتل ، من أجل التحرر الوطني والوحدة، وخصصت حقيبة وزارية لشؤون الجنوب المحتل في أول حكومة وطنية تم تشكيلها في صنعاء بعد قيام الجمهورية، تجسيداً لوحدة الأرض والشعب.
وقد تعرضت ثورة 26 سبتمبر الخالدة ونظامها الجمهوري لمؤامرات وتحديات رجعية من الداخل اليمني والخارج "الذي يشن عدوانه على اليمن اليوم" ، فقد كان الدفاع عنها مرحلة جديدة من مراحل الكفاح الوطني تجسدت فيها وحدة الثوريين اليمنيين شمالاً جنوباً، حيث تعمّدت هذه الوحدة بدماء الشهداء من مختلف مناطق اليمن دفاعاً عن الثورة والجمهورية.
ولدى عودة المتطوعين من أبناء منطقة ردفان الذين ساهموا في الدفاع عن جمهورية السادس والعشرين من سبتمبر، رفض هؤلاء المقاتلون وعلى رأسهم المناضل الكبير غالب بن راجح لبوزة الخضوع لأوامر السلطات الاستعمارية بتسليم أنفسهم مع أسلحتهم لغرض التحقيق معهم وكان ذلك إيذاناً ببدء مواجهة مسلحة بين مواطني ردفان والقوات البريطانية التي قصفت منازلهم ومزارعهم بالطائرات والمدفعية الثقيلة، ما أدى إلى استشهاد المناضل الوطني الكبير غالب بن راجح لبوزة صبيحة يوم الرابع عشر من أكتوبر 1963م، الذي تحول إلى شرارة واسعة أشعلت نار الكفاح المسلح في كل أنحاء الجنوب اليمني ضد المحتل البريطاني.
وباندلاع ثورة 14 أكتوبر انتقلت العملية الثورية التي بدأت يوم 26 سبتمبر إلى مرحلةٍ نوعية جديدة ، تعمقت فيها واحدية الثورة اليمنية، حيث كان النظام الجمهوري يخوض معارك الدفاع عن منجزاته الوطنية في الشمال، ويقدم كل أشكال الدعم اللوجيستي والسياسي والإعلامي لثورة 14 أكتوبر التي كانت تدك معاقل الاستعمار والكيانات السلاطينية في الجنوب ، حتى تمكنت الثورة المسلحة من الظفر بالاستقلال الوطني ورحيل الاستعمار في ال 30 من نوفمبر 1967م ، وإنهاء الكيانات السلاطينية وتوحيدها في دولة واحدة، وإعادة الهوية الوطنية اليمنية إلى الجنوب المتحرر ، كخطوة على طريق تحقيق وحدة الوطن اليمني ، الهدف العظيم للثورة والحركة الوطنية اليمنية.
صحيح أنّ طريق استكمال وحدة الوطن اليمني تعرض لكثيرٍ من العوائق والرمال المتحركة بعد استقلال الشطر الجنوبي من اليمن ، وحدوث عواصف عاتية في الشطر الشمالي، ولكن قضية توحيد الوطن أرضاً وشعباً ظلت عنوان العَلاقة بين قيادتي الشطرين ، وخاصة منذ وصول الرئيس علي عبد الله صالح إلى قمة السلطة في الشطر الشمالي من الوطن عام 1978م حيث شهدت البلاد نمواً متسارعاً للعمل الوحدوي السلمي بين القيادتين السياسيتين ، فيما تزايد دور منظمات المجتمع المدني وفي مقدمتها اتحاد الأدباء والكُتّاب اليمنيين الذي كان أول مؤسسة وحدوية تجاوزت واقع التجزئة ، وجسدت مشاركة المبدعين والمثقفين في تعظيم دور الثقافة الوطنية كرافعة قوية لمشروع الوحدة.
وحين بادر الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلى إحداث نقلةٍ نوعية تاريخية في مسار العمل الوطني الوحدوي بطرحه مشروع دمج الشخصيتين الدوليتين لشطري اليمن الجنوبي والشمالي في دولة واحدة أثناء زيارته التاريخية لمدينة عدن يوم 28 نوفمبر 1989م ، للمشاركة في احتفالات العيد الثاني والعشرين للاستقلال ، تفجرت المشاعر الوطنية الفياضة لشعبنا اليمني وقواه السياسية في عموم الوطن، وتحولت إلى قوة داعمة لهذا المشروع الوطني التاريخي، الأمر الذي أدى إلى توقيع اتفاق 29 نوفمبر 1989م الخالد واتفاق إعلان الجمهورية اليمنية في 20 أبريل 1990م وصولاً إلى بزوغ فجر الوحدة المباركة يوم 22 مايو 1990م ، وإقامة أول نظام ديمقراطي تعددي في شبه جزيرة العرب.
وبفضل استعادة الوطن وجهه الشرعي الواحد، تمكن شعبنا من استيعاب صدمة المتغيرات ودهشة التحولات، وأصبح مسار الوحدة أكثر قدرةٍ على مواجهة العواصف العاتية وتجاوز المنعطفات الحادة وتضميد الجراح.
منذ ذلك اليوم الذي لا يمكن فصله عن زمن الثورة اليمنية 26 سبتمبر و 14 أكتوبر ، جرت مياه كثيرة على نهر الوحدة والديمقراطية.. وشهد العالم متغيرات عاصفة ورياحاً عاتية أدت إلى تبديل خرائط وسقوط نظم، واختفاء دول .
ويبقى القول أن ثورة 14 اكتوبر 1963م الخالدة ، امتداد كفاحيٌ ثوريٌ للمشروع الوطني والقومي الذي رفعت بيارقه ثورة 26 سبتمبر المجيدة 1962م، بعد أن أقامت أول جمهورية في شبه جزيرة العرب.
لقد حررت ثورة 14 اكتوبر 1963م الخالدة ، جنوب الوطن المحتل من الاستعمار بدماء الشهداء وتضحيات المناضلين الأحرار ، وقاومت بالكفاح السياسي والمسلح جيوش الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية التي كانت تفخر بأن الشمس لا تغيب عن مستعمراتها في كل القارات ، وأجبرتها على الرحيل.
أسقطت ثورة 14 اكتوبر 1963م، مشروع (الجنوب العربي) وكافة الهويات الملفّقة ، وأعادت الى الجنوب اليمني المحتل هويته الوطنية اليمنية يوم 30 نوفمبر 1967م، ثم أقامت فوق ترابه الحر ، الجمهورية اليمنية الثانية التي ارتفع في عاصمتها عدن الباسلة ،علم ونشيد الجمهورية اليمنية الثالثة في يوم 22 مايو 1990م.
لن ينجح أعراب نجد والخليج الأشدّ كفراً ونفاقاً وعمالة بدعم من الاستعمار القديم والجديد والقوى الرجعية والصهيونية في طمس هويتنا الوطنية الحضارية ، ومصادرة حريتنا وسيادنتا واستقلالنا وقرارنا الوطني مهما فعلوا ومهما قصفوا ومهما بلغت قوتهم وعدتهم وعتادهم ، أما عملاؤهم ومرتزقتهم فسوق يلحقون بمن سبقهم من الخونة الى مزبلة التاريخ.
ألا فليصُم التاريخ بعارِهِ الأبدي ، سافكي ومصّاصي دماء شعبنا ، وبائعي الوطن والتاريخ والأرض والعرض والقيم والمبادئ ، بثمنٍ بخس ..
عاشت اليمن حرة موحدة أبية منتصرة.
والرحمة والخلود للشهداء الذين قضوا نحبهم في سبيل الدفاع عن اليمن ووحدتها وعزها ومجدها وكرامة أبناءها في كل مراحل النضال حتى اليوم.
والغزي والعار للعملاء والمعتدين الآثمين ولا نامت أعين الجبناء ؛؛؛
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.