اشتداد حدة التوتر بين مسلحين قبليين ومليشيا الحوثي في ذمار    مليشيا الحوثي تختطف عريساً قبل يوم واحد من زفافه    الحوثي والرهان الخاسر    الجيش الإيراني يدشن هجوم المُسيرات الخارقة للتحصينات    الصبر مختبر العظمة    اعتقال صحفي في محافظة حضرموت    الفريق السامعي: ما يحدث ل"إيران" ليس النهاية ومن لم يستيقظ اليوم سيتفاجأ بالسقوط    إيران تعلن اطلاق موجة صواريخ جديدة وصحيفة امريكية تقول ان طهران ستقبل عرض ترامب    مواطنون يشكون منع النقاط الامنية ادخال الغاز إلى غرب محافظة الضالع    إغلاق مطار "بن غوريون" يدفع الصهاينة للمغادرة برا .. هربا من الموت!    كندة: «ابن النصابة» موجّه.. وعمرو أكبر الداعمين    لأول مرة في تاريخه.. الريال اليمني ينهار مجددًا ويكسر حاجز 700 أمام الريال السعودي    مجلس الوزراء يشدد على مواجهة تدهور العملة للتخفيف من معاناة المواطنين    حدود قوة إسرائيل    مانشستر سيتي يفوز بثنائية على الوداد في كأس العالم للأندية    فعالية ثقافية للهيئة النسائية في الأمانة بذكرى رحيل العالم الرباني بدر الدين الحوثي    عدن بين الذاكرة والنسيان.. نداء من قلب الموروث    حجة .. إتلاف مواد غذائية منتهية الصلاحية في مديرية المحابشة    الرئيس المشاط لأهالي غزة: "نصر من الله" سترونه قريبا    اجتماع بصنعاء يناقش جوانب التحضير والتهيئة الإعلامية لمؤتمر الرسول الأعظم    رئيس الوزراء يناقش نشاط وزارة الشئون الاجتماعية والوحدات التابعة لها    روسيا تحذر أمريكا من مساعدة تل أبيب «عسكريا»    لملس يزور الفنان المسرحي "قاسم عمر" ويُوجه بتحمل تكاليف علاجه    البيضاء : ضبط ستة متهمين بجريمة قتل شاب من إب    رسميا.. برشلونة يضم خوان جارسيا حتى 2031    انتقالي شبوة يتقدم جموع المشيعين للشهيد الخليفي ويُحمّل مأرب مسؤولية الغدر ويتوعد القتلة    الرهوي يناقش التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    ترقية اليمن إلى عضوية كاملة في المنظمة الدولية للتقييس (ISO)    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 19 يونيو/حزيران 2025    مأرب.. مقتل 5 اشخاص بكمين استهدف شاحنة غاز    مدارج الحب    صراع سعودي اماراتي لتدمير الموانئ اليمنية    أزمة خانقة بالغاز المنزلي في عدن    لاعبو الأهلي تعرضوا للضرب والشتم من قبل ميسي وزملائه    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    بن زكري يقترب من تدريب عُمان    عاشق الطرد والجزائيات يدير لقاء الأخضر وأمريكا    ألونسو: لاعبو الهلال أقوياء.. ومشاركة مبابي تتحدد صباحا    شرطة صنعاء تحيل 721 قضية للنيابة    بين صنعاء وعدن .. على طريق "بين الجبلين" والتفاؤل الذي اغتالته نقطة أمنية    الحديدة.. فعاليتان في المنيرة والزهرة بذكرى يوم الولاية    ترامب يؤكد ان مكان خامنئي معروف ويستبعد استهدافه وإسرائيل تحذّر من انه قد يواجه مصير صدام حسين    الإمارات توضح موقفها من الحرب بين إيران وإسرائيل وتحذر من خطوات "غير محسوبة العواقب"    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    حوادث السير تحصد حياة 33 شخصاً خلال النصف الأول من يونيو الجاري    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    على خلفية أزمة اختلاط المياه.. إقالة نائب مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدن    طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد    بالأدلة التجريبية.. إثبات وجود ذكاء جماعي لدى النمل!    صنعاء .. التربية والتعليم تعمم على المدارس الاهلية بشأن الرسوم الدراسية وعقود المعلمين وقيمة الكتب    وجبات التحليل الفوري!!    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    اغتيال الشخصية!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا هذا الحقد من معظم حكام الخليج على اليمن وسورية والعراق؟
نشر في شهارة نت يوم 13 - 01 - 2022


بقلم/ أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور*
من مُسلَّمات بناء الدول والأحلاف والتكتُلات السياسية والعسكرية والاقتصادية في هذا العالم، أن تقوم على أساس المصالح الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وحتى الثقافية المشتركة بين تلك القوى الاجتماعية والجهوية، وكذلك بين الدول التي قررت أو ستقرر، أو نَوَت أو تنوي إقامة مثل تلك التجمُعات والأحلاف.
وهذه ظاهرة وقعت في التاريخ القديم والحديث على حدٍ سواء، وستستمر في التكوُّن والإنشاء طالما ظهرت حاجة موضوعية لذلك.
على سبيل المثال يُذكِّرنا التاريخ الحديث في نشوء وتكوُّن الأحلاف والتجمُعات العسكرية والتجارية، ففي الحرب العالمية الثانية التي دارت بين دول الحلف والمحور اللذين تشكَّلا في زمن الحرب العالمية الثانية، البعض منها انتهى وأُلغي أو ضعُف بفعل الظروف المحيطة به، وبعضها استمر إلى يومنا هذا في أدائه العدواني الشرس في حماية مصالح أعضائه ضدَّ الآخرين.
لنذكر من تلك الأحلاف التي انتهت أو ضعُفَت، كحِلف فار شاو الاشتراكي، وحِلف الكوميكون الاقتصادي، وحِلف أو تكتل دول عدم الانحياز للدول النامية، وحتى التجمُعات العربية والإسلامية، بقيت هياكل غير فاعلة أو مخترقة من قِبَل الدول الأكثر نفوذًا اليوم، وهي أمريكا وأوروبا واليابان وأستراليا.
وهناك أحلاف ما تزال قوية وشرسة، مثل حِلف شمال الأطلسي (الناتو)، وحِلف الدول السبع الكبرى اقتصادياً، وحِلف الدول المستقلة والتي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي قبل أن يتفكك في تسعينيات القرن الماضي، وكذلك حِلف دول البريكس وهي الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.
وهناك أحلاف وتجمعات ظهرت في عالمنا العربي والإسلامي، لكنها جميعاً مُخترقة، ولم تقم بالدور المُناط بها أو المأمول منها، ومثالاً على ذلك جامعة الدول العربية، الذي أُضعِفت مُنذ بدء تأسيسها، وكذلك منظمة التعاون الإسلامي، وهي الأُخرى لم يتم التعويل عليها منذ الإنشاء لوجود تناقض حاد بين أعضائها، وهناك تكتلات عربية أصغر لم تلقى النجاح والاستمرارية بسبب تعارض أو تضاد المصالح بين أعضائها.
لنأخذ على سبيل المثال؛ مجلس التعاون الخليجي العربي، وهو التكوين الإقليمي الذي ظهرت معه عوامل النجاح والاستقرار بمجرد التأسيس، أو على الأقل يبدو للمراقب بأن هذا التشكيل أو التكتل أقرب إلى النجاح بحكم العوامل المشتركة بين الدول الست أعضاء المجلس، وهي:
أولاً: يجمع بين هؤلاء الأعضاء الثراء الفاحش، وهو ثراء البترودولار.
ثانياً: تشابه النُظم السياسية والاقتصادية الملكية المُطلقة بين المؤسسين للتكتُل، وهي الأقرب إلى أُسس النُظم العائلية العشائرية ما قبل بناء وتطور الدولة الحديثة على مستوى العالم.
ثالثاً: جميعها تم تأسيسها تحت المظلة البريطانية، وبعد ذلك انطوائها تحت المظلة الأمريكية وبحمايتها.
رابعاً: جميعها شمِلَتهُم بنود اتفاقية سايكس – بيكو، باعتبارهم تحت الحماية والرعاية والتوجيه الغربي الاستعماري.
خامساً: مع أن وظيفتها الخفية والظاهرة مُنذ الإنشاء والتأسيس وحتى هذه اللحظة، هو الوقوف في وجه أي تجمُعات، أو تكتلات، أو تنظيمات عربية، أو إسلامية، تهدف إلى (مجرد المحاولة) لتحرير أرض فلسطين من الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي، والمحمي من قِبل دول الغرب الاستعماري والولايات المتحدة الأمريكية تحديداً.
دعونا نستعرض بتركيز الدور المشبوه التي لعبته مجموعة الطُّغم الحاكمة في دول الخليج الأعْرَابي ضدَّ الشعوب والدول العربية التي تحررت من الاستعمار الغربي:
أولاً: وقفت أسرة آل سعود ضدَّ ثورة الشعب العربي المصري التحرُرية بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وحاكت له المؤامرات تلو الأخرى، بهدف إسقاطه وإفشال التجربة الثورية الناصرية في مصر وفي المنطقة كلها، واشتركت المملكة بشكلٍ مباشر وغير مباشر مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي لهزيمة الجيش المصري في يونيو 1967م، فيما سُمي آنذاك ب (نكسة حزيران).
ثانياً: تحالفت دول مجلس التعاون الخليجي ضدَّ النظام الثوري التحرري الجزائري بقيادة المناضل هواري بو مدين، بسبب موقف الجزائر مع عدالة القضية الفلسطينية، وعدالة النضال ضدَّ الاستعمار بمراحله السوداء، وساندت حركات التحرُر في عالمنا العربي، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، باعتبار أن الثورة الجزائرية هي ثورة تحرُرية و ضحَّت بمليون ونصف المليون شهيد من أجل التحرُر من الاستعمار الفرنسي، ولهذا عُوقِبت بقسوة بما يسمى بالعشرية السوداء الإرهابية الوهابية، ودفع الشعب الجزائري الشقيق آلاف الشهداء، ومليارات الدولارات، ثمناً مقابل الخروج من تلك المحنة الكبرى.
ثالثاً: تحالفت الطُّغم العشائرية الخليجية والولايات المتحدة الأمريكية لدفع النظام العراقي بقيادة الرئيس صدام حسين المجيد، للدخول في حربٍ شعواء استمرت ثماني سنوات ضدَّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حربٌ راح ضحيتها مئات الآلاف من الضحايا من كلا الشعبين الشقيقين، وبعدها جاء غزو العراق للكويت الشقيق بتدبيرٍ من السفارة الأمريكية في بغداد، وبعدها تمَّ فرض حصار جائر على الشعب العراقي، تقول التقارير الدولية والمحلية أنه وبسبب الحصار خسر العراق قرابة مليون ونصف طفل عراقي ماتوا لأسباب مختلفة، وأتذكر أن أحد الصحفيين سأل السيدة مادلين أولبرايت وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أثناء حُكم الرئيس بيل كلنتون – سألوها عن هذا الحصار المفروض على العراق، الذي مات بسببه مليون ونصف المليون من أطفال العراق، فردَّت على الفور وبعنجهية مُفرطة سخيفة بأن القضية تستحق الثمن، تخيلوا أن إجابتها الوقحة قد لاقت استحساناً لدى الأوساط السياسية الغربية، مع أنها دليل إثبات على وحشية وجريمة النظام الأمريكي الذي تسبب في كل تلك الجرائم البشعة، وبعدها تكوَّن ونشأ حِلفٌ عُدواني جديد ضدَّ العراق العظيم، مُكوَّن من النُّظم (الأمريكية، والبريطانية، والإسبانية، ومن شيوخ وملوك الخليج) لغزو جمهورية العراق في العام 2003م باقتحام أسوار بغداد واحتلالها، ونتج عن ذلك الاحتلال الوحشي إلى أن تضرَّر العراق وشعبه العظيم، وأُعِيد البلد إلى الخلف لعشرات العقود إن لم يكن لقرنٍ كاملٍ في جميع المجالات والأنشطة، تمَّ على إثره تدمير الاقتصاد العراقي وتدمير بُنيته التحتية، وجامعاته، ومدارسه، ومستشفياته، ومصانعه، وطرقاته، كما تمَّ قتل وتشريد عُلمائه، وشعرائه، وأدبائه، ومُثقفيه، وسرقة كنوزه التاريخية للحضارات الآشورية، والبابلية، والسومرية، وجميع فروع حضارات ما بين النهرين العظيمين، وبعد حينٍ تمَّ إعدام الزعيم صدام حسين عن طريق شنقه بوحشية في فجر يوم عيد الأضحى (العاشر من ذو الحجة) الموافق 30 ديسمبر 2006م، وقد جرى ذلك بتسليمه للحكومة العراقية العميلة، من قِبل حرسة الأمريكان، تلافيًا لأي جدلٍ قانونيٍ في أمريكا، والتي اعتبرته أسير حربٍ في الأوساط الأمريكية الداخلية، وكانت طريقة إعدامه بمثابة عِبرةً لمن يقول لا لطاغوت العصر أمريكا أو يُعبِّر عن رأيه بحرية واستقلالية.
رابعاً: تحالف حُكام الخليج مجتمعةً، وربما باستثناء دولة الكويت، ضدَّ النظام الوطني للجبهة القومية والحزب الاشتراكي اليمني في جنوب اليمن بقيادة/ سالمين، وعبدالفتاح، وعلي ناصر، إلى أن تمَّ إنهاكه، وبعد أن توحَّد الشعب اليمني في 22 مايو 1990م، لم يَرُق لدول الخليج الأعْرَابي تلك الوحدة، وخططت لقيام حرب الانفصال في صيف عام 1994م، والتي قادها الانفصالي الرفيق علي سالم البيض، ولكنها هُزمت شرَّ هزيمة أمام إرادة الشعب اليمني العظيم، وبهزيمة الانفصاليين توثَّقت أركان دولة الوحدة، وتقوَّت مداميك الوحدة أكثر من سابقتها.
خامساً: خططت دوائر الاستخبارات الأمنية، والعسكرية، والسياسية الغربية، وتحديداً أمريكا، بريطانيا، فرنسا، لمشروعاتها الدموية في عالمنا العربي تحت يافطة ما سُمي ب(ثورات الربيع العربي)، التي كُلِّفت دول مجلس التعاون الخليجي بتمويله مالياً، والدخول في معاركه عسكرياً، إذا اقتضت الضرورة للقيام بهذا الدور، وأُنيط الدور السياسي والإعلامي بحزب الإخوان المسلمين في العالم العربي بتنظيم الحركة الداخلية، وسُخِّرت لها القنوات العربية العملاقة (كشبكة الجزيرة الإخبارية، والعربية، والعربية الحدث، وسكاي نيوز عربية، وملحقاتها الإخبارية)، والقنوات الإعلامية العالمية بشرقها وغربها، جميعها جُيِّشت لخدمة تدمير النُّظم العربية الوطنية، مثل جمهورية تونس، الجماهيرية الليبية الشعبية، جمهورية مصر العربية، الجمهورية العربية السورية، والجمهورية اليمنية.
كل دولة من الدول آنفة الذكر رُسم لها سيناريو خاصاً بها، لتدميرها وإسقاطها ولتحويلها إلى دُولٍ ضعيفة وفاشلة تابعة لقطيع المشروع الغربي المُطبِّع مع الكيان الصهيوني تحت شعارٍ جديد؛ وهي تعايش الأديان السماوية الإبراهيمية، تحت المظلة والسقف الأمريكي دون سواه.
شاهد العالم أجمع كم عبث حُكام الخليج الأعْرَابي ومعهم جحافل من قوات حِلف الناتو العُدواني وهم يعبثون بالشعب العربي الليبي، يقتلون فيه، يسرقون خيراته وتراثه وغيرها، والجميع يتفرج على بُؤس مشهد الخليجيين وهم يتصارعون ويختلفون في سلوكياتهم الرعناء على تراب وجغرافية وتضاريس الشعب الليبي الحُر، وهذا الموقف جاء لمعاقبة الشعب الليبي، لأنه وقف بوضوحٍ مع شقيقه الشعب العربي الفلسطيني.
سادساً: نتذكر كيف احتشدت جحافل العُربان الخليجيين بأموالهم السخية، وإعلامهم الوقح الطاغي، مع جحافل دُول حِلف الناتو العدواني، وهذه المرة بقيادة جمهورية تركيا الإسلامية العثمانية الطورانية، كيف فتحت الحدود للإرهابيين المحترفين من جميع الجهات الأربع للكرة الأرضية، كيف نظَّموا هِجرة الإرهابيين القتلة من دُول وأقطار، وجنسيات بلغت تسعين دولة وجنسية من غرب أوروبا (المتحضرة)، وأفريقيا، وآسيا، وبدعم لوجيستي أمريكي-بريطاني-فرنسي، والغريب أن الكيان الصهيوني الإسرائيلي فتح حدود شمال فلسطين المحتلة لهؤلاء القتلة الأوباش من تنظيم داعش، والقاعدة، والإرهابيين من جبهة النصرة، ومقاتلي جبهة الشام.
أي صُدفة هذه التي يتخادم فيها المال العربي الخليجي، والإعلام العروبي الصهيوني، و (الحضارة الغربية) التي تتشدَّق في كل لحظة بحقوق الإنسان، والكيان الصهيوني الإسرائيلي أي (الدولة الديمقراطية الوحيدة) في الشرق الأوسط، كما يتقولون، جميع هذه المخلوقات انقضُّوا كالوحوش الكاسرة ضدَّ الشعب السوري العظيم، بِعرَبهم وأكرادهم، وسريانيهم، ودروزهم، وسنييهم، وشيعتهم، وبدوهم، وحضرهم.
يقول الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني وزير خارجية قطر السابق: ( قد كُلِّفنا من قِبل أمريكا والسعودية معاً بأن نقود الملف السوري، ودفعنا في هذا الملف ما يقارب 134مليار دولارٍ أمريكي لتمويل المقاتلين، ومشروع إسقاط الدولة السورية)، تخيَّلوا يقولها بعظمة لسانه، وبشحمه، ولحمه، في إحدى المقابلات التلفزيونية، إذاً يتساءل الشارع العربي من المحيط إلى الخليج ليقول، كم دفعت السعودية، والإمارات، والكويت، وغيرهم من هؤلاء العابثين بالأمة العربية والإسلامية؟!!.
تخيَّلوا للحظةٍ واحدة أنه لو لم يتدخل العُقلاء الشُجعان المجاهدين من حزب الله اللبناني، ومن أبطال فيلق القدس الإيراني المقاوم مع أبطال الجيش السوري البطل بقيادة الرئيس الحكيم بشار الأسد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة السورية، لتناثرت هذه الفسيفساء الاجتماعية والشعبية الإنسانية، وسقطت تجربة المقاومة الصلبة للشعب السوري ضدَّ المشروع التطبيعي الصهيوني، وبالتالي انتصرت (إرادة المشروع الأمريكي)، بما عُرف آنذاك بصفقة القرن (الترامبية المشؤومة) على القضية الفلسطينية.
وللتذكير فحسب بأن سوريا العروبة كانت وما تزال تفتح مطاراتها، وموانئها، ومعابرها البرية، لكل عربي للولوج إلى أراضيها دون تأشيرة دخول، وأن التدريس في الجامعات السورية هي باللغة العربية، وأن مُخرجات التعليم الأكاديمي فيها راقية وعالية عالمياً، وأن مستوى المعيشة كانت محترمة وراقية قبل هذا العدوان، أي قبل عشر سنوات تقريباً.
سابعاً: لماذا كل هذا الحقد الأعمى والمريض على الشعب اليمني، ولماذا يتم تجهيز حِلف عُدواني خليجي-عربي-إسلامي بهذا الاصطفاف، بدأ الحِلف عُدوانه المكون من 17 دولة إسلامية وعربية في يوم الخميس 26 مارس 2015م، وما يزال مستمراً حتى كتابة هذه الأسطر، صحيح أن السعودية ومشيخة الإمارات هما من يقودان المعارك حتى اليوم، لكن للأسف بقية دول الخليج باستثناء (سلطنة عُمان) جميعها وبنسبٍ متفاوتة، هي التي أظهرت عدائها السافر ضدَّ الشعب اليمني بعاصمتها التاريخية صنعاء، وجميعها اشتركت بالمال الرخيص والعتاد العالي الدقة والتكنولوجيا، والإعلام الأكثر قذارة في الأسلوب والمدلول ضدَّ اليمن العظيم.
حرب تم تعطيل الاقتصاد فيها، ونُقِل البنك المركزي إلى غير مكانه، وقد تمَّ طبع أوراق نقدية للعُملة اليمنية طيلة زمن العدوان بما يوازي مرات بأكثر مما طُبع منها مُنذ فجر ثورتي 26 سبتمبر 1962م، و14 أكتوبر 1963م، أضعاف ما طُبع في هذه المرحلة، بهدف إسقاط العملة اليمنية وتكبيد الشعب اليمني معيشة باهظة، وتمَّ إغلاق مطار صنعاء وميناء الحديدة اللذان يخدمان أكثر من 25 مليون مواطن يمني.
وتمَّ جمع مقاتلين مرتزقة من اليمنيين سُمِّيت بمسميات غريبة عن واقعنا وجيشنا الوطني، ومن الأجانب من شركة (بلاك ووتر)، ومن المرتزقة العرب من الجنجويد السودانيين والسنغاليين.
صرفوا ويصرفون على حربهم القذرة في اليمن عبر جميع دول شيوخ الخليج مُنذ ذلك التاريخ حتى اليوم، مئات المليارات من الدولارات في شكل رواتب وأتعاب ومكافآت من رئيس الجمهورية السابق ونائبه، إلى آخر مرتزق ضمن الوحدات العسكرية القتالية لهؤلاء المرتزقة، يقول المركز البحثي المختص بتحليل تكاليف ثمن الحروب على مستوى العالم في جامعة هارفارد العالميّة: ما يلي:
إن المملكة السعودية لوحدها تدفع ومُنذ بدء الحرب على اليمن ما يوازي 200 مليون دولار يومياً، موزعة بحسب البنود العسكرية، والأمنية، والسياسية، والنيابية، والشوروية، والدبلوماسية، والإعلامية، والتسليحية، واللوجستية، وصولاً إلى تخزينه القات اليومي وتوابعها (ما قبل وما بعد) من القيادات، والأفراد، والإعلاميين، في الرياض، وأبوظبي، ودبي، والدوحة، وإسطنبول، وحتى آخر جزيرة نائية في بحر العرب بالمحيط الهندي، هذا الصرف المذهل. سأذكر لهؤلاء الأعداء ومرتزقتهم خسارة مؤلمة واحدة من مئات الآلاف من الخسائر التي يحصدها الشعب اليمني يومياً جراء عُدوانهم، ذكرت تقارير اليونيسف ووزارة الصحة في حكومة الإنقاذ الوطني أن خسائر اليمن من وفيات الأطفال، وموت الأجنة في أحشاء أمهاتهم الطاهرة يومياً، قُدِّر ب 270 طفلاً وأجنة بسبب الحصار والعُدوان والتجويع، هذا فقط مثال مؤلم واحد نسوقه للرأي العام العالمي فحسب.
الخلاصة:
لو أن شيوخ وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي راجعوا حساباتهم السياسية والأخلاقية والدينية، وتفكروا بروية في جميع ما اقترفوه من مآس وجرائم بشعة في تاريخ أمتنا العربية والإسلامية، لما ترددوا لحظة واحدة في الكف عن قبول ما صنعوه من تاريخهم الأسود، وسيعودون لا محالة إلى رشدهم بعد كل هذا الغي والفجور والتمادي في إيذاء هذا الشعب العربي المسلم من المحيط إلى الخليج.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.