الثورة جنين شعب شارك الكل في إنجابه وسيشارك قطعاً في تربيته، ولهذا ترى الكل يحنو ويعتني برفق ليحافظ على هذا المولود الثوري الحديث الذي جاء بمخاض سلمي عسير مثل ثورتي الشباب في مصر واليمن وأحياناً بعد عملية قيصرية دامية كما في تونس وليبيا، ويتحمل الكل مسؤوليته والعناية به. وقد رأينا جميعاً المصريين والتونسيينواليمنيين والليبيون يتصرفون بمسؤولية عالية وهم يشعرون في الوقت ذاته بزهو كبير بهذا المولود الجميل، ويحاولون قدر استطاعتهم توفير بيئة وظروف صحية مناسبة ليكبر ويكبروا معه..! لقد أظهرت ثورة الشباب اكتشاف جديد للذات.! بأنها - أي الثورة - تشحن وتلهم الأمم، وتفجر الطاقات، وتقرب الأفراد والمسافات، وترفع درجة المسؤولية لدى الأفراد والجماعات، وتعزز القيم الايجابية وتوحد الشعوب والأمم في المجتمعات .. فهي وبكل ماكلمة الثورة تحمله من معانِ ودلائل وعطائات «مخلوق جميل».. فمزيدا من الثورات والمواليد حديثة الإبتكار..! لقد أدرك الجميع الآن كيف ساهمت هذه الثورات العربية «السابقة والمستمرة» في تونس ومصر واليمن وليبيا، وماسيصاحب هذه البلدان العربية التي تنشد بمولودها الحديث «جيلها الشبابي الثالث» التحرر من إستبداد أنظمتها وسياستها ومسؤلياتها تجاه شعوبها وجماهيرها التي أنفصلت عنها وعن إرادتها إنفصالاً تاماً،لدرجة أنها أستمرأت الظلم والقهر والجوع والبطالة في صفوف الشعب،بل أستمرأت الخيانة على مستقبل الجماهير مع أعداء الأمة، فأصبحت طيعة، تعيش الذل والمهانة من أجل الديمومة على كرسي الحكم الخشبي المتهاوي والذهبي المذحّل.وكذلك لمواقفها العروبية والإنسانية والدينية تجاه أهم القضايا العربية التي تجتاح المنطقة وأهمها قضية شعبنا العربي في فلسطين، ومواقفها «المتخاذل» المتجاهل بل ربما المتجاوب مع مشروع ال«شرخ أوسخ»، الأمر الذي جعل الجيل الثالث لشباب الأمة أن يواجهوا هذا المشروع المُقسِم بمشروع ثوري حديث الولادة مشروع ثوري وحدوي موحد، جيل شبابي يصنع التاريخ مع مطلع الألفية الثالثة، حتى أخذت ملامح التغيير تطفو على السطح في كل مكان من جغرافية الوطن العربي، وباتت الأنظمة العربية الرسمية «كل يتحسس رأسه»، خوفاً من أن يكون تالياً.. نعم إنه جيل الآلفية الثالثة يتوق للتغيير وآخر للتحرير وآخر ينشد العدل والإصلاح.. ولاشك أن هذه الثورة العربية التي ستعم بلدان العالم العربي وتنعم بها شعوبها سواءً الفقيرة أو المتقدمة لاشك أنها إرادة إلاهية عن طريق شباب توّاق لحياة العزة والكرامة والبناء والعدل والإصلاح والنخوة العربية ونحوها طموحات يريدون تحقيقها بثورة كرامة لا ثورة خبز كما يظن البعض متوهماً، لأنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، فالكرامة العربية التي هُدرت على أيدي جلاوزة النظام العربي الرسمي، هي التي أنتجت الفساد، وهي التي دفعت بالنظام العربي الرسمي إلى أن يظن واهماً أنه في مأمن عن معاقبة الجماهير الشعبية وتحديداً الشبابية، لذا فإن ديموتها مستمرة مادامت هناك كرامة مهدورة.. نعم إنه عصر جماهير الجيل الشبابي الثالث الذي التحق به كل أبناء الأمة ليس لأنه يمثل الشعب فحسب، بل لأنه شباب يؤمن بكامل ماجاء به الإسلام الحنيف كما قال تعالى ( وتلك الأيام نتداولها بين الناس)، وسواءً كانت تعاني هذه البلدان هذا الفساد والإستبداد والظلم والفقر والبطالة ونحو ذلك من القضايا والمشاكل الداخلية والخارجية أم لا، فالتغيير في كل الأحوال كما يؤمن به هذا الجيل واجب وضروري ورغم أنه طفرة إنسانية فإنهم قد جعلوه مولود ثوري حديث للتحرر من حكامهم وأنظمتهم المستبدة عليهم، ومؤمنين بإن التغيير قد يشمل الأرض والسماوات لقوله تعالى:(يوم نُبدّلُ الأرضُ غيرَ الأرضِ والسماواتُ وبرزُوا للّه الواحِدِ القهّار).. ويجب أن يشمل هذا التغيير بعد الأنظمة الحاكمة أنظمة المعارضة التي لم تستطع خدمة بلدانها أو تقوم بمثل هكذا تحرر وتطهر للبلاد والعباد، بقدر ضررها الذي حل محل نفعها، وكذا تغيير جذري يجب أن يشمل مختلف التوجهات والمواقف الفردية والجماعية والمجتمعية المستمدة قوتها من روح ديننا الإسلامي الحنيف.. ولاشك أن الجميع قد أدرك كيف ساهمت هذه الثورات السابقة بل وكيف ستساهم في تحقيق الوحدة العربية (شعوباً وحكومات)، بدءاً وإنطلاقاً من تحقيق وإرساء صور تحديثية إيجابية على الصعيد الديمقراطي وبأساس وحد مختصر من جمعه -أسس- وهو التغيير السلمي لتبادل السلطة وتداول الحكم بين الناس وهذا الأساس تجسد في طريقة التثوير نحو التغيير فالبناء والرخاء والعدل والمساواة والتقدم بالتحرر من أنظمة سياسية لم يعرف هذا الشباب الثائر منذ نعومة أظفاره حكام آخرون جدد متبدلون إلا حاكم واحد فقط يحكم كلاًبلاده.. وبهذا الإيمان الشبابي يكون الشباب قد أخترعوا نوعاً جديداً للإنتهاج الديمقراطي الشرعي سلمياً وأساسه التغيير، وهو صورة من صور الثورة العربية ووحدتها على الصعيد العربي.. أما الوحدة على الصعيد الداخلي لكل بلد تجري فيه الثورة فجميعنا يدرك الإختلاف المذهبي والسياسي والإجتماعي بين أبناء البلد الواحد، فقد عملت هذه الثورة وتلك في تلك البلدان وتحديداً في مصر ثم اليمن وليبيا على تجسيد اللحمة الوطنية الشبابية والشعبية المؤيدة وذلك بين أبناء الشعب الواحد من خلال إلتقاء جميع الأطياف والمذاهب والأطراف السياسية والثقافية والإجتماعية والفكرية والعسكرية والقبلية وووووإلخ في إطار المجتمع،من خلال التجمع والتجمهر والإلتقاء في ساحات وميادين الاعتصامات الشبابية فالشعبية في لقاء وتجمع ثائر سلمي من مختلف الشرائح والخلفيات والانتماءات في الميادين والساحات لأيام وأسابيع وأشهر، وتجعلتهم يجلسون ويتحاورون ويأكلون ويشربون وينامون ويغنون ويُصابون ويُقتلون ويتألمون ويتعاونون ويتفاهمون ويناقشون ويصلون ويحلمون ويمشون ويعيشون سوياً.. إذاً الأمر هنا الذي أدى إلى تعزيز مهارة الإستماع ولغة الحوارالثائر الشامل بين أبناء المجتمع وليس لغة الحوارالسياسي بين حاكم وبين معارضة كماهو الحال في بلادنا الذي يدعو إلى هذا الحوار الرئيس علي عبدالله صالح، كما تعمل هذه الثورات العربية على تمتين اللحمة المجتمعية والتي ستشكل رافد قوياً للحياة الإجتماعية والسياسية بعد إنتصار الثورة. الثورة اليمنية.. ومستقبل اليمن.. لناس العاديون بطبعهم لا يميزون ولا يكترثون بدين أو عرق أو طائفة الآخر وهم يتعايشون ويتحاورون ويتجاورون يومياً منذ مئات السنين، وسيكتشفون أن الحكام والسياسيين بعد خلعهم هم من فعل ويفعل ذلك. هكذا فعل مبارك بين المسلمين والأقباط، ومثله زين العابدين وهو يلوح بخطر سيطرة "الإرهابيين" الإسلاميين، ومثلهما القذافي وهو يهدد بالانقسام القبلي والقاعدة، ومثلهم علي عبد الله صالح وهو يهدد بالحوثيين والقاعدة والانفصال وأحزاب اللقاء المشترك وهو وحده نتفق معه على ذلك فكل من هذه الأطراف الأربعة في اليمن لها أجندة خارجية، وبالتالي لم يتفق كل طرف مع الآخرفي بناء البلاد ببناء دولة مؤسسات بقيادة مدنية، نتفق معه في هذا الحال لأنهم جميعاً لم يدركوا ويؤمنوا بتوحيد اللحمة التي جسدتها وتجسدها هذه الثورات المباركة بين مختلف شرائح المجتمع اليمني مثلاً، فهناك الحراك يريد إنفصال جنوباليمن عن الشمال وهذا مطلب واضح للحراكيون وعلى رأسهم علي سالم البيض بدل مايجعلون من حراكهم الجنوبي إتصال مطالب الجنوب بمطالب الشمال،وهناك أيضاً من يريد إنشاء دولة ملكية غير الإمامية كمايدعي الرئيس صالح بل ملكية «فارسية» شرق شمال البلاد، وهناك من يسير على خطى أمريكا وإسرائيل في مشروعهما الفاشل الذي فشل مجرد إندلاع هذه الثورات وهو إنشاء شرق أوسط جديد، ولازال هذا المشروع قائم بطريقة أخرى وهي ركوب هذه الموجه التثويرية بإستغلالها، وعلى نفس الحال تسير أحزاب اللقاء المشترك بتولي مشاريع هذه الأطراف الأربعة، وبالتأكيد إذا أشتركت هذه الأحزاب مع هذه الأطراف سوف تقودها إلى تقسيم هذا الإنقسام -لاسمح الله- وهو إشتراك بمشروع (شرق أوسط يمني)يقسم الإنقسام الداخلي لاسمح الله إلى ثلاثة أجزاء ورابعها سيكون من نصيب القبلية، وهذا المشروع لاشك أنه إستغلالاً لثورة شبابنا اليمني والمهم يجب أن نحذر منها الآن بإن يعلن كل طرف موقفة الفعلي والعملي وفقاً لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف نحو نجاح هذه الثورة وأن يتفقوا جميعاً على أن يكون أول هدف لها -أي ثورة شباب اليمن السلمية- هو واحد: العمل على تحقيق أهداف ثورة ??سبتمبر وعددها سته أهداف لم يستطع النظام الحالي تحقيقها لكونه يقوم حد ذاته بمنظومة مستبدة..