صدعت المعارضة اليمنية المدعوة باللقاء المشترك رؤوسنا وأصمت آذاننا في الفترة الماضية بانها تقوم بدورها السياسي "العظيم" لتخفيف الكلفة على الشعب اليمني ، وأدعت زوراً وبهتاناً بأنها تشكل الفصيل الأهم من فصائل الثورة اليمنية بمشاركة ما نسبته 80 % من إعتصامات وتظاهرات الثورة الشبابية والشعبية اليمنية رغم أننا لم نر إياً من قياداتها تنزل إلى ساحات التغيير والحرية. فهل ياترى ما تزال مُصرة على زعمها حتى بعد أن إقتسمت كعكة الحكومة مع النظام الذي كانت تعارضه وفقاً لإدعاءاتها السابقة وتوقيعها على المبادرة الخليجية ، أم أنها ستخبرنا بأنها تعتمد سياسات اللعب على الحبلين والقفز على سلطة النهدين لاسيما بعد أن إتضحت الحقيقة في إستمرار الإعتصامات والتظاهرات الشبابية والشعبية اليمنية بزخم ووتيرة أعلى وأقوى وأكبر؟ لقد إنطلى مع الأسف هذا الإدعاء الآثم على الكثير من القيادات الثورية الشبابية والشعبية في ساحات الإعتصام سابقاً ، لكنه بالتأكيد لم ينطلي على اولئك الذين أشتغلوا كأبواق مأجورة وتوزعوا في الداخل وعلى أكثر من صعيد في العواصم العربية والأوربية الأدوار للترويج والتطبيل لهذا الإدعاء المزيف لأنهم ببساطة كانوا جزءًا لا يتجزأ من المؤامرة بهدف تصفية الثورة اليمنية تحت غطاء تمثيلها. المؤامرة التي تنقشع غبارها وأقنعتها ودماميلها وطلاسمها كل يوم أمام أعين شعبنا اليمني المناضل فيما هؤلاء مايزالون على إصرارهم بأنهم يلعبون سياسة رغم أن بعضهم قد أنقلب على وجه آخر ولون آخر وكانه لم يكن بالأمس يدافع وينافح عن المؤامرة والمتآمرين. سياستهم المتمثلة كما يدعون بالتخلص من الرئيس صالح وأبنائه أولاً وبعد ذلك يدوروا إلى الخلف ليتخلصوا من "علي محسن مدرع" والجنود الحمر ثانياً الذين يدعون أنهم قد إنضموا للثورة. بيد أنه عندما نسألهم كيف سيتم التخلص منهم بعد ذلك؟ يردون بالقول: بأنه عندما يتم التخلص من صالح سيكون هناك نظام ديموقراطي وقانون يحكم الصغير والكبير ومن ثم سيتم مقاضاة الجنود الحمر بموجب هذا القانون. لكننا عندما نسألهم من سيأتي بهذا النظام وهذا القانون ويطبقه فجأة على هؤلاء ؟ يردون بقولهم بأن الشعب هو الذي سيأتي به ويطبقه ، وهنا نسألهم: هل سينزل هذا النظام الديموقراطي والقانون جاهزاً من السماء حتى يتم تطبيقه فوراً على هؤلاء القتلة والمجرمين وهم أصلاً من يقودون ثورتكم المضادة وهم من سيحكمون بعدها إن كتب لهم النصر لا سمح الله ؟ أم أننا في واقع الأمر حتى بعد إنتصار هذه الثورة على حكم صالح واولاده فقط على حد زعمكم ، بحاجة إلى فترة طويلة لإستعادة الأنفاس وبناء المؤسسات القانونية والدستورية التي تستطيع بعد ذلك أن تطبق هذا القانون الذي تتحدثون عنه؟؟؟ أم أنه سيتم وأد الثورة وجرجرة الثوار إلى محاكم التفتيش والمقاصل لو أنتصر هؤلاء وتمت لهم السيطرة على البلاد مجدداً ، وهم بالمناسبة لا يخفون ذلك من خلال التهديدات التي نستقبلها منهم كل يوم؟؟؟؟ بيد أن الأحداث الجارية على الأرض اليوم وإحساسهم بالفشل الذريع قضت على سكرة هؤلاء المنظرين عندما أكتشفوا كما يعبرون كذباً هذه الأيام في الفضائيات الإعلامية المختلفة بأنهم وقعوا في فخ صالح. والحقيقة لا ندري أي فخ هذا الذي يزعمون وهم لايزالوا يتقاضون رواتبهم الفارهة من نظام يدعون معارضته. وتزداد الفكرة وضوحاً عندما نعرف أن هؤلاء أيضاً يتقاضون مكافآت ضخمة وبدلات سفر من علي محسن مدرع وحميد أحمر الذين ينوون في نفس الوقت الإنقلاب عليهم بعد الإطاحة بصالح. أهذه هي السياسة التي يدعون أنهم يلعبونها؟؟ لا سيما بعد أن أنفضحت القصة وتقاسموا الحكومة مع النظام الذي كانوا يدعون الثورة ضده رغم أن خيارات تشكيل الوحدة الوطنية والمشاركة في السلطة والحوار كان مطروحاً من قِبل صالح قبل الثورة. ومع ذلك نسألهم ماهي أنواع وأشكال السياسة التي يمارسونها؟ كوننا قد علمنا بأن المبادرة الخليجية وبإعترافهم هُم كانت بطلب من صالح على دول الخليج ، يعني أنها لم تكن من صنعهم. وأن التعديلات تلو التعديلات للمبادرة أيضاً لم تكن من صنعهم بل من صنع صالح ومن أجل حصانة صالح ، وأن التوقيع عليها قد تم بعد أن فصَلها صالح على مقاسه وأرتضى بها!. ولم يزيد دورهم عن ألإنبطاح والموافقة عليها بأسم الشعب اليمني الثائر بدون تفويض! فكيف يقولون بأنهم وقعوا بالفخ الذي نصبه صالح لهم وهم من كانوا يطالبون صالح ليل نهار بالتوقيع عليها ويتحججون برفضه على التوقيع؟. وإذا كان هذا صحيحاً فمعناه أنهم كانوا ياحسرة يعتقدون أن مفهوم السياسة "كالبتالة خلف الأثوار". يقول باسندوة رئيس الوزراء المُعين من الولد حميد الأحمر وهو بالمناسبة شخصية معتقة من أيام الإستعمار البريطاني ومن الواضح أنه لايزال يحن لتلك الأيام الخوالي التي عاشها في عدن في عهد "النظام والقانون" الإحتلالي بدليل إحتلاله ساحل في عروسة البحر في منطقة التواهي وهو الساحل الذي يحيط بمقر اللجنة المركزية لأشيد التابع للحزب الإشتراكي والذي أغتصبه باسندوة بأوامر من الرئيس صالح بعد حرب 94 وما يزال الحزب يطالب به من ضمن المقرات المنهوبة. هذا الإغتصاب على أراضي الدولة يتم بعد يوم فقط من تعيينه رئيساً للوزراء ، يقول بأنهم قد حققوا إنتصاراً جزئياً فقط وليس شاملاً ، والسؤال من طلب منهم هذا الإنتصار الجزئي إن كان ذلك صحيحاً ؟ مقابل إغتيال وإهدار الثورة الشبابية والشعبية اليمنية ، لكنهم في الحقيقة إنما كانوا ينفذون ولا يزالوا خطة سعودية على اليمن بثلاثة أبعاد وهي: 1- هدف دول الخليج وعلى رأسها السعودية من المبادرة الخليجية هو تصفية الثورة وإعادة إنتاج النظام السابق بنفس الشخوص أو ربما بشخوص آخرين إن تعذرت الأولى . المهم هو إجهاض الثورة ، لكنهم لم يتنبهوا إلى أن هناك لاعبين آخرين من خارج المنطقة. هؤلاء اللاعبون لهم أجندة مختلفة لا تتقاطع بالتأكيد مع إعادة إنتاج النظام السابق ، بل تغييره ليس على مستوى الأشخاص فهذا لا يهم بل على مستوى السياسات والبرامج بما يخدم التطورات الجارية في المنطقة والعالم ولذا فهم لا يصرون على رحيل شخوص نظام صالح بقدر ما يهتمون ببقاء المؤسسات التي شاركوا بصنعها. فنشأ عن ذلك صدام غير معلن بين الأجندة الإقليمية والأجندة الدولية. هذا الصدام يتم ترجمته الآن على أرض الواقع بصراع مسلح بين الأدوات الإقليمية في شوارع تعز وحصبة صنعاءوأبين ونهم وأرحب وغيرها من المناطق اليمنية وفقاً لروح المبادرة الخليجية وإجهاضاً للمساعي الدولية وذلك رغم التوقيع على المبادرة والإتفاق على آلياتها المزمنة من قبلهم بعد أن أكتشفوا أنهم هم من وقعوا في الفخ الذي نصبوه للثورة اليمنية وليس غيرهم الذين يسبحون في فلك المحاصصة ليس إلا ، لأن الفخ الذي يتذرعون هؤلاء أنهم وقعوا فيه والذي نصبه لهم صالح ، هم في الحقيقية جزء منه لأنهم ببساطة مجرد أدوات رخيصة ومبتذلة يتم إستخدامها لتنفيذ مقاولات بالقطعة بعيدة عن الصورة الكلية ، مقابل أجر في إطار مفاهيمهم الضيقة الجديدة منها والقديمة التي تعودوا عليها في السابق وبعضها تتلخص بأن من حكم العالم خلال القرون الماضية ليس بإستطاعة أحد الخروج عليه وقد أنتخبتهم الصدفة المحضة بأن يمثلوه في الماضي والحاضر فاعتقدوا بأن لهم الأسبقية بتمثيله أمام الشعب اليمني دون أي تفويض منه متجاهلين بأن الزمن قد تغير ولم يعد كما كان في السابق ، ولا يعلمون بأن الإتفاقات التي تم التوقيع عليها مع النظام أو مع غيره سواءًا كانت مبادرة خليجية أو غيرها لا تعني الثورة أو الشعب اليمني ، الذي هو أساس محوري من ثورة الربيع العربي الشامل الماضية في رحلة التغيير أياً كانت التضحيات. ومن هذا المنطلق ووفقاً لهذا المفهوم فإن نائب الرئيس عبده ربه منصور هادي أصبح رجل "المرحلة" والرئيس الإنتقالي القادم كونه ليس من بين الذين وقعوا على المبادرة الخليجية او الذين وقفوا ورائها ، بيد أنه لا يستطيع في الراهن أن ينفذ المهام الموكلة إليه بموجب هذه المبادرة التي أراد من وقعوا عليها إستخدامه وحسب بينما كانوا في غفلة من أن المبادرة كانت حمالة أوجه وأن الأبطال الحقيقيون الذين يمثلونها ليس الذين وقعوا عليها مما جعلهم الآن يقفوا مشدوهين ومترددين أمام تنفيذها بعدما أكتشفوا وجود أجندة أخرى كانت مصاحبة للمبادرة التي تمثلها القوى الدولية وهادي نفسه ، إلا أنه ببساطة لا يمتلك أنياب صالح لغرسها على أرض الواقع ، ولا عمائم الإصلاح وفرقة "علي محسن مدرع" الذين قفزوا على الثورة ، ولا قبائل الجنود الحمر لقطع الطرق في المدن الرئيسية وأعمدة وكابلات الكهرباء وغيرها. هذا النائب الحصيف الذي تعامل مع الأوضاع بتروي وحكمة وضعته الأقدار بين فكي كماشة نظام صالح والثورة المضادة التي قام بها الجنود الحمر وعلي محسن مدرع لأنه رفض أن يكون أداة بأيديهم كالمشترك عندما كان صالح يخضع للعلاج في السعودية حين تعرض لضغوط قوية من قبلهم لإعلان القفز على السلطة والإنقلاب على صالح حتى يكون لقمة صائغة لهم ، ولا هو قام بتنفيذ تعليمات صالح وأتباعه بما يتناقض مع المسارات السياسية للثورة الشبابية والشعبية. إذن فإن هادي الآن لا يملك بجانبه سوى القرارات الدولية والضغط الدولي لتنفيذ المبادرة المرفوضة أصلاً من قبل الثورة الشبابية والشعبية اليمنية فبات واقفاً لوحده أمام صراع الفرق المتنفذة التي تريد التخلص منه وربما إغتياله لاسيما من قبل فرق الموت المتخصصة التابعة لعلي محسن مدرع والمشائخ الحمر أصحاب السوابق ومنفذي جريمة النهدين ، خاصة وأن هادي قد دمر حلمهم الكبير في الوصول إلى الرئاسة كما كانوا يروجون لأنفسهم من خلال الخطابات التي كانوا يلقوها بمناسبة الأعياد وتعليق "الكرفتة" ربطة العنق أو تصريح بعضهم "بقبول" ترشيحه للرئاسة وليس بطلب ترشيحه ، علاوة على أن هادي بات عائقاً أمام تمرير إنقلابهم على الثورة وحتى على المبادرة الخليجية نفسها ذات السقف المتدني جداً كما أراد لها دول الخليج والسعودية والجنود الحمر والمشترك أن تكون. وهاهم الآن ينشرون عنه وعليه أي عبده ربه منصور هادي كل المعلومات الإستخباراتية الدقيقة عن أبسط عاداته اليومية وحالاته النفسية وعن ماذا يقرأ وكيف يفكر وبأي لهجة يتكلم ومستوى ثقافته السياسية والإجتماعية والعسكرية ونوعية علاقاته بالرئيس صالح وكيف ولماذا أزاحه صالح من الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام وغيرها من المعلومات الإستخباراتية البحتة التي تشكل بمجملها مؤشراً خطيراً جداً ونوع من دق الإسفين بين هادي وصالح تمهيداً لعملية إغتيال يتم تلبيسها لطرف صالح ونظامه. بل أنهم قد ذهبوا إلى أبعد من ذلك من خلال تهديدهم له إما بإختيار تسليم نفسه للفرقة الأولى مدرع أو الخروج من البلاد إلى الدولة التي تحميه وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية. 2- تقوم السعودية خاصة منذ إنعقاد مؤتمر التصالح والتسامح في الجنوب اليمني بتوجيه مشاريع ورؤى مختلفة كالأنظمة الكونفدرالية والفيدرالية بفرضية مشروعيتها ظاهرياً وكذلك أنظمة التطرف الدينية التكفيرية المتمثلة في العصابات السلفية الجهادية المتطرفة المتمثلة بتنظيم القاعدة أو ما يسمون أنفسهم بأنصار الشريعة التابعة للفكر الوهابي كما هو الحال في محافظة أبين وغيرها من المناطق اليمنية بهدف صرف نظر الشعب اليمني عن واقعه المرير والتوجه لمعالجته ، بل وتتبنى هذه المشاريع سياسات وأزمات تهدف إلى تمزيق صفوف أبناء شعبنا في الجنوب ، المطالب بتقرير المصير ، لدرجة صناعة الإحتراب فيما بينهم ريثما يتم فرض المبادرة الخليجية ويبدأ سريانها على أرض الواقع وبالتالي توافقها مع كل بقية مشاريع التخدير التي تبدوا وكأنها متعارضة حالياً مع المبادرة الخليجية بيد أنه يتم صياغتها في الرياض بنفس واحد لتصب جميعها في مجرى وقالب واحد يسمى تصفية الثورة الشبابية والشعبية اليمنية والحراك الجنوبي لا سيما وأن القضية الجنوبية لم يأتي ذكرها بالمطلق في مبادرتهم "الخليعية" التي فشلت حتى الآن بإجهاض الثورة من ناحية ووجود النوايا المبيتة لإفشالها اي المبادرة حتى من قبل الجهات المتنفذة التي وقعت عليها من ناحية أخرى بعد أن تم إبطال أكلها لمصلحتهم من قبل أجندة الظل الدولية الذي يمثلها نائب الرئيس عبده ربه منصور هادي التي تعمل من خلف المبادرة ومرافقة لها في نفس الوقت بشكل هادئ وغير معلن وبمعزل عن التوجه الخليجي وذلك للإستفادة جزئياً منها لخلخلة أركان النظام اليمني. 3- المحور أو البعد الثالث في الخطة السعودية ضد اليمن والثورة يتركز في صعدة من خلال إفتعال النزاع الطائفي المستمر ومحاولة القضاء على الحركة الحوثية التي أصبحت واقعاً ثابتاً على الأرض على مستوى الساحة اليمنية كلها حيث قامت السعودية والتابعون لها من قبائل الإصلاح والسلفية والجنود الحمر بعملية التصعيد الطائفي من خلال إستغلال منطقة دماج ومركزها دار الحديث الوهابي المنبوذ والمغروس عنوةً في واقع ومحيط زيدي في صعدة كنقطة إرتكاز مباشرة لتشتيت وإفشال الجهود الثورية المتعاظمة التي يقوم بها أبناء صعدة الأبية بقيادة الحركة الحوثية ، بالإضافة إلى إفتعال النزاعات المسلحة الأخرى في صعدة والجوف وحرف سفيان وعمران وحجة على أيدي الحزب الإخواني السلفي الوهابي الأحمري التجمع اليمني "للإصلاح". هذه المحاولات لإذكاء التصعيد الطائفي في صعدة وغيرها ماهي إلا جزء من خطة كبرى يراد لها التعميم على مستوى الساحة اليمنية كلها بل والمنطقة العربية بأكملها لإجهاض الربيع العربي المتعاظم في كل أنحاء الوطن العربي. وما يحدث في العراق وسوريا من تصعيد طائفي إلا دليل على ذلك. في الأخير نقول لهؤلاء المعتقين الذين يدَعون المعرفة بالعمل السياسي ويقفون حجر عثرة أمام تطلعات الشعب اليمني بإفتراض حسن النية المعدومة بهم أصلاً بأنه قد آن لهم الأوان أن ينسحبوا بهدؤ لأن معتقداتهم التابوتية وإيمانهم المزيف بأن الإستعمار الجديد هو السبيل الوحيد للخلاص هو إعتقاد خاطئ وعفى عنه الزمن وقد فاتهم القطار فعلاً ولم يعودوا سوى أدوات رخيصة تابعة يتم إستخدامها من قبل الغير لتمرير إستراتيجيات خارجية ، لذا فالأكرم لهم أن يفسحوا الطريق أمام الأجيال الناهضة لتحمل مسؤولية المستقبل وكفاهم ما أقترفوه في الماضي من أذى في حق اليمن والأمة العربية والإسلامية. [email protected]