بعيد الإعلان عن سقوط مبارك مصر- ليلة الحادي عشر من فبراير- وبعد انقضاء المؤتمر الخامس للحزب الاشتراكي بتعز بساعات قليلة ومحاولة الشباب إحداث ثورة بنيوية فيه واصطدامهم بالعقليات الشائخة ويقينهم أن التغيير لا يتأتى إلا باقتراف ثورة شعبية تنطلق من الشارع وتتماهى مع بسطاءه.. نزل أولئك النفر الي عتبات مملكة الإسفلت وصدحوا بأناشيد النضال والثورة فثارت تعز معهم معلنة أن عهد الموات قد انتهى وان الحرية قادمة لا محالة ان اراد الشعب التعزي ذلك، جابت في تلك الليلة الجماهير الثائرة شوارع المدينة ومن ثم اتجهت إلي مبنى المحافظة وكأنها تريد أن ترسل إلي سلطة (أل صالح ) رسالة مفادها ان رحيلكم هو التالي بعد رحيل المخلوع /حسني مبارك. صمدت هناك الجماهير الحاشدة رغم الاستفزازات والاعتداء عليها بالحجارة ولم تنسحب من أمام المحافظة الا بعد انطفاء الكهرباء بمدة طويلة ،اتجهت الجماهير باتجاه شارع جمال ومن أمام الكريمي اتخذ شباب الحرية قرار البقاء والاعتصام والمطالبة برحيل صالح ونظامه الفاسد البغيض. لازالت تلك الساعات في ذاكرتي كأن الحدث وقع بالامس فالواقع الموضوعي والثوري يؤكد ان ثورتنا في بداية خط السباق باتجاه تحقيق اهدافها. ذاكرتي لاتزال تقلب البوم الصور فيها فأشاهد أولئك النفر الذين اقترفوا جنون المستحيل واضاؤا لهذا الشعب طريق الحرية استحضرهم وهم في جلال الانبياء وعيونهم تشع إصرار وحرية وثبات علي الموقف. أتذكرهم وأتذكر زخمهم الثوري حاضرا في المسيرات السلمية التالية وفي مسيرات الحياة المتعددة والفعل الثوري المغاير والرافض لقبضة الوصاية علي الثورة ومصادرة وعيها وقرارها. أتذكرهم نبيا نبيا وملاكا ملاكا: احمد طه احمد ومحمد نورالدين, شهاب ومطهر الشرجبي وعبدالوهاب المدحجي ومصطفى سعيد الزيقي ود/حسن علوان ومحمد حسن الزبيدي ووسام السامعي وايهاب احمد سيف السامعي وعلي عبدالفتاح محمد وعبدالله عبدالقادر ورمزي العبسي وعصام سعيد كليب والمصور الشاب/احمد حسن علوان وخليفة عبدالعزيزعلوان والشهيدين/مازن البذيجي وعبدالناصر القحطاني وذي يزن على نعمان وهارون العاطفي ومجمد امين الشرعبي..........وغيرهم. افترشنا الأرض وكان قرار البقاء في نفس المكان قد اتخذه ثلاثة ومن ثم تعميمه علي الجميع وبشكل سري وحينما حاول احدهم جر الشباب في تلك الساعة المتأخرة (بعد منتصف الليل) وبعددهم القليل إلي التوجه إلي مبني المحافظة (أبلغت الشباب بان ذلك الشخص له علاقة لصيقة ووثيقة بالأمن ). كان التوجيه سريعا والتعميم وبصوت عال اننا لن نذهب الي مكان اخر بل سنبقي جميعا حتي الصباح وان اى شخص سيتحرك بعيدا عن المجموعة فهو لا يمثلنا, حاول ذلك الشخص المعروف التحريض والسعي لتفتيت جموع الشباب وجرهم بعيدا عن مكان الاعتصام فلم يستجب له الشباب بعد تنبيه الشباب ،لم يكن هذا التواجد الوحيد للأمن السياسي، فقد رافق مسيرة الشباب منذ لحظة الانطلاق وحتى استقرارهم في شارع جمال العديد من رجالات الأمن السياسي حتى ان (م.و) احد قيادات الأمن السياسي رافقنا راجلا في المركزي وقد طلبت من احدهم تصويره من دون ان يشعر بذلك.. وكان هناك حضور كثيف لرجال الأمن وبشكل مريب ولم يستحى احدهم وحضر واخذ يصور الشباب من جميع الزوايا . كانت قوات الامن بالمحافظة ومن ورائها قيادات الإدارة المحلية والعسكرية تحاول في تلك اللحظات تقييم الوضع *فهل هي حركة مدفوعة من الأحزاب السياسية؟ *ام ان للحركة الجماهيرية علاقة بها حيث ان اعضاء كثر من أعضاء الحركة الجماهيرية للعدالة والتغيير كانوا متواجدين في تلك اللحظات وهم دينموا الفعل السري في تلك اللحظات الحاسمة؟خاصة وان الحركة اقترفت الخروج للشارع دون إذن ورضا السلطة بأشهر سابقة؟ *ام انها (فورة وعنفوان شباب ) وليست ثورة شباب ولن يكون مصيرها سوى الفناء كسابقاتها؟ ظلت تلك الأسئلة وغيرها تطحن عقول قيادات نظام (ال صالح) في المحافظة ولأربعة أيام حني ساعة اتخاذ شباب الحرية شارع صافر ساحة دائمة لاعتصامهم المفتوح حتى الآن . كان شباب (ساحة الحرية) يقدمون مبادراتهم النضالية اللاعنفية فيسبقون كثير من القوي السياسية والاجتماعية والنخب المثقفة فلا يتم استيعابهم الا بعد وقت متأخر وحينما يكونون قادمين علي اجتراح مبادرة نضالية اعلي سموا وأكثر تطورا فتظل بينهم وبين تلك القوى مجتمعة هوة ومسافة شاقة فلا يكون أمام تلك القوي الا احد امرين *الاول ان تدوس على الم كهولتها وشيخوختها السياسية والفكرية وتلتحق بركب الثورة الشبابية وتساير خطواتها الثورية وتؤمن بها . *والثاني ان تسابق تلك الخطوات الصادقة فتكون في مقدمة الركب وليس الثورة وتأخذ بيد تلك الجماهير الثائرة الي مربعات (هيا خلصونا) و(الا أمن الوطن) -وكأننا كنا في بحبوحة من الأمن والأمان والعيش الرغيد – فلا تجد الثورة مناصا من الحوار.. وفعلا اتخذت تلك القوى سبيل وخطى الامر الثاني لان ذلك مايحافظ على مصالحها السياسية فلانزال نسمع منهم مقولات تقشعر منها الأبدان ولايستوعبها حتى عقل (انشتاين ) او اعظم حاسوب في العالم على غرار (نحنا معنا حل سياسي وبانحاور وانتم خليكم بالحل والعمل الثوري) أو(نحنا بنمنح صالح حصانة مماقدم أواخر وانتم ماعليكم حاكموه ولاتعطوش ولاحتى شوية حصانة) او(نحنا مع مطالب الشاب ونؤيدهم ولا نقودهم).. كيف!!! لاندعي ان من لم يكن معنا من تلك القوى السياسية وغيرها ونوصمها بالعار والخيانة وانها فرطت بدماء شهداء ثورة فبراير العظيم وشهداء مسيرة الحياة والتي ظلت تشاهد دمهم المسفوح في دارسلم يتدفق لساعات وهي تدعي ان مسيرة الحياة لم يصبها شيء وان شباب المسيرة في حمايتها لن يمسسهم سوء ؛ لان تلك القوي لم تكن في أي لحظة ما مفرطة في شيء لا في الوطن ولا بدماء ابناء هذا الوطن لانها في حقيقة الأمر لم تؤمن بدماء الشهداء حتى تفرط بها ولم تتبين لها انها ثورة حتى تتخلى عنها وتؤمن بها وتلتحق حتي بركبها ولم تعرف الوطن علي انه المواطن وكرامتة فهى لاتزال حبيسة المفهوم القديم ان الوطن هو قطعة الارض وليس المهم ان يكونوا علي تلك قطعة الأرض بشرا احرارا ولا مشكلة لديها ان يظل اولئك البشر عبيدا المهم ان توافقاتها ومساحة سطوتها وقدرتها السياسية لا تمس بشعرة حتى لوذبح الشعب ونهبت الثروات واحتلت الارض والسماء. اسأل نفسى ورفاقي وكل الشباب الذين تورطوا في ذلك الفعل الجنوني وبعد مضى عام من الدماء والبارود والقصف والتقتيل لهذا الشعب الصابروتصدر العديد من القوي للمشهد الثوري/ اللاثوري و التي ظلت تساير النظام الدكتاتوري الحاكم وتتموضع باسترخاء ونشوة في حضنة: *هل ورطنا تلك الجماهير وهذا الشعب حتي يتشارك النظام وتلك القوي في ذبحنا وذبح أحلامنا ؟ *هل كان من المفترض التريث لاحداث ثورة اجتماعية بنوية تفقد النظام وتلك القوى قدرته على التلون وخداع الجماهير؟ *ام ان الشباب اقترفوا الخطأ الاكبر بقبول قمامة صالح وثعالب السياسة تحت غطاء الثورة الشعبية ؟ *ام ان الشباب ملكوا روح المبادرة وتناسوا اليه تسيير تلك المبادرة؟ *ام اننا تماهينا مع الانتصارات الموهومة (ان الشعب مع الثورة رغم انه ظل يشاهد الخداع يحاك امامة فلا يتحرك/وان اليمن يحرسة رعاية امريكا والدول المجاورة والتي ترفض مبادلة الشعب بالدكتاتور رغم ان ماحدث العكس اننا في فعل ثوري ولا يمكن مقايضة دماء الشهداء وارواحهم الزكية والطاهرة بمرحاض القصر وسلطة صالح وكان غيييير ذلك/ واننا أسقطنا صالح وهو راحل لا محالة بينما يعاد تموضعة وبناءة بشكل افضل من السابق. ان تلك القوى السياسية والدولية تنشد معنا بناء دولة مدنية حديثة تؤمن بالعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والحرية والكرامة والحاصل ان مصادرة حق الاختيار في مقاطعة الانتخابات وتغييب الارادة الشعبية والوصاية عليها واتخاذ القرارت السيادية بدلا عنها ورفض وجود حتى زاوية صغيرة في خارطة الجزيرة العربية يحمل تلك القيم المدنية في جوار ممالك خليجية تمقت الحريات وتعتقد انها من فعل الشيطان وان الله يرفضهايدلل خلاف ذلك)؟ ..... في الأخير أجدني أعزى نفسي ورفاقي وعامة الشعب اليمني لمرور عام دون تحقيق أي هدف من أهداف الثورة ونعتذر لهم عن تهور شباب فبراير وجنونهم وايمانهم الموهوم بقدرة هذا الشعب علي الثورة وبشفافية ومصداقية القوى السياسية وبحقوق الإنسان التي تدعى القوى الدولية الايمان بها وحمايتها . واجدني هنا اطرح سؤال اخير.... هل نستمر في الثورة المفروغة من محتواها وتحولها إلي حذاء ينتعلها كل مرة شيخ طريقة حني يحقق أهدافه هو لا اهداف الثورة؟ وهل لوعادت الأيام الي الساعات الأولي ليلة الحادى عشر من فبراير 2011م وقد استوعب اولئك الشباب الثائر-شرارة الثورة- تلك المعطيات فهل سيقترفون صرختهم الاولى وفعلهم الثوري ذلك؟ اعتقد ان الإجابة لن تكون رغم المعطيات السابقة واللاحقة او التي لم تأتي بعد..... ستستمر ثورتنا رغم غبشها لعلنا نجلوا خطواتها وملامحها الشوهاء. ***لوعاد التاريخ الي تلك الليلة فلن نقترف سوى خطيئة الثورة حتى وان كانت جنات الله وجنات النظام تحت اقدامنا...... فاغفروا لنا خطيئة الثورة تلك والتي سنرتكبها مرارا وتكرارا ونعدها صلاتنا وتسبيحنا وقدس الأقداس لدينا. [email protected]