أبطال اليمن في المصارعة يشاركون دورة الألعاب الأسيوية    حالات تحكيمية مثيرة للجدل بكلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة.. أهداف ملغاة وركلات جزاء    مزاد "بلاكاس" الفرنسي يعرض تمثال لرجل من آثار اليمن    انطلاق مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض    أشاد بجهود البحرين التنظيمية.... البدر: الألعاب الآسيوية للشباب حدث رياضي مميز    جيش الاحتلال يعتقل 40 فلسطينيا في اقتحامات بالضفة الغربية    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    "بهاء سعيد" و"أرزاق بازرعة" يتوجان أبطالًا للبطولة التأسيسية المفتوحة للدارتس بعدن    أبو رأس ينتقد سلطات إب على خلفية حملة اعتقالات بسبب رفض دخول كسارة    اعتقال شيخ قبلي بمحافظة شبوة بعد ساعات من حملة استهدفت عدداً من الشباب    خامس حالة خلال أسبوع.. شاب ينهي حياته في إب وسط تردي الأوضاع المعيشية    الذهب يتراجع وسط تفاؤل بشأن اتفاق تجاري بين أمريكا والصين    محافظ عمران يناقش دعم اطباء بلا حدود لمستشفى خمر    بن حبتور يزور أضرحة الرئيس الصماد والرهوي ورفاقه الوزراء والغماري    وزارة الشباب والرياضة تمنح نادي التعاون بحضرموت الاعتراف النهائي    التعليم العالي تعلن بدء تحويل مستحقات الرسوم الدراسية للطلاب المبتعثين    تنظيم دورة تدريبية لأطباء زوايا التثقيف الصحي حول الرسائل الأساسية لصحة الأم والطفل    تدشين مساعدات ل800 اسرة في جزيرة كمران    وقفة مسلحة ومسير لخريجي دفعة الشهيد الغماري في ريف البيضاء    وزير التربية يدلي بتوجيه هام!    دراسة حديثة تكشف فظائع للسجائر الإلكترونية بالرئتين    اللواء بن بريك يفتح بوابة حضرموت نحو وحدة الصف الجنوبي    الشتاء يبدأ مبكرًا في اليمن.. تقلص الامطار والحرارة تلامس 3 درجات في بعض المناطق    الجميع يخافون من إسرائيل، والكل في خدمة إسرائيل    فشل وساطة العليمي بين قيادة الهضبة وسلطة حضرموت    مصر التي رفضت تهجير الفلسطينيين لا يجوز أن تهجّر أقباطها الذين سكنوها قبل الغزو السلفي    الشعب الجنوبي أمام خيار التصعيد لإنهاء عبث المنظومة الحاكمة    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    من أبرز سمات القائد الغماري.. "الصبر والمبادرة"    مناقشة التحضيرات لإقامة معرض "صُنع في اليمن"    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن "18"    المهندسة لجين الوزير ل 26 سبتمبر: نجاح الأوطان يبدأ من الحقل والمزرعة    الخبير والمحلل الاقتصادي سليم الجعدبي ل "26سبتمبر" : هناك حرب وجودية شاملة تستهدف اليمن تحت ستار "الإغاثة" و"التنمية"    وداعا أبا اهشم    لماذا نحذر من ظاهرة خطيرة تتوسع إسمها الاعتذارات الإسرائيلية ؟    الذكرى السنوية للشهيد .. محطة وفاء للدماء والأرواح    مرض الفشل الكلوي (25)    السعودية تدعم قوات غير نظامية في حضرموت بآليات عسكرية    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    نجح في كسر العقدة الكتالونية.. الريال يبتعد بصدارة الليغا بعد فوزه على البرسا    بعد 3 أيام من إيقاف التعامل معها.. جمعية الصرافين تعمِّم بإعادة التعامل مع شركة صرافة    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    المنتخب الأولمبي يبدأ معسكره الداخلي استعدادًا لكأس الخليج    فوضى موانئ الحديدة تكشف صراع أجنحة الحوثي على تجارة القمح وابتزاز التجار    قراءة تحليلية لنص "أنتم العظماء لا هم" ل"أحمد سيف حاشد"    ايران تطور إسفنجة نانوية مبتكرة لجراحات الأسنان    الرئيس الزُبيدي يعزي في وفاة الفريق الركن علي قائد صالح    عدن في ظلام الفساد: سرقة وقود الكهرباء تُجوع المدينة وتسرق نوم أبنائها    #حتى_عري    برشلونة مثقل بالغيابات.. وهجوم الريال كامل العدد في الكلاسيكو اليوم    الصحة العالمية تعلن عن ضحايا جدد لفيروس شلل الاطفال وتؤكد انه يشكل تهديدا حقيقيا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "سيل حميد" ل"أحمد سيف حاشد"    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    عدن: بين سل الفساد ومناطقية الجرب    الخائن معمر الإرياني يختلس 500 مليون ريال شهرياً    قراءة تحليلية لنص "أمِّي تشكِّلُ وجدانَنَا الأول" ل"أحمد سيف حاشد"    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرض الصراع في فلسطين.. احتمالات مفتوحة ومتعددة
نشر في يافع نيوز يوم 03 - 05 - 2014

يشكل المفصل التاريخي ومركزية إعادة تأكيد الهوية الوطنية الفلسطينية، وتجسيد الدولة الفلسطينية، عنصراً كفاحياً مركزياً، على الحركة الوطنية الفلسطينية في إطارها الجامع أي إطار منظمة التحرير الفلسطينية العمل على هديه، دونما تفريط بهدف إقامة دولة فلسطينية تعيد الاعتبار لهوية الأرض والشعب، وهو ما تحاول تغييبها الحركة الصهيونية منذ أكثر من ستين عاماً ولم تفلح، ما يحدوها اليوم لمحاولة فرض الاعتراف الفلسطيني بيهودية إسرائيل كدولة ناجزة، وذلك على حساب الدولة الفلسطينية غير الناجزة حتى اللحظة.
من هنا شكل الاستيطان ويشكل بعقده الكثيرة، واحداً من المصدات الأساسية، بل المركزية، بالنسبة للكيان الإسرائيلي، وهو يدفع عن ذاته إمكانية أن يخلع عنه جلده، أو أن يذهب إلى تدمير ذاته بذاته، إن هو تخلى عن «مبدأ الاستيطان»، وهو الكيان الذي اعتبر المستوطنين الأوائل بمثابة «الطلائع الصهيونية»، والمستوطنات الأولى بمثابة «العودة إلى أرض صهيون» التوراتية، التي بدئ بإنشائها أواخر القرن الثامن عشر، كمراكز «طليعية» أولية، أطلقت شرارة الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وها هي تستمر إلى اليوم كنهج ثابت، لا يمكن لكيان الاستيطان الإحلالي التخلي عنه، وإلا كان يدخل منعطفاً تاريخياً يقوده إلى التخلي عن عنصريته الفاشية، ونمط حياته الإحلالي الكولونيالي، بينما لا تتوافر أي مؤشرات داخلية أو خارجية، يمكن مقارنتها بمعطيات التحولات التي أجريت في جنوب إفريقيا، وأدت للتخلي عن نظام التمييز العنصري.
من هنا وعلى هذه الخلفية، تبدو التسوية، كما تتبدى في الذهن الصهيوني، ومفاوضاتها الجارية تشديداً، بل تأسيساً على هدف «يهودية الدولة» أولاً، ومن ثم التسليم بالترتيبات الأمنية مرة وبخطة الإطار مرة أخرى، قبل البحث في قضايا المفاوضات المرشحة للتوقف، حتى من دون الإعلان عن فشلها، ومن ثم استئنافها مرة أخرى، بعد التاسع والعشرين من الشهر الجاري.
وفي كل مراحل المفاوضات، تجاوز نتنياهو كل الأوهام التي راهنت على وقف البناء الاستيطاني، أو تجميد أعمال البناء لفترة محدودة، وذلك عبر انحيازه مباشرة وعلناً، لوقف التجميد واستمرار البناء من دون إعلان، والمناورة في طلب المزيد مما احتوته «رسالة الضمانات» الأميركية التي حاولت إدارة أوباما يومها إغراء الحكومة الإسرائيلية بالاندفاع نحو مفاوضات مثمرة، حيث تضمنت امتيازات عسكرية وسياسية مقابل تجميد الاستيطان، كما أنها شملت تعهدات أمنية استراتيجية طويلة المدى، وامتيازات إطلاق اليد استمراراً بالانحياز للمفهوم الإسرائيلي للتسوية الدائمة مع الفلسطينيين.
يبدو أن كل هذا في ميزان نتنياهو لم يكن ليعادل الموافقة على تجميد البناء الاستيطاني، طالما أن الأرجحية للالتزامات السياسية الداخلية الهادفة للاحتفاظ بالائتلاف الحكومي الحالي، وهو هدف على ما يبدو يشكل «بيضة قبان» التحديات السياسية التي لا يريد نتنياهو المغامرة بقلبها رأساً على عقب، طالما أن وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان يطرح أفكاراً أكثر من وقحة، وتعتبر بمقاييس الدبلوماسية «جريئة»، من ضمنها اتفاق مرحلي يستغرق تنفيذه عقوداً، يفضي في النهاية إلى تحقيق «يهودية الدولة»، حيث من السهل التنصل منها، تحت دعاوى أنها آراؤه الشخصية.
«الحقيقة المرة» التي أطلقها ليبرمان، هي أفكار في شأن «يهودية الدولة»، وتسوية بعيدة المدى، وهي أفكار لا ترفضها غالبية الإسرائيليين، أو ما يمكن أن نطلق عليه تسمية «الإجماع الصهيوني الصلب»، وفي الجوهر فإن ما تحدث عنه ليبرمان، لا يختلف عما قاله نتنياهو في خطاب جامعة بار إيلان، القبول ب «دولة فلسطينية» في إطار «إسرائيل الكبرى»، انحيازاً ل «سلام اقتصادي» لا لتسوية سياسية، أي حكم ذاتي بلدي داخل المدن، أما الحدود فهي من اختصاص جيش الاحتلال، على أن تضم إسرائيل إلى «داخلها» كافة المستوطنات التي أقيمت حتى الآن في المناطق المحتلة عام 1967، مقابل «التخلص» لاحظ التعبير العنصري من مناطق ذات كثافة فلسطينية في منطقة المثلث (وادي عارة)، وهو مخطط تحاول حكومة نتنياهو الائتلافية الحالية العمل والاشتغال عليه، بالتوازي مع مفاوضات تسوية هي ذاتها تعرف أن تحقيقها ما زال بعيداً وبعيداً جداً، وأمست مؤشرات فشلها وإخفاقها أكثر من واضحة، عبر الاتجاه مجدداً لتمديدها لتسعة أشهر أخرى أو لعام آخر، طالما أن أي تسوية لا تحقق لإسرائيل «أغلبيتها اليهودية» التي تحلم بها، وهي ما لم تنضج بعد، رغم أنها بالضرورة وبالاضطرار، لن تكون «دولة يهودية» بالكامل رغم الأغلبية المطلقة التي تعمل على أن تكونها «الدولة» مستقبلاً! فأي سلام تسعى إليه إسرائيل؟ وأي تسوية يسعى إليها الفلسطينيون؟ وأي مفاوضات يسعى لإنجاحها الأميركيون، ومن أجل ماذا؟
«يهودية الدولة» الآن وفي المستقبل، هو «الهدف الأسمى» الأقصى الذي تسعى إسرائيل إلى نيل اعتراف العالم بها، وبالأخص الفلسطينيون، كونها كذلك، بما يعنيه ذلك من تسليم بشرعية ومشروعية وجود كيان اغتصاب استيطاني إحلالي فوق تراب وطن شعب آخر، بغض النظر عما تقوله المرويات والسرديات الدينية الخرافية والأسطورية القديمة والحديثة، وهي دولة استيطانية لا يمكنها استناداً إلى تلك المرويات والسرديات الخرافية، أن تقنع أو تقتنع، لا الآن ولا في المستقبل، بما «ملكت أيمانها» من أرض مغتصبة، فمن كان من طبيعته وطبائعه الاستيطان وإدمان الوجود الإحلالي، لا يمكن أن تسفر أي مفاوضات أو أي تسوية معه، عن نتائج يمكن أن يوقف بموجبها تمدد أخطبوطه السرطاني، طالما هو يحرم الاقتراب من «بقرته المقدسة»، تلك التي تسمى اليوم وغداً «عقدة الاستيطان»، وهي مما لا يمكن للفلسطيني أن يتسامح مع حلها، فكيف بالاشتغال إيجاباً بالتعاطي مع هذا الحل، وهو لذلك لن يجد هنا تسويته الخاصة، طالما أن الأميركيين يسعون إلى إيجاد حلول لعقدهم الخاصة، واشتباكهم السياسي والعسكري مع العديد من قضايا المنطقة إقليمياً واستراتيجياً، وما تبنيهم لمسألة المفاوضات سوى محاولة في درب طويل، لن يكون من اليسر أو السهولة بمكان حل عقد قضاياهم الإقليمية، عوضاً عن حل «عقدة الاستيطان» الإحلالي في فلسطين.
وحتى لا تستمر المذابح السياسية مرة، والعسكرية مرات ضد الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات، ينبغي نفض ونقض الأوهام، كل أوهام التصورات والتهيؤات الحالمة عن حل أو حلول باتت وشيكة للمسألة الفلسطينية، هذه الحلول لا آفاق لها ولا رصيد ألبتة حتى اللحظة وهي بعيدة، ولكن أقرب منها تلك المحاولات التي ينبغي أن تبقى دؤوبة لتهيئة أرض الصراع لكل الاحتمالات، حتى الديموغرافي منها في عقد أو عقود آتية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.