الرفض الحوثي لمشروع الستة الاقاليم، لا يعني بالضرورة قبوله بخيار الدولة الاتحادية من إقليمين!.. فالشكوك تجاه موقف الحوثيين من القضية الجنوبية باتت تزداد في ظل انتصاراتهم الأخيرة وفي ظل تحالفهم مع حزب عفاش صاحب مشروع الحكم المحلي واسع الصلاحيات.. في نظري أن الفيدرالية الثنائية -التي تعتبر في نظر العقلاء خيارا واقعيا لصالح اليمن شمالا وجنوبا في هذه المرحلة- ستظل مجرد مطلب سياسي جنوبي ضعيف لا يمكن أن يقابل بمشروع مماثل من أي طرف مستبد في صنعاء بصورة اختيارية.. ومن يعتقد غير هذا فهو لا يعرف السياسة ولا يعرف عقلية الثلاثي الاستبدادي المتداول للنفوذ والسلطة في صنعاء تاريخيا "السيد والشيخ والجنرال"!! إذن ما هو العمل الممكن أمام الجنوبيين وبالذات حملة مشروع الحل السياسي للقضية الجنوبية على أساس "الفيدرالية الثنائية" سواء المزمنة أو غير المزمنة؟ في نظري أنه لا بد من فرض حالة من "الاضطرار السياسي" على الطرف الآخر في صنعاء للقبول بالشراكة الندية الثنائية.. وهذه الحالة من الاضطرار لن تتم صناعتها اليوم من الصفر، بل يمكن فرضها من خلال تقوية الواقع المجتمعي الجنوبي الرافض لثقافة الضم والإلحاق، وتقوية البناء السياسي والاجتماعي والمدني الذاتي للجنوب، وبلورة ذلك البناء الذاتي من خلال أحزاب سياسية ومنظمات مدنية وتشكيلات اجتماعية وثقافية جنوبية، وهذا يعني تحويل المجتمع الجنوبي مؤسسيا إلى كيان قائم بقوته الذاتية اجتماعيا وسياسيا ومدنيا.. ففي حال كهذه لن يبقى أمام أي قوة في صنعاء -سواء الحوثي أو غير الحوثي- إلا الاعتراف بالندية مع الجنوب وبالتالي القبول بخيار الفيدرالية الثنائية كخيار وحيد، وهذا هو معنى الاضطرار! إذن حتى الفيدرالية تحتاج إلى قوة؟ نعم إنها قوة البناء المجتمعي، وليست قوة العنف غير المتوازن، وليست كذلك قوة خطاب الاستجداء الهزيل على طاولة الطرف المتغلب في صنعاء.. أو قوة التصفيق لزعمائه المستعلين في مران أو عمران أو سنحان!