مسقط.. انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات الإيرانية الأمريكية غير المباشرة    اتفاق لوقف اطلاق النار بين الهند وباكستان    الريال السعودي في الجنوب عمالة وفي اليمن وطنية    توقف مفاوضات النصر السعودي مع كريستيانو رونالدو    وفاة شخص وإصابة آخر إثر انقلاب مركبة وسقوطها في عرض البحر بمدينة المكلا    نقابة الصحفيين تعلن رفضها محاكمة المليشيا للزميل المياحي وتطالب بإطلاق سراحه    نجل الخائن العليمي يحصل على القطاع اس -5 بشبوة    انتشار فيديوهات مفبركة بالذكاء الاصطناعي ل"كوكب الشرق"    دراسة: المصريون القدماء استخدموا "تقنية بركانية" وآلات قديمة عالية التقنية لبناء الأهرامات    اليوم برشلونة والريال..السباق على الليقا    رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    ثورة النسوان.. تظاهرة لم تشهدها عدن منذ رحيل بريطانيا    بايرن ميونخ يتوج بطلاً للدوري الألماني اثر تغلبه على بوروسيا مونشنجلادباخ    بايرن ميونيخ يحتفل بلقب الدوري للمرة ال 34 ويودع نجمه المخضرم توماس مولر    الموسم المقبل.. 6 أندية إنجليزية في دوري الأبطال    الملك سلمان يرعى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    "صوت النساء يعلو".. احتجاج نسوي واسع يطالب بإنهاء التدهور الخدمي والمعيشي في عدن    رسالة الحرائر إلى رأس الافعى الذي منع توريد وقود الكهرباء    مرحلة عصيبة ومعقدة تمر بها عدن    مايهزك نبيح ياعدن    وثيقة عقوبات قبلية تثير استياء واسع في اوساط المثقفين اليمنيين    الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا    المقالح يبدي خشيته من استغلال اتفاق مسقط لتعزيز الكيان الانفصالي    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    العدالة للداخل قبل الخارج..!    إب تعيش ازمة وقود رغم اعلان شركة النفط انتهاء الازمة قبل أيام    تصاعد جرائم اختطاف وتهريب المهاجرين الأفارقة في شبوة    حركة الجهاد في فلسطين تنعى المحرر الشهيد معتصم رداد -عربي    يعاقبون لأنهم لم يطابقوا القالب    أميركا والصين تختتمان جولة أولى من المحادثات في جنيف    إنصاف ينفذ جلسة إرشادية في الدعم النفسي للنساء في الأحياء الشعبية    عدن.. مظاهرة نسائية احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية وانقطاع الكهرباء    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ ناجي أحمد سنان    شاهد ..الانتهاء من معظم اعمال الصيانة في مطار صنعاء .. وقرب تشغيله    -    - توقيع اتفاقية دعم اعلاني بين اللجنة الاعلامية باتحاد كرة القدم وشركة هيملايا الهند        ارتفاع حصيلة الإبادة الجماعية في غزة الى 52,810 شهداء و 119,473 مصابا    إصلاح ريمة ينعى الفقيد الوليدي ويثمن أدواره في نشر القيم الدينية والوطنية    تأمين السكن يهدد ربع مليون نازح بمأرب    الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر المنتخب الوطني الداخلي في المكلا    تحذير أممي من استخدام المساعدات طعما لنزوح الغزيين    كفى عبثا كفى إذلالا.. أهذه شراكة أم استعمارٌ مقنّع؟    الأرصاد ينبه من الأجواء الحارة في الصحاري والسواحل    وسط توتر بين ترامب ونتنياهو .. واشنطن تلغي زيارة وزير الدفاع إلى إسرائيل    دراسة : عدد ساعات النوم الصحية يختلف باختلاف البلد والثقافة    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    تصل إلى 100 دولار .. لجنة حكومية تفرض رسوم امتحانات على طلاب الثانوية اليمنيين في مصر    ارتفاع أسعار الذهب قبيل محادثات تجارية مرتقبة بين واشنطن وبكين    الأسباب الرئيسية لتكون حصى المرارة    لماذا يحكمنا هؤلاء؟    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    أول النصر صرخة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية الصراع السني / العلوي
نشر في يافع نيوز يوم 28 - 12 - 2016


بقلم – غسان الامام
كيف يمكن منح العروبة تعريفًا إنسانيًا وحضاريًا، مجردًا من كل تعالٍ عنصري؟ لم يعد بالإمكان اللجوء إلى قرابة الدم للتعريف بالأمم. إنها الهوية الثقافية واللغوية التي تحدد الانتماء إلى الأمة. وهي التي صهرت العرب المسلمين المهاجرين إلى الوطن العربي الكبير، مع الأقوام السامية التي سبقتهم إليه منذ ألوف السنين.
أممية الإسلام ساوت بين العرب وهؤلاء المستعربين (الموالي) في الحقوق والواجبات. وكذلك فعلت مع الأقليات اللاعربية التي تأسلمت. أو تعربت من دون أن تتأسلم. لكن سقوط السلطة السياسية العربية مبكرًا سمح لهذه الأقليات، بإنشاء كيانات سياسية، في أنحاء متفرقة من الوطن الكبير، بقدر ما جعل الوحدة القومية العربية مفهومًا غامضًا لدى العرب إلى الآن.
ارتقاء طب الوقاية الصحية في القرن العشرين أدى إلى ازدهار الكثافة السكانية. العرب يزدادون سنويًا بمعدل خمسة ملايين إنسان. كذلك فقد تضخمت الأقليات الإسلامية غير العربية. الأكراد باتوا يطالبون الدولة العربية «بحقوق» سياسية وانفصالية. وفي الخليج يهدد نحو 15 مليون وافد آسيوي وأفريقي نقاء اللغة العربية. بل وحدة التراب القومي.
لم يستطع الإسلام العربي استيعاب واحتواء هذا الطوفان العنصري، على الرغم من أن معظم الأكراد والأمازيغ هم من السنة، أي مذهب الغالبية العربية. ويشجع الاستعمار الثقافي الأوروبي، بعد انسحاب استعماره العسكري، هذه الأقليات على التمدد، تحت شعارات حقوق الإنسان وتقرير المصير.
الدولة العربية المستقلة لم تفاخر الأقليات بانتمائها السني المذهبي. ولم تقدم نفسها دولة سنية. بل أخذت الكثير من القوانين (الوضعية) عن الدولة الأوروبية الحداثية. لكنها حرصت على أن تترك لكل مذهب ديني أو طائفي حرية أحكامه وشرائعه، في الأحوال الشخصية.
غير أن الهواجس الطائفية المتوارثة مع التخلف الاجتماعي التاريخي. وغيبة التواصل والتعايش السكاني، بحكم الخوف. والعزلة، مع غياب طرق المواصلات. ولا وعي الدولة العثمانية للمأزق الطائفي… كل ذلك وفر الفرصة لكي تتسلل الطائفية والعنصرية. وتمسك بالسلطة السياسية في مجتمعات عربية (سنية). أو تسعى لتمزيق الوطن العربي، كما في سوريا. والعراق. والسودان، بإقامة كيانات طائفية. وعنصرية مستقلة.
الحروب الأهلية أشبه بمنخفضات جوية تجتذب دولاً أجنبية كبرى وصغرى، للتدخل. والهيمنة. أميركا. وروسيا. وإيران. وتركيا. وبعض دول أوروبا، حاضرة بقوة في سوريا. والعراق. ولبنان. بشار الأسد كسب معركة حلب بجيش من المرتزقة الشيعة آتٍ من لبنان. وأفغانستان. والعراق. لكنه خسر معركة سوريا. فقد بات رهينة لإرادات أجنبية أقوى منه.
في سعيه للانفراد بالسلطة السياسية في دول الهلال الخصيب (العراق. سوريا. لبنان)، أنشأ «حزب البعث» دولة عشيرية متخلفة في العراق. ودولة طائفية في سوريا، ما لبثت أن انقلبت إلى عائلة شرسة معاكسة لحركة التاريخ.
كان حافظ الأسد يزعم أنه يخشى «إفساد» جيشه في لبنان. لكن عائلته الثلاثية (الأسد. مخلوف. شاليش) هي التي أفسدت الحياة السياسية اللبنانية. ولم يكن في الإمكان وضع حد لاغتيالاتها، إلا عندما اغتالت رفيق الحريري الزعيم السني، بالتخطيط مع حزب إيران في لبنان. فقد أجبرها المجتمع الدولي على سحب جيشها. لكن نفوذ العائلة ما زال متغلغلاً في طيات الجلباب الأسود الإيراني المخيم على هذا البلد العربي الصغير.
كان حزب البعث مستعجلاً جدًا. بدلاً من الرهان على المؤسسات الديمقراطية، بادر إلى عسكرة الطائفة العلوية، من دون أن يعي تمامًا ملابسات المأزق الطائفي التاريخي الذي باعد بين الغالبية السنية والأقلية العلوية التي كانت أكبر أقلية طائفية (12 في المائة).
الواقع أن كل العهود السورية بعد الاستقلال ساهمت في الإيقاع بين السنة والعلوية. أعدم نظام شكري القوتلي سليمان المرشد الزعيم الروحي لعشيرة المرشديين المتعايشة في جبال اللاذقية مع العشائر العلوية. واغتال نظام الشيشكلي اللواء محمد ناصر (علوي) قائد سلاح الطيران. واغتيل في لبنان العقيد الهارب غسان جديد (شقيق البعثي صلاح جديد) زعيم الكتلة العلوية العسكرية المتواطئة مع الحزب الفاشي (السوري القومي) في اغتيال العقيد عدنان المالكي نائب رئيس الأركان (بعثي سني).
الإخوان المسلمون لم يكونوا بعيدين عن جهنم الطائفية. عندما تزمتوا شنوا حربًا طائفية، لرفضهم ترئيس رئيس علوي. وعندما تجمعوا في مدينة حماة، لإعلان العصيان المدني، قتلوا موظفي الإدارة الحكومية من البعثيين مع أسرهم. فكانت مجزرة حماة التي ارتكبها ضباط الفرق المدرعة في الجيش (1982). واستهدفت الأسر الإقطاعية السنية التي ظلمت فلاحيها العلويين في قرى سهل الغاب.
لكن الظلم الاجتماعي الذي تعرضت له الطائفة العلوية، لا يقاس بما فعله الحكم العلوي في سوريا خلال السنوات الستين الأخيرة. فقد دمر التعايش الهش بين الطوائف. وألحق الهزيمة بالمشروع القومي العربي، بتسليمه الجولان إلى إسرائيل، من دون قتال يذكر في حرب النكسة.
لم يمارس النظام الطائفي نقد تجربتيه الفاشلتين المدنية والعسكرية. وفي مواجهة التزمت «الإخواني»، حال دون نشوء ديمقراطية ليبرالية. وتعددية حزبية. وضرب بشراسة اعتصام نقابات الطبقة الوسطى. كانت الغالبية العربية (السنية) مظلومة. فهي لم تساير الإخوان في حربهم الطائفية. ولم تستجب إلى دعوتهم للعصيان.
لا بد من الاعتراف بأن الكتلة (السنية) العربية لم تختر الرد الحضاري والإنساني المناسب على الظلم الدولي والإقليمي الذي تعرضت له بسلخ أميركا عروبة العراق وتسليمه إلى عملاء إيران. «داعش» و«القاعدة» و«جبهة النصرة» لا تمثل السنة. وباتت في صميم إشكالية الصراع الديني والطائفي في المنطقة. وإقدامها على قتل المدنيين السنة والشيعة. واقتحامها العالم بالشاحنة، لا يؤهلها للمشاركة في الحل. لا بد من الحسم مع هذه الفصائل للوصول إلى حل سلمي في سوريا.
ضيق المجال لا يسمح برواية متكاملة لأصول الصراع الطائفي في المنطقة العربية. النظام العربي لم يقصر في دعم سوريا بالسلاح والمال. لكن المعارضات السياسية والمسلحة المشمولة بالنِعم، ليست سوريا التي أعرفها. وأريدها. هناك شرائح وطنية عريضة جرى تحييدها. وأسرها داخل مدنها تحت التهديد بتدميرها، إذا شقت الصمت، لتسأل. وتحاور. وتحاسب النظام والمعارضات على حد سواء.
ما الحل إذن؟ الحل في تسوية سياسية تضع حدًا لاقتتال بلا هدف نبيل. لا حل بترقيع نظام شرس. وإجلاس هذه المعارضات بجانبه على المنصة. والمائدة. تركيا التي وقفت موقفًا صلبًا من النظام، تخطئ باعتماد روسيا وإيران شريكين، في حل سوري، من دون مشاركة عربية أو سورية. أخيرًا، لا حل بلا عروبة. ولا عروبة بلا ديمقراطية. وبكلمة أكثر صراحة. لا حل بالثأر والانتقام من الطائفة العلوية. ولا تسوية بتحييد الغالبية السنية. وتجاهل الدور العربي الداعم لها.
*نقلاً عن "الشرق الأوسط"
Share this on WhatsApp


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.