لم يعد هناك مجال للشك بأن النظام السابق كان حاضنة للحوثيين،على الرغم من تجلي رؤية وأهداف تنظيم الشباب المؤمن في بداياته، ونشاطه بشكل كبير منذ عام 1990م، فلقد تساهل معهم كثيرا، سواء في دعمه لمدارسهم الدينية التي كانت تدرس المذهب الزيدي، ونموذج الثورة الخمينية 1979م، أو في حروبه الستة معهم، وبعد أن أصبحت جماعة الحوثي المتمردة لها قواتها ومشروعها الديني والسياسي، خاضت الحكومة معهم حروبا دموية، وصفها بعض المحللين السياسيين بأنهاغير واضحة الأسباب وغير جدية، كونها كانت تفضل اللجوء إلى التسويات والمصالحات على الحسم العسكري، وعلى الرغم من وجود تجاوزات عديدة لتلك الجماعة يتوجب على أي حكومة مسئولة عدمالسكوت عنها، واعتبر البعض تلك الحروب مجرد استنزاف لقوات الفرقة الأولى مدرع، التي لم تكن تحظى من قِبل الحكومة بالدعم اللوجستي بالمقارنة مع مختلف وحدات القوات الأخرى، كما أن الاعتقاد أصبح جليا بشأندعم وشراكة علي صالح ونظامه الذي توغل فيه الحوثيين مبكرا، وأصبح نظام صالح شريك أساسي في دعم المشروع الإيراني في اليمن الذي لا تتقاطع مصالحه ومصالح أمريكا، وتعاملتالسلطات منذ بداية الحوثيين من خلال وسائل الإعلام الحكومية مع هذه الحركة المتمردة بنوع من التضليل والتعتيمكما أكد على ذلك المراقبون. وما يؤكد أن النظام السابق حاضنة الحوثيين، هو غض الحكومة بصرها عن التدريبات العسكرية الإيرانية لهذه الجماعة خارج اليمن، وعلى وجه التحديد في معسكرات التدريب في إرتيريا، واتجاه الجماعة إلى التدريب العسكري في مدارسها لأتباعها، كما حظيت جماعة الحوثي -الجعفرية- بتأييد ودعم من قبل المرجعيات الشيعية الإيرانية خارج البلاد، ولم يعد الحوثيون يمثلون الزيدية كما كانوا يزعمون، فلقد ندد وحذر العديد من علماء الزيدية بممارسات هذه الحركة التي تقوض البلاد، واعتبارها امتداداللمشروع الإيراني في المنطقة، بعد أن صدّرت الحكومات الإيرانية المتعاقبة الثورة الخمينية إلى بعض دول الجوار منها اليمن ولبنان. إن المصالح الحوثية تقتضي أن تتخلص من كل طرف لم يعد لها به حاجة، وإمكانية عقد تحالفات مع أي طرف يمكنها من الوصول إلى أهدافهم، وتغذية مشروعاتهم وتحقيق المكاسب المختلفة،وهذا ما ظهر بين الفينة والأخرى في التحالف الحوثي مع حزب المؤتمر والذي استمر حتى 2003م، فتحالفت حينا مع الحزب الاشتراكي وتارة مع حزب المؤتمر الذي ترشح ممثلهم في حزب الحق عن المؤتمر عام 1997م، وحزب الحق يعد الغطاء السياسي للجماعة، قبل أن يعد الحوثيين فصيلا منشقا عن الحزب؛ ولكن الواقع الحالي الذي يحاول الحوثيون أن يفرضوه بالقوة، سيثبت إن كان ما زال هناك مصالح مشتركة بين الطرفين، فإن التحالف سيظل قائما وإن كان بصورة غير ظاهرة، أما إن كان الحوثيون قد حققوا كل مصالحهم فإنهم لن يتوانوا في التخلص من تحالفهم مع النظام السابق. إن موقف الحوثيين من ثورة الشباب لم يكن لأجل الوطن الذي انتفض لأجله الشباب، إنما كان لمطامع سياسية وإستراتيجية بعيدة المدى، ونصبوا أنفسهم ممثلين لثورة 2011م، بركوبهم الموجة وتضليل الناس غير الواعيين، بعد أن رفضوا المشاركة في التسويات السياسية التي وافقت عليها مختلف الأطراف الثورية، لإخراج البلد من أزمتها آنذاك، واغتصبوا الوطن بعد أن تغذى الحوثيون على بؤس الناس وأحلامهم ليكبروا أكثر وأكثر، وباعت الحكومات المواطنين والوطن. لا يمكن القبول بأن تحكمنا المليشيا، إن الرضا بهذا المنطلق سيقود حتما إلى تمرد العديد من الجبهات، والحكم بهذه الشاكلة وبقانون الغاب، وهو ما يحذر منه الحريصون على البلد ومستقبله، إن هذا أكثر وقت البلد بحاجة فيه إلى رجالاته الأحرار، وعلى المواطنين أن يعلموا بأن هذه جماعات إقصائية ادعت في بداياتها بأنها تقاوم- ما أسمته- محاولة السلطات إبادة الزيدية، لكنها لم تمانع من توجيه إنذار إلى يهود آل سالم لمغادرة القرية، بحجج واهية، وتهجير السلفيين في دماج برضىى حكومي في يناير 2014م بعد أعوام من التنكيل، في محاولة منهم لبسط نفوذهم على المناطق الشمالية منها صعدة أولا، والتوسع بعد ذلك للسيطرة على كل اليمن،ومحاولة إيران تصدير ثورتها إلى اليمن عن طريق الحوثيين، لن يفضي إلا لدكتاتورية رجعية جديدة، ستقود البلد إلى الجحيم الطائفي والمذهبي وهذا مالا يعيه أغلب المواطنين، وقمعها لكل الأطراف المناوئة لها الآن خير دليل على دكتاتوريتها.