على الرغم من تباين قراءة اليمنيين لقرار مجلس الأمن ،2051 إلا أنه حظي بترحيب واسع لكونه لامس المشكلات المعيقة للتسوية السياسية بصورة تجاوزت لأول مرة خط "الحصانة" الذي أتاحته المبادرة الخليجية لرئيس وأركان النظام السابق، بعدما وضع هؤلاء أمام خيار المضي في التسوية حتى النهاية أو الوقوع تحت طائلة العقوبات، وأكثر من ذلك أنه قطع الطريق أمام الاجتهادات الفردية في تفسير الاتفاق وتحديد الأولويات بوضعه خريطة طريق محددة للمضي بهذا البلد الذي تمزقه الصراعات والأزمات في الطريق الآمن . في أكثر المقاربات التي تتناقلها الدوائر السياسية اليمنية حيال قرار مجلس الأمن 2051 يشار إلى أنه حدّ بصورة كبيرة من تمادي الأفرقاء السياسيين في لعبة خلط الأوراق ومنح الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي وحكومته الانتقالية وقوداً إضافياً للمضي باتفاق التسوية الخليجي تحت عصا العقوبات الدولية . من جانب آخر، نقل هذا القرار النظام السابق وأركانه من مربع الشريك المتمتع بالحصانة إلى مربع الإدانة والاتهام في خطوة بدا فيها أن جدار الحصانة الذي حظي به الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأركان نظامه بموجب المبادرة الخليجية في طريقه إلى التهاوي بانتظار الضربة القاضية التي يتوقع كثيرون حصولها في حال تمادى أركان النظام السابق في ممارساتهم الرامية إلى عرقلة تنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية . الدبلوماسية الأممية وحدها أتاحت هذه المرة فرصة مراجعة ثمينة للنظام السابق، إذ إنها حالت دون تحديد أسماء الأشخاص أو الجهات التي تعيق تنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية في القرار الأممي، غير أن تصريحات ممثلي الأطراف الدوليين الراعين لاتفاق التسوية لم تحتمل استمرار هذا الغموض وأعلنت صراحة أن القرار استهدف بشكل مباشرة الرئيس السابق علي صالح وأفراد عائلته وأركان نظامه باعتبارهم الطرف المتهم بعرقلة مهمات الحكومة الانتقالية والرئيس المنتخب في تنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية التي تعثر تنفيذها خلال الشهور الماضية بسبب أزمة تمرد العسكريين من أقرباء صالح . هذا الأمر عبّرت عنه المادة السادسة من القرار الأممي التي طالبت بوقف الأعمال التي تستهدف تقويض الحكومة الانتقالية وعملية الانتقال السلمي للسلطة بما في ذلك الهجمات المستمرة على البنى التحتية الخاصة بإمدادات النفط والغاز والكهرباء والتدخُّل في القرارات المتعلقة بإعادة هيكلة القوات المسلحة وقوات الأمن وإعاقة تنفيذ المراسيم الرئاسية بشأن التعيينات العسكرية والمدنية، كما أكدت استعداد مجلس الأمن لاتخاذ تدابير رادعة بموجب المادة 41 تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة إذا استمرت هذه الأعمال . وفي شأن قدرة القرار الأممي على الردع وإرغام الأطراف على المضي في التسوية، يلاحظ الكاتب والمحلل السياسي أحمد الزرقة أن القرار قد لا يرقى لمستوى الردع، لكن تلويحه بالتدابير الرادعة كان عاملاً مهماً في إرغام سائر الأطراف على أن تعيد التفكير في حساباتها وخطواتها المعيقة لمسار التسوية، كما أنه أتاح عملية تذكير مستمرة لتلك الأطراف بوجود عصا العقوبات عبر مجلس الأمن وأدوات الضغط الأخرى التي مازالت في يد الأطراف الراعية للمبادرة، وخصوصاً أمريكا ودول مجلس التعاون الخليجي . ويؤكد الزرقة أن القرار الأممي سيهدئ قليلاً من محاولات عرقلة التسوية، لكنه لن يوقفها بشكل نهائي، نظراً لتعدد المعرقلين وعدم تحديدهم بالاسم ووجود وكلاء لكل طرف، وباعتقادي أن المجتمع الدولي بات يدرك ويعرف ماهية الأطراف المعرقلة ويقوم باستخدام وسائل متعددة، إما عبر السفراء في صنعاء أو بواسطة مجلس الأمن . ويلفت إلى أن صالح وأقرباءه مستمرون بالمراوغة، لكنهم سيسلمون في النهاية عندما يشعرون بجدية الأطراف الراعية للمبادرة وإمكان تعرضهم لإدانة صريحة وواضحة، وهناك أمثلة عدة على ذلك، منها موضوع اللواء الثالث .عن الخليج الإماراتية.