توالى حلقات مسلسل "فرقة ناجي عطا الله" الذي يقوم ببطولته النجم المصري عادل إمام. خرج هذا الأخير من جدل الثورة، ودعمه للنظام المصري السابق، بسمعة سليمة .. إذ تحولت مسرحيته "الزعيم" إلى أشبه بنبوءة، توقعت لجوء القادة المخلوعين إلى المملكة العربية السعودية. في المسلسل، نتعرف على "الزعيم" ناجي عطا الله، ملحقا إداريا في السفارة المصرية في إسرائيل، وهو في الأصل ضابط متقاعد. نراه يتنقل بحرية، ويستخدم سخرية تقوم على العنف اللفظي الشديد، يوزع الأموال، يكون قادرا على إهانة موظفين كبار في تل أبيب، لا بل أنه يصادق بعضهم. يصوره المسلسل ذكيا وسط أغبياء، غنيا وسط فقراء، وثرثارا من حدود. يقدم عادل إمام في هذا المسلسل، مونولوجا لا حوارا. يبدأ جل جمله "أعرف ... أنا عارف". يهين من يفترض أنهم خادموه، لكنهم لا يشعرون بالإهانة، ويخطط لسرقة بنك بطريقة ساذجة. عادل إمام بطل مطلق في مسلسله، أمام ممثلين من الدرجة الثالثة. بطل مطلق، بلون واحد، يقدم وجهة نظر أحادية سطحية. وهذا ليس ضرورة درامية بقدر ما يعكس تضخم أنا الممثل النجم الذي أخضع المؤلف يوسف معاطي، ونجله المخرج رامي إمام لرغباته. في المسلسل نرى صورة نمطية عن اليهودي بالمطلق، فهو طماع وغبي، كما في "تاجر البندقية" لشكسبير. يبدو أن هذا ما جعل المسلسل الذي ترجم للعبرية يحظى بشهرة وسخط في إسرائيل، بحسب ما نقلته وسائل إعلام عديدة. الخطير ليس في الخطاب النمطي للمسلسل، بل في محاولة إمام الواضحة، لتملق الجمهور، واستثمار عدائه لإسرائيل لإنجاح المسلسل تجاريا. لكن المحاولة انتهت إلى استغباء الجمهور الذي يعرف حصيلة صراع العرب مع إسرائيل بعد ستين عاما. لهذا، فهو لن يهضم تزوير الواقع التاريخي، لخلق بطولة وهمية لناجي عطا الله. في الحقيقة يحاول عادل إمام، استرجاع بطولة رأفت الهجان، وهو المسلسل الذي أدى بطولته محمود عبد العزيز وعرف نجاحا كاسحا. قام عادل إمام بمحاولة وقام إمام بمحاولة مماثلة في مسلسل "دموع في عيون وقحة"، حين أدى دور جمعة الشوان. وها هو يقوم بمحاولة ثانية في "فرقة ناجي عطا الله". لكن السياق تغير الآن. ففي الربيع العربي، سقط استغلال الأنظمة لفكرة العداء مع إسرائيل، بهدف إلهاء شعوبها. يتجه الغضب الشعبي من المحيط إلى الخليج نحو العدو الداخلي، أي الفساد والاستبداد. الناس غاضبون لانقطاع الكهرباء وغلاء الغذاء. ولا يمكن تبريد هذا الغضب ببطولات ناجي عطا الله المبالغ فيها. يبدو الخطاب السياسي لمسلسل "فرقة ناجي عطا الله" ملتبسا، يضيع في الشعارات والنكات الساذجة. هذا ما سبب جدلا واسعا على الصفحات العربية لمواقع التواصل الاجتماعي، إذ احتج متفرجون كثر على ترويج النص لمنطق التطبيع مع العدو الإسرائيلي، كأنها حقيقة ثابتة، ومفروضة، وبديهية. وقال آخرون أن تناول المسلسل للعلاقة بين مصر وإسرائيل مفصول عن الواقع الذي خلقته الثورة، بعدما تم تفجير أنابيب الغاز في سيناء أكثر من مرة. كما أن "خلاف" ناجي عطا الله مع الإسرائيليين، يتحول إلى خلاف مادي بحت: يطرد من السفارة بسبب مواقفه الحادة، فيخطط للانتقام من خلال سرقة بنك! على الضفة الأخرى، أثار المسلسل اهتماما كبيرا في الصحافة الإسرائيلية. هذا الاهتمام، دفع ببعض المواقع الالكترونية إلى سرقة بعض الحلقات، وعرضها مترجمة إلى العبرية، في محاولة لتحليل الصورة التي يقدمها العمل عن العلاقات المصرية الإسرائيلية. وعلى حسابه على موقع "تويتر" انتقد المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي للإعلام العربي، أوفير جندلمان، المسلسل، وقال: "مسلسل فرقة ناجي عطا الله لا يصور إسرائيل ومواطنيها بشكل واقعي عمدا، ووقعت أخطاء فادحة بالعبرية، والهدف منه هو تحريض الكراهية وليس الفن" .