أعاد تعرض دبلوماسي إيراني قبل أيام للاختطاف على أيدي مسلحين مجهولين في العاصمة اليمنية صنعاء، إلى الأذهان مسلسل استهداف أعضاء البعثات الدبلوماسية بالخطف والاغتيال على أيدي جماعات إرهابية مسلحة، حيث سجل عام 2012 نسبة مرتفعة في معدلات تلك الهجمات. وكشف حادث الاختطاف الأخير الذي أعلن عنه مصدر بالسفارة الإيرانية بصنعاء، لوكالة أنباء (شينخوا)، أن حوادث استهداف الدبلوماسيين لم تنتهِ منذ العام الماضي. وقال المصدر إن أحمد نور الملحق الثقافي بالسفارة تعرض للاختطاف على أيدي مسلحين مجهولين في منطقة "حدة" القريبة من مقر السفارة بصنعاء، مشيرًا إلى أن الخاطفين اقتادوا الدبلوماسي الإيراني إلى جهة مجهولة، وانقطع التواصل معه. ورغم الغموض الذي يكتنف عملية اختطاف الدبلوماسي الإيراني والاتهامات الموجهة إلى تنظيم القاعادة باليمن، إلا أن الهدف غالبًا من حوادث الاختطاف لا يخرج عن الدوران في فلك الضغط على حكومة الدبلوماسي المختطف للاستجابة لمطالب بالفدية المالية أو الإفراج عن عناصر إرهابية محتجزة لدى تلك الدول. ويبرز هذا الحادث بعد يومين من تحذير الأممالمتحدة لموظفيها بعدم التنقل في اليمن إلا بحراسات خوفًا من تعرضهم للاختطافات. وبحسب تقارير إخبارية تتكرر حوادث خطف الأجانب في اليمن بين الحين والآخر على يد مسلحين قبليين بهدف تحقيق مكاسب، منها الضغط على الحكومة للإفراج عن ذويهم المسجونين أو للحصول على فدية مالية. وشهد عام 2012 سلسلة مأساوية من حوادث الخطف والاغتيال لأعضاء البعثات الدبلوماسية في أعمال عنف وهجوم على السفارات أو في صفقات تديرها جماعات إرهابية متطرفة أبرزها تنظيم القاعدة. في الثالث من فبراير العام الماضي تم اغتيال الدبلوماسي الليبي عمر بربش الذي اعتقل في 19 يناير بالعاصمة طرابلس عقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي وتولى بربش منصب سفير ليبيا في فرنسا في عهد القذافي. وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الدبلوماسي الليبي قُتل من جراء التعذيب بعد يوم من اعتقاله على أيدي ميليشيا في مدينة الزنتان حيث ظهرت على جثته آثار جروح متعددة، وضلوع مكسورة، وعمل بربش (62 عامًا) في السفارة الليبية في فرنسا بين عامي 2004 و2008 وكان ملحقًا ثقافيًا ثم قائمًا بأعمال السفير في آخر تسعة شهور من فترة عمله. وعاد الدبلوماسي إلى ليبيا للعمل كمحامٍ في وزارة الشؤون الخارجية في نظام القذافي لكنه استمر في العمل لصالح حكومة المجلس الوطني الانتقالي بعد الانتفاضة. وفى شهر مارس لقي الدبلوماسي السعودي البارز خلف آل علي، 45 عامًا، الذي كان يشغل منصب السكرتير الثاني في السفارة السعودية لدى بنجلاديش، مصرعه إثر إصابته برصاصة استقرت في قلبه فأردته قتيلاً. وأعلنت السفارة السعودية مقتل الدبلوماسي الذي تميز بدماثة الخلق والإخلاص في العمل إثر تعرضه لإطلاق نار في ساعات الليل الأخيرة، حيث لفظ الشهيد أنفاسه الأخيرة في المستشفى بعد أن استقرت رصاصة قاتلة في جهة القلب، وعثر على جثته بالقرب من مقر سكنه في المنطقة الدبلوماسية. كما شهد شهر مارس اختطاف نائب القنصل السعودي باليمن عبد الله الخالدي على أيدي مسلحين تابعين لتنظيم القاعدة باليمن وترددت أنباء عن إطلاق سراحه في أغسطس الماضي عن طريق جهود حثيثة من مسؤولين سعوديين ووسطاء قبليين بمحافظة أبينجنوبي اليمن إلا أن الرئاسة اليمنية نفت ما تناقلته وسائل إعلام عربية ودولية عن الإفراج عن الخالدي وترددت أنباء أن تنظيم القاعدة تراجع عن إطلاق الخالدي الذي يحتجزه منذ 28 مارس، مطالبًا بمضاعفة الفدية إلى 20 مليون دولار..
وفي الخامس من أبريل، أعلنت حركة التوحيد والجهاد التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، خطف سبعة دبلوماسيين من القنصلية الجزائرية في مدينة غاو بشمال مالي وأفرجت عن ثلاثة منهم في يوليو الماضي. وبينما أعلنت الحركة في بيان لها في الثاني من سبتمبر أن "جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا قامت بإعدام الرهينة الدبلوماسي الجزائري الطاهر تواتي بعد انتهاء المدة المحددة للحكومة الجزائرية، أكّد وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي في 18 سبتمبر أنه لا يوجد "دليل حسي" على قتل الدبلوماسي الجزائري الذي خطفته حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، في الوقت الذي هددت الحركة بإعدام الرهائن الثلاثة الآخرين الذين خطفوا مع تواتي في حال لم تلبّ الجزائر مطالبها الخاصة بمبادلة الرهائن بثلاثة سجناء من القاعدة اعتقلوا في ولاية غرداية، جنوب شرقي الجزائر. وأكّد مدلسي أنه لا توجد معلومات ذات صدقية تتيح الكلام عن وفاة أو عدم وفاة تواتي. وأعرب عن أمله بعودة الدبلوماسي إلى عائلته". وفي مصر أغلقت نيابة حوادث جنوبالجيزة التحقيقات في حادث مقتل الدبلوماسي اللبناني أسعد خليل أبو عقل المستشار الدبلوماسي بجامعة الدول العربية الذي عثرت الأجهزة الأمنية على جثته مقتولاً داخل شقته وقيدت النيابة الواقعة ضد مجهول وذلك لعدم الوصول إلى المتهم بعد بحث وتحريات الأجهزة الأمنية عنه من خلال الاستعانة بالمواصفات التي أدلى بها جيران الدبلوماسي. وتم كشف الجريمة بالصدفة حين دخل نجل الدبلوماسي الضحية الشقة ووجد جثة والده ملقاة على الأرض وبها 60 طعنة وتبين عدم سرقة محتويات الشقة وقال إن هذه الشقة اشتراها والده عام 1987 وكان يتردد عليها عند قدومه من لبنان إلى القاهرة. بينما فوجئ العالم في ليل الثلاثاء الثاني عشر من سبتمبر بمقتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز وثلاثة أمريكيين في هجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي نفذه مسلحون احتجاجًا على فيلم اعتبروه مسيئًا للرسول والذي أثار موجة غضب عارمة في عدد من الدول العربية والإسلامية، حيث شهدت السفارة الأمريكيةبالقاهرة هجومًا مماثلاً على الخلفية نفسها. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن الولاياتالمتحدة تدين أي مسعى متعمد للإساءة للمعتقدات الدينية للآخرين إلا أنه لا يوجد مطلقًا أي مبرر لأعمال عنف من هذا النوع. ولم تفرق آلة القتل الإرهابية بين عربي وأجنبي على خلفية أحداث الغضب عقب الفيلم المسيء حيث اغتال مسلحون مجهولون مسؤولاً أمنيًا يمنيًا يعمل في السفارة الأمريكية في صنعاء يدعى قاسم عقلان. وكان الضحية يعمل مسؤولاً عن التحقيقات في الهجوم على السفارة الأمريكية في 13 سبتمبر في سياق الاحتجاجات على الفيلم المسيء. وبرز مقتل خالد شبيكان العنزي الموظف في الملحقية العسكرية بالسفارة السعودية باليمن في الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي، حيث هاجم مسلحون يرتدون زي شرطة جهاز الأمن المركزي سيارته بالرصاص في حي (حدة) الحي الدبلوماسي في صنعاء، حيث تتركز مقار السفارات وسكن الدبلوماسيين ما أدى إلى انقلاب السيارة ومصرعه مع مرافقه وهو شرطي يمني. وأعربت دولة قطر وقتها عن إدانتها واستنكارها بشدة قتل العنزي ومرافقه وتضامنها مع السعودية و"إدانتها هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية". وشهدت نهاية العام الماضي حدثًا يشفي قلوب أهالي الضحايا ويثلج صدورهم بإصدار حكم بالإعدام شنقًا على خمسة أشخاص أدينوا بقتل الدبلوماسي السعودي في بنجلاديش خلف آل علي، حيث أشاد مساعد وزير الخارجية السعودي الأمير خالد بن سعود بن خالد بالجهود التي بذلتها السلطات في بنجلاديش في سرعة تعقب الجناة والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة، إلا أن اختطاف الدبلوماسي الإيراني أعاد من جديد أزمة استهداف البعثات الدبلوماسية لتخيم بظلالها الكئيبة على أحداث المنطقة.