حتى الشهداء قسموهم: شهيد مجهول، وشهيد مكفل، شهيد معه إقامة، وشهيد هربوا نعشه تهريب، شهيد بكوا عليه، وشهيد ضحكوا عليه، شهيد زفوه إلى الجنة، وشهيد سيزفهم إلى الجحيم، شهيد تضامنوا معه، وشهيد تضامنوا عليه. حتى الشهداء لم يسلموا من التمييز في دفنهم، وإكرام أهلهم من بعدهم، لكن الله حي لا يموت، وهو أرحم بعباده في حياتهم وموتهم. أم يحسبون أن هناك شهيداً 5 نجوم وشهيداً 3 نجوم؟! شهيد يدفنونه فوق السحاب، وشهيد يخبئون جثته في بدروم! قل إن الأمر بيد الله، لو كانت جثته موزعة في أعماق المحيطات لجمعها الله، ولكنه ابتلاكم بتلك الجثث المجهولة، ليظهر قساوة قلوبكم، وليعلم الناس أن الفتنة أشد من القتل. فتشوا في ركام وحشيتكم عن بقايا آدميتكم، لم تظلموهم بعدم دفنهم، ولكن ظلمتم أنفسكم حين رضيتم لهم ما لا ترضونه لأنفسكم وأهلكم. ورحم الله زمانا ورجالا كان شعارهم: وإني لأستحيي أخي وهو ميت كما كنت أستحييه وهو يعيش لو كان الأمر بيدكم لبعتم واشتريتم في الشهادة، ولصرفتم الحور العين لشهداء دون آخرين، ولجعلتم القبور مقامات، والجنة على فيز وإقامات، ولزفّرتم من يخالفكم الرأي إلى الدرك الأسفل من جهنم، لكن الأمر بيد الله، الحياة والموت والبعث والحساب والجنة والنار. "وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت"، "كل نفس ذائقة الموت". عن صحيفة "الأولى