أصبحت صفحات الفيسبوك كلها تهديد و وعيد .. واحد يقول سنسحقهم و آخر يقول الكنس قادم .. و ثالث يقول سنطهر البلاد منهم .. المهم الهرج نصف القتال و كل طرف يجئ مبهرر أكثر من الأول؟؟؟!!! يبدوا أن غياب الدولة و مؤسساتها و انقطاع الكهرباء طوال الفترة السابقة قد أثرت على الكثير من الناس و جعلتهم يتوقون لتشغيل أدواتهم الكهربائية فبرزت مصطلحات الكنس و السحق والعصر .. قد يكون ذلك مبرراً له لمن فقدوا العديد من أحبائهم الذين لا تزال دمائهم طرية و لم تجف بعد و وقوعهم تحت تأثير الألم و الوجع الذي يعتصرهم جراء فقدان أحبائهم في هذا الصراع العبثي. و مع ذلك كله و على الرغم من الجروح والأحقاد يجب أن يستوعب اليمنيون جميعاً اليوم بأن البلد لم تعد بحاجة إلى طرف يسحق أو يستأصل الآخر أو يستمر بمطاردة خصمه للقضاء عليه. البلد اليوم بحاجة إلى من يجمع شمل اليمنيين بعد كل هذا الشتات الرهيب .. بحاجة إلى الاستقرار و التنمية بعد كل هذا العنف والفوضى؟؟!! الوطن بحاجه إلى بناء الإنسان و تفعيل دور مؤسسات الدولة بحاجة إلى من يعيد الخدمات الأساسية للناس كالتعليم و الصحة و الكهرباء و الأمن و المشتقات النفطية ووو.. الجهات القضائية وحدها هي المخولة في محاسبه و معاقبة كل من أذنب أو أساء بحق الوطن و الناس و على كافة الأطراف الاحتكام إليها..، و مثلما اكتسح الحوثيون المدن و القرى بفترات قياسية تحت مسمى ملاحقة الدواعش و القضاء على القاعدة و كانوا منتشون بتلك الانتصارات دون أن يحققوا شيء لتلك المناطق سوى مزيد من الصراع والدمار .. فإن مواجهة المقاومة وملاحقتها للحوثيون من منطقه إلى أخرى و إخراجهم منها بهدف الاستئصال و القضاء عليهم لا لشيء آخر .. دون أن يلمس الناس أي تحسن في وضعهم المعيشي و بقاء مؤسسات الدولة في غياب تام كما هي عليه اليوم فإن ذلك أيضاً هو مؤشر خطير يبشر بان دوامة الصراع سوف تستمر، و أن دورة العنف سوف تتسع و تزداد من طرف إلى آخر .. شيء مرعب و مخيف أن يستمر كل طرف في السعي للقضاء على الآخر و يستمر كل طرف في ممارسة القتل و الانتقام من اجل استئصال شافة الآخر لا لشيء آخر، و انشغال كافة الأطراف بذلك دون الالتفات لنهج البناء و تحسين معيشة الناس. و الحصيف هو من يستوعب أخطاء سابقيه و يعمل على تلافيها و عدم تكرارها .. فالناس لم تعد بحاجه إلى مزيد من انتصارات الأطراف على بعضهم البعض بقدر حاجتها إلى من يؤمن لها أساسيات سبل العيش و إلى من يعمل على الارتقاء بالبلد و أبنائها في كافة مجالات الحياة. أقوال خالدة "إذا قابلت الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الإساءة"؟ .. غاندي "في سعيك للانتقام أحفر قبرين .. أحدهم لنفسك" .. دوج هورتون " أن تبقى مطارداً من قبل أخطاءك ذلك مصير أسوء بكثير من الموت" .. ليوناردو دا فينشي