في حوار مع صحيفة المستقلة .. تناول في طياته أخر مستجدات الحالة الثورية ومدى نجاح أو إخفاق ذلك خلال الفترة المقبلة ..وعن مستقبل القضية الجنوبية بعد سقوط النظام وأحداث يافع (العر) الأخيرة .. على طاولة الصراحة تحدث السياسي المعروف العميد محمد صالح طماح أحد ابرز قيادات الصف الأول في الحراك الجنوبي حول آخر المستجدات فإلى حصيلة ما دار في الحوار التالي : حاوره/ سام صالح الحالمي بداية كيف تقرا الوضع الراهن في البلد ؟ - لاشك أن الوضع الراهن الذي تشهده البلد اليوم هو الأخطر منذ انطلاقه ثورة 26 سبتمبر وقد جاء نتيجة طبيعية للسياسات الخاطئة للنظام القائم والذي أوصل الوضع إلى ما هو عليه اليوم تلك الممارسات الخاطئة التي لا تراعي أي مصالح وطنية والتي سعى من خلالها النظام إلى جعل كل شيء في خدمة الحاكم كل هذا أفقد الوطن جميع أهدافه وأماله التي ناضل من اجلها أبناؤه طويلاً . من وجهة نظرك ما هي العوامل التي أخرت نجاح الثورة في اليمن على عكس ثورة تونس ومصر ؟ - العوامل كثيرة ومنها أن الواقع في اليمن يختلف عن تونس ومصر .. الوضع هنا قبلي والقوات المسلحة ولاؤها المطلق لشخص الرئيس، أضف إليه الفساد المستشري داخل المؤسسة العسكرية الذي افقدها القيمة الوطنية .. وهناك عامل مهم وهو أن المعارضة اليمنية لم تكن بمستوى التحدي بل تراءت ضعيفة وخائفة من الحاكم .. أيضاً عدم الاعتراف بالقضية الجنوبية والجنوب كشريك فاعل .. لم تكن لها طريقة واضحة في كيف يتم إسقاط النظام بما فيه إسقاط المحافظات التي يمكن إسقاطها أولاً بدون مراعاة للكلفة من الضحايا وبدون خوف من أجهزة النظام ، والمعارضة لم تنقض على مقرات الحزب الحاكم مثل ما حدث في مصر مثلاً بل على العكس دخلت في حوار في وقت لم يكن مطلوباً فكيف تحاور نظام تريد إسقاطه وأيضاً عدم الاعتراف بالقضية الجنوبية والجنوب كشريك فاعل. كيف تنظر لمستقبل القضية الجنوبية بعد سقوط النظام خصوصاً وأن كل المبادرات المتصلة بحل القضية اليمنية لاتتعاطى مع القضية الجنوبية بصفة خاصة حتى الآن ؟ - القضية الجنوبية كانت وستظل تخص أبناء الجنوب وقد ناضل شعبنا منذ حرب 1994 م ضد وصاية نظام صنعاء وفي الفترة الأخيرة يعرف العالم أجمع نضالنا السلمي منذ انطلاقته في2007م وقد قدم قوافل من الشهداء وآلاف الجرحى والمعتقلين وحقق نجاحات واستطاع أن يوصل صدى قضيته على المستوى المحلي والدولي وسواء سقط النظام أم لا فنحن قبل الثورات العربية في الدعوة لإسقاط النظام الحالي في اليمن لقد كنا على ثقة بأن قضية الجنوب ستنتصر وكان أملنا أن القوى المتحضرة في شمال الوطن ستساند قضية الجنوب ولكن مع الأسف تعاطوا بنفس الصورة التي يتعاطى بها النظام مع شعبنا في الجنوب نأمل أن ثورة الشباب ستأخذ منحى إعلامياً وسياسياً يخالف سياسة النظام خصوصاً فيما يتعلق بالترويج لما يسمى بالوحدة الوطنية كون الوحدة أسقطت في حرب 1994م الظالمة . هل هناك لدى الحراك أي رؤيا واضحة سيتقدم بها بعد سقوط النظام بعيداً عن مطلب الانفصال ؟ - رؤية الحراك واضحة منذ انطلاقة ثورته والهدف النبيل له يتمثل باستعادة دولته وحقوقه الكاملة مع الأخذ بعين الاعتبار التعاون الأخوي بمختلف المجالات وبما تخدم استقرار المنطقة . هناك أكثر من طرف سياسي في الساحة اليمنية يطرح مشروع الفيدرالية كخيار أنسب لحل مشكلات اليمن.. هل تعتقد إنه سيتم الإجماع من قبل كل الأطراف المعنية أم ماذا ؟ - هذا الطرح نسمعه كثيراً ولكن لا يوجد حتى الآن أي طرف لديه مشروع واضح حول مسألة الفيدرالية وحتى هذا الطرح ربما لم يعد مقبولاً من قبل شعب الجنوب الذي قدم قوافل من الشهداء في سبيل استعادة كرامته وسيادة دولته. ولكن العطاس أشار في حواره الأخير مع صحيفة الخليج بأن الفيدرالية ستكون الحل الأنسب على أساس إقليمين شمالي وجنوبي؟ - مع احترامي وتقديري للعطاس لا نعرف ما هي الخلفية والضمانات التي يستند إليها في طرح هذه الرؤية ولا أعتقد أن أي شخص مخول بحق تبني قضية الجنوب لأن الفصل الأول والأخير ملك لشعب الجنوب وهو صاحب القرار . في ظل الأزمة الراهنة هل تتوقع إنفراجاً قريباً أم أن الأمور قد تزداد تعقيداً خصوصاً إذا ما أصر المتظاهرون على محاكمة الرئيس؟ - النظام يقود البلاد إلى حرب أهليةحالياً وهو يدرك تماماً ما الذي عمله في سياق تجزئة الوطن وإفساده لأنه مرتكز على قوى الفساد .. لهذا على الشباب أن يدركوا بأن هدفهم هو إسقاط النظام ولا وقت للدخول في تفصيلات أخرى عليهم أن يتركوا القضايا التفصيلية وراء ما بعد الثورة وأي ضمانات لإنجاح الثورة يجب أن يتعاطوا معها . في ظل عدم استجابة الرئيس لمطلب الشعب بالتنحي في نظرك على ماذا يراهن الرئيس في البقاء على سدة الحكم؟ - أخي يدرك العالم والشعب أن الرئيس يراهن على فزاعة الإرهاب ولهذا على شباب الثورة أن يكونوا واضحين فيما يتعلق بشكل الدولة القادمة التي ينشدونها حتى يطمئنون العالم حول ذلك .. وأنه لا مجال للراديكاليين الذين يقول الرئيس للعالم أنهم البديل في اليمن. كيف تنظر إلى عملية القمع الوحشي ضد المتظاهرين السلميين وهل سيحاسب كل من تسبب في ذلك ؟ ما حصل مسبقاً لشعب الجنوب خلال خمس سنوات وما يحصل لشباب الثورة اليوم من قتل وقمع وتنكيل هو خير دليل على وحشية هذا النظام .. هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم . ما هي رسالتك إلى شباب الثورة ؟ - أولاً ليكن برنامجهم الثوري واضحاً ألا وهو إسقاط النظام وأحزاب المشترك معا لأنهم شركاء بما حصل من جرائم أوصلت الوضع إلى ذروته ويجب أن لا ينجروا خلف أي تيار حزبي ويكون موقفهم واضحاً من الإرهاب والتطرف والفساد وأن لا ينجروا وراء المصالح الشخصية والنزعات المناطقية والحزبية.. على الشباب أن يضعوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وأن لا يخافوا التضحية في سبيل تحقيق أهداف الثورة . قبل الختام دعني أعود بك إلى أحداث العر يافع الأخيرة.. ما هي المخاطر التي ظل يشكلها معسكر الحرس الجمهوري الذي كان متواجداً في جبل العر ؟ - كما تعلمون بعد أحداث 1994م تحول الجنوب كله إلى ثكنة عسكرية وحشد النظام معسكراته في عموم المحافظات الجنوبية والهدف من كل هذا هو قمع إرادة الشعب والاستيلاء على أرضه ونهب ثرواته والسيطرة على كل مقومات الجنوب وهل يوجد إنسان عاقل يرى في ذلك خدمه للوطن أم إنه الإرهاب بعينه وهذا معسكر العر واحد من الشواهد على عنجهية النظام أما فيما يتعلق بالمخاطر فلقد كأن يقوم أفراد المعسكر بمضايقة المواطنين واستغلالهم عبر النقاط العسكرية من خلال منعهم من الدخول والخروج من منطقه إلى أخرى ناهيك عن الاعتقالات والكثير من المضايقات الأخرى المختلفة. أخيرا كيف استطعتم حسم المعركة لصالحكم خلال مدة سبع عشر يوماً مع أن أفراد هذا المعسكر كانوا يتمركزن في مرتفعات شاهقة ويمتلكون العتاد الكامل؟ - أؤكد لك وكما أسلفت أن الرفض الشعبي المناهض لوجود المعسكر قد وصل إلى ذروته بين أوساط الأهالي ولوجوده بين قبائل يافع لم يستطع أن ينتشر بحكم الظروف المحيطة حيث تمت محاصرته المعسكر من كافة الاتجاهات وطلبنا من قائده الانصياع لإرادة القبائل فما كأن منه إلاّ أن قام بقصف عشوائي مكثف على جميع المناطق طوال ستة عشر يوماً وتم تبادل إطلاق النار خلال هذه الفترة حتى اضطررنا في النهاية إلى مهاجمة المعسكر من كل الاتجاهات وخلال المواجهات هرب معظم الجنود وسحبوا مجموعة من الآليات العسكرية وتركوا المعسكر بعد صدامات دامية أسفرت عن إصابة العديد من إخواننا المقاومين. هل تعتقد أن اليمن سيتجزأ عقب سقوط النظام كما يروج لذلك رئيس النظام وأنصاره؟ - اليمن أساساً مجزأ من الحروب التي أشعلها هذا النظام في مختلف ربوع الوطن شمالاً وجنوباً .. وإذا استمر النظام في العناد من أجل البقاء أقولها بصراحة نعم ربما يتجزأ اليمن إلى عدة دويلات بعكس رحيله الذي قد يستعيد من خلا له الوطن عافيته.