لا يزال الغموض يكتنف عمليات اغتيال قادة عسكريين في مدينة عدن جنوبي اليمن التي لم يكشف عن نتائج التحقيق فيها منذ أن بدأت مع بداية الاحتجاجات الشعبية التي عمت جميع محافظات البلاد للمطالبة بتنحي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. ويخشى ناشطون وسياسيون بعدن من أن يشكل عدم كشف سلطات الأمن اليمنية عن نتائج التحقيق في تلك الاغتيالات والاكتفاء بتوجيه الاتهام لتنظيم القاعدة مبرراً لاستمرار عمليات الاغتيال. وتأتي هذه المخاوف بالتزامن مع نجاة نائب مدير أمن خفر السواحل وطيار في سلاح الجو اليمني من محاولتي اغتيال بعبوات ناسفة زرعت في سيارتيهما في حادثين منفصلين خلال هذا الأسبوع. تصفية حسابات من جهته ألمح رئيس تحرير صحيفة الأمناء بعدن والمقربة من الحراك الجنوبي المعارض عدنان الأعجم في حديثه للجزيرة نت إلى ثلاثة مدلولات لعدم الإعلان عن نتائج التحقيقات وهي: هشاشة الأجهزة الأمنية المختصة بما يؤكد أن الأمر صار خارج نطاق مربع النظام، أو احتمال أن هذه الأجهزة الأمنية تقوم بلعبة شد الحبل مع جماعات تصفها بالإرهابية. ويضيف أنه "ما لم يعلن الأمن القومي خفايا تلك الحوادث يبقى الاحتمال الثالث قائماً وهو أن تصفية حسابات بين تلك الأجهزة والقادة تجري على النحو الذي نراه اليوم". وبحسب رئيس دائرة الإعلام في حزب التجمع اليمني للإصلاح المعارض بعدن خالد حيدان فإن سرعة بيان المصدر الأمني بعد كل عملية اغتيال بتوجيه أصابع الاتهام نحو تنظيم القاعدة دون إجراء أي تحقيق يوحي بمحاولة النظام استثمار القاعدة في أتون الصراع الداخلي. ونبه إلى "أن نظام صالح ما زال يملك أوراق التحكم بهذا الملف ولا يزال بين يديه عدد غير قليل من المعتقلين باسم القاعدة يسعى من خلالهم إلى تنفيذ مآرب سياسية تعزز بقاءه في السلطة". اتهام القاعدة بيد أن قائد اللواء 25 الميكانيكي -الذي يخوض حربا منذ أشهر مع مسلحين يعتقد بانتمائهم للقاعدة في أبين شرق عدن- أعرب من جهته عن اعتقاده بأن الدلائل تشير إلى أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو من يقف وراء تلك الاغتيالات". ويربط العميد محمد عبد الله الصوملي بين محاولة اغتيال وزير الدفاع اليمني اللواء محمد ناصر أحمد وعمليات اغتيال قادة عسكريين بعدن رغم عدم وجود تشابه في طريقة التنفيذ، ولفت إلى أن نتائج التحقيق في محاولة اغتيال وزير الدفاع أظهرت ضلوع القاعدة. وأوضح في حديث للجزيرة نت أنه تم التعرف على هوية الانتحاري في عملية استهداف الوزير وهو أحد مسلحي القاعدة المشاركين في المعارك ضد الجيش اليمني في أبين. المشتبه فيه الأول أما الباحث المتخصص في شؤون الإرهاب سعيد عبيد الجمحي فيعتقد أن تنظيم القاعدة -إذا تم تقييم محاولة اغتيال وزير الدفاع اليمني من حيث الدوافع والأسلوب- هو الطرف الأكثر اشتباهاً في وقوفه وراء ما جرى. وأضاف أنه "في هذه الأوقات التي تختلط فيها الأوراق ويمتزج ما هو إرهابي بما هو سياسي وتخوض فيها السلطة حروباً متعددة الجبهات ومتنوعة الأشكال، لا شك في أن مقدرة النظام فيها على تحقيق أي نجاح حقيقي ضد القاعدة هو في أدنى مستوياته وأضعف حالاته". يشار إلى أن عمليات اغتيال قادة عسكريين بعدن جاءت متشابهة من حيث زرع عبوات ناسفة في سيارة الضحية تنفجر بمجرد دوران المحرك باستثناء محاولة الاغتيال التي نجا منها وزير الدفاع اليمني اللواء محمد ناصر أحمد الثلاثاء الماضي. وحاولت الجزيرة نت الاتصال بمكتب وزير الدفاع اليمني وإدارة أمن عدن والسكرتير الإعلامي لرئيس الجمهورية للاطلاع على الموقف من مسألة الاغتيالات، بيد أن جميع تلك الأطراف اعتذرت عن التعليق بقولها إنها غير مخولة بالحديث عن هذا الجانب. المصدر: الجزيرة