المجتمع الدولي أخذ على عاتقه مهمة مكافحة القراصنة الصوماليين -الذين ينشطون في المياه المحيطة باليمن- ذلك لأن اليمنيين لا يملكون ببساطة الوسائل اللازمة لمواجهة هذه الآفة. فإنه على عناصر خفر السواحل في اليمن مواجهة المهربين الذين ينقلون يوميا المهاجرين غير الشرعيين الصوماليين والإثيوبيين، إضافة إلى مهربي البضائع والممنوعات القادمين من منطقة القرن الإفريقي. وتؤكد هذه القوة أنها تمكنت من مواجهة التحدي الأساسي الذي أنشئت من أجله, وهو حماية الموانئ اليمنية من الإرهاب. وجاء تأسيس هذه القوة مباشرة بعد الهجوم الانتحاري الذي استهدف في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2002 المدمرة الأمريكية كول في مرفأ مدينة عدنالجنوبية. وأسفر هذا الهجوم الذي تبناه تنظيم القاعدة عن مقتل 17 شخصا من طاقم المدمرة. وبعد حوالي سنتين, استهدف هجوم انتحاري مشابه ناقلة النفط الفرنسية ليمبورغ قبالة شواطئ المكلا (جنوب غرب) ما أسفر عن مقتل بحار بلغاري. والعمليتان أظهرتا هشاشة الوضع بالنسبة للموانئ اليمنية. ولم تترك الولاياتالمتحدة لليمن خيارا غير الانضمام إلى "حربها على الإرهاب". وعندئذ قدمت لصنعاء في نهاية 2002 سبع سفن، وبالتالي ولدت قوة خفر السواحل. وبعد أكثر من ست سنوات, قال قائد القوة العميد على راصح -على هامش مؤتمر نظم مؤخرا في صنعاء-: "تمكنا من ضمان حماية الموانئ". وعما إذا كان خطر حصول اعتداء مشابه للهجوم على المدمرة الأمريكية قد انتفى كليّا, رد راصح بحذر: إن "حجم الخطر قد خفض بشكل كبير". لكن اليمن ما زال يواجه مشاكل كبرى ليست أقلها القرصنة، وإن تراجع خطر الإرهاب البحري. فبالرغم من قدراته المتواضعة, على اليمن لعب دور مهم على المستوى اللوجستي. أما الخطر الآخر, وهو خطر مباشر على اليمن واقتصاده, فهو دفق المهاجرين من منطقة القرن الإفريقي, وهو دفق مستمر بنفس القوة. وتمكن حوالي خمسين ألف مهاجر غير شرعي من الوصول إلى الشواطئ اليمنية في 2008, فيما تمكن تسعة آلاف لاجئ من بلوغ شواطئ هذا البلد منذ مطلع 2009. وتشير بعض التقديرات إلى أن مئات آلاف اللاجئين -لا سيما الصوماليين- يعيشون في جنوب اليمن, مع العلم بأن البلد يعد من أفقر البلدان في العالم. الدول الغربية التي أدركت على ما يبدو الأهمية الاستراتيجية لليمن في استقرار المنطقة, تسعى جاهدة إلى تسريع تعزيز قدرات قوة خفر السواحل. المهمة صعبة, فنصف عناصر القوة لا يجيدون السباحة بحسب أحد المشاركين في المؤتمر في صنعاء. أما مشكلتهم الثانية، فهي النقص في القوارب. وتملك القوة حاليا حوالي ستين قاربا وزورقا. فإن الكثير منها قديم, وهي لا تصلح لحماية سواحل اليمن الممتدة على مدى 2500 كلم. وقال ضابط بحري بريطاني رفيع على هامش المؤتمر مفضلا عدم الكشف عن اسمه أن خفر السواحل في اليمن بحاجة إلى لعشر طرادات على الأقل بطول يتراوح بين 20 و25 مترا. فإن الضابط رأى أن حصول اليمن على هذه الطرادات "سيتأجل بسبب الأزمة المالية الحالية". ويضيف العميد راصح من جهته أنه من الضروري أن تحظى السواحل اليمنية ببنية تحتية، إذ إن القسم الأكبر من الواجهة البحرية للبلد ما تزال غير مأهولة ومن دون حماية.