واذا مضى الاتفاق وفقا للخطة سيكون صالح رابع حاكم عربي يتنحى تحت ضغط مظاهرات حاشدة أعادت تشكيل المشهد السياسي في الشرق الاوسط. وقال محتج ذكر أن اسمه نائل لرويترز "كنا في مسيرة بشارع الزبير نطالب بمحاكمة صالح وأعوانه عندما هاجمنا مسلحون في ملابس مدنية وفتحوا النار علينا مباشرة." ومنح الاتفاق الذي أبرم بوساطة دول الخليج الغنية المجاورة صالح وأقاربه حصانة من المحاكمة. وسلطت اراقة الدماء الاحدث في صنعاء والتي ينحى شهود باللائمة فيها على موالين لصالح الضوء على الاضطرابات التي يواجهها البلد الفقير الذي دفعته المظاهرات المستمرة منذ عشرة أشهر للاطاحة بصالح الى شفا حرب أهلية. وجاء اطلاق النار يوم الخميس في أعقاب اشتباكات بين خصوم صالح الذين كانوا قبلا متحدين في الاحتجاجات التي استلهمت انتفاضات تونس ومصر وليبيا. وتشير الاشتباكات بين خصوم صالح الى التحديات التي يواجهها اليمن في التحول بعيدا عن عهد صالح وشبكة أقاربه الذين ما زالوا يشغلون مناصب في الجيش ويشكلون قوة اقتصادية. وقال محمد القباطي مدير المستشفى الميداني القريب من الساحة التي احتشد فيها اليمينيون للمطالبة بانهاء حكم صالح المستمر منذ 33 عاما ان 45 شخصا على الاقل أصيبوا في الهجمات. ووقع صالح الاتفاق في حضور العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بالعاصمة السعودية الرياض. وكانت الولاياتالمتحدة حثت صالح على التنحي بعد أن دفعت الازمة السياسية بشأن حكمه اليمن الى فوضى خشيت واشنطن أن تشجع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. ويقضي الاتفاق بأن ينقل صالح (69 سنة) السلطة الى نائبه قبل تشكيل حكومة جديدة مع أحزاب المعارضة واجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وقال مسؤولون يمنيون وفرنسيون ان رجال قبائل مسلحين في الجنوب أطلقوا يوم الخميس سراح امرأة فرنسية واثنين من اليمنيين يعملون في اللجنة الدولية للصليب الاحمر وذلك بعد يومين من خطفهم. كما قال مسؤول محلي في الجنوب المضطرب ان الجيش قتل 17 مقاتلا اسلاميا باطلاق نيران المدفعية على مواقعهم بالقرب من زنجبار عاصمة محافظة أبين التي سيطر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على بعض المناطق فيها. وبدأت الشقوق تظهر في التضامن بين المحتجين بعد أن حققوا على ما يبدو هدفهم في الاطاحة بصالح. وانقلب محتجون شبان يوم الخميس على حزب اسلامي أيد حملتهم بعد أن كان متحالفا مع صالح في الماضي. ورشق محتجون في الساحة بالزجاجات والحجارة أعضاء من حزب الاصلاح الذي شارك في حكومات في عهد صالح قبل أن يقف بثقله ضده ويتودد للمحتجين المناهضين له بامدادات من الطعام. وهتفت مجموعات من المتظاهرين "الشعب يريد اسقاط الاصلاح" وهو نفس الشعار الذي كان المحتجون يرفعونه للمطالبة بسقوط النظام والذي رددته جماهير غاضبة خلال الاضطرابات السياسية التي شهدتها عدة دول عربية هذا العام. واندلعت أيضا اشتباكات بالايدي بين أعضاء من حزب الاصلاح ومؤيدي جماعات الشباب التي صاغت احتجاجات صنعاء والتي اقتربت على ما يبدو من تحقيق هدفها عندما وافق صالح على التنحي. وسخر منظمو الاحتجاجات الشبان من تحالف جماعات المعارضة التي شاركت في الاتفاق الذي وقعه صالح ووصفوها بأنها شريكة في جرائمه وجزء من نخبة سياسية يسعون للاطاحة بها كلها. وقال طالب عمره 22 عاما يدرس اللغة الانجليزية من المحتجين الذين اشتبكوا مع حزب الاصلاح "لن نسمح لثورتنا بأن تختطف. على الاصلاح أن يغادر الساحة." وشهدت فترة الشلل السياسي في اليمن خلال النضال للاطاحة بصالح تجدد صراعين استمرا وقتا طويلا مع حركتين انفصاليتين احداهما في الشمال والاخرى في الجنوب وصراع اخر مع اسلاميين متشددين. وتسلط تلك الازمات ووضع ابن صالح وابن أخيه وأفراد اخرون من اسرته في وحدات عسكرية رئيسية وفي قطاعي الصناعى والتجارة في اليمن الضوء على التحديات التي ستواجهها أي حكومة تتولى السلطة بعد صالح. وقال ثيودور كاراسيك من معهد التحليلات العسكرية في الشرق الادنى والخليج (اينيجما) "يتقاتل الاصلاح وجماعات الشبان بالفعل وهذا علاوة على الحوثيين (المطالبين بالانفصال في الشمال) والصراع في الجنوب." واضاف "أما الاقارب فيفترض أنهم يتمتعون بحصانة وأن يتركوا مناصبهم ويفترض أن يختفوا من المشهد. لكننا سننتظر ونرى." من محمد الغباري