تسبب التوقيع على المبادرة الخليجية مساء أمس الأربعاء في حالة انقسام داخل ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء ربما كان النظام اليمني يراهن عليها ضمن أمور أخرى قد تبقي التوقيع من الطرفين حبراً على ورق. وتطورت حالة الانقسام من نقاشات وحوارات إلى اشتباكات بالأيدي بين طرفين أحدهما يؤيد المبادرة وآخر يرفضها. ويظهر شريط فيديو تداوله نشطاء مستقلون على شبكات التواصل الاجتماعي شجاراً وقع اليوم بين مجموعات داخل ساحة التغيير بصنعاء بين الرافضين والمؤيدين. وفي الشريط المتداول يظهر أشخاص يمنعون صاحب الفيديو من التصوير ويمد أحدهم يده لإيقاف التصوير بالقوة. وفي مشهد آخر تظهر جموع محتشدة في الساحة بجوار نصب تذكاري أصبح رمزاً لساحة التغيير المجاورة لجامعة صنعاء وفوق منصة تلتصق بالنصب يشتبك أشخاص, فيما يظهر صوت قريب يطالب بسحب القنبلة من يد شخص آخر على المنصة. وكانت عدد من وسائل الإعلام التابعة لأحزاب المعارضة قد باركت التوقيع على المبادرة الخليجية التي تمنح الرئيس علي عبد الله صالح حصانة من الملاحقة مع رموز آخرين في نظامه. وقتل اليوم خمسة أشخاص كانوا يحتجون على المبادرة بأيدي مسلحين بملابس مدنية. وقال محتج ذكر أن اسمه نائل لرويترز "كنا في مسيرة بشارع الزبير نطالب بمحاكمة صالح وأعوانه عندما هاجمنا مسلحون في ملابس مدنية وفتحوا النار علينا مباشرة." ووفقاً لرويترز فقد جاء اطلاق النار اليوم الخميس في أعقاب اشتباكات بين خصوم صالح الذين كانوا قبلا متحدين في الاحتجاجات التي استلهمت انتفاضات تونس ومصر وليبيا. وتشير الاشتباكات بين خصوم صالح الى التحديات التي يواجهها اليمن في التحول بعيدا عن عهد صالح وشبكة أقاربه الذين ما زالوا يشغلون مناصب في الجيش ويشكلون قوة اقتصادية. وقال محمد القباطي مدير المستشفى الميداني القريب من الساحة التي احتشد فيها اليمينيون للمطالبة بانهاء حكم صالح المستمر منذ 33 عاما لرويترز ان 45 شخصا على الاقل أصيبوا في الهجمات. وبدأت الشقوق تظهر في التضامن بين المحتجين بعد أن حققوا على ما يبدو هدفهم في الاطاحة بصالح. وانقلب محتجون شبان يوم الخميس على حزب اسلامي أيد حملتهم بعد أن كان متحالفا مع صالح في الماضي. ورشق محتجون في الساحة بالزجاجات والحجارة أعضاء من حزب الاصلاح الذي شارك في حكومات في عهد صالح قبل أن يقف بثقله ضده ويتودد للمحتجين المناهضين له بامدادات من الطعام. وهتفت مجموعات من المتظاهرين "الشعب يريد اسقاط الاصلاح" وهو نفس الشعار الذي كان المحتجون يرفعونه للمطالبة بسقوط النظام والذي رددته جماهير غاضبة خلال الاضطرابات السياسية التي شهدتها عدة دول عربية هذا العام. واندلعت أيضا اشتباكات بالايدي بين أعضاء من حزب الاصلاح ومؤيدي جماعات الشباب التي صاغت احتجاجات صنعاء والتي اقتربت على ما يبدو من تحقيق هدفها عندما وافق صالح على التنحي. وسخر منظمو الاحتجاجات الشبان من تحالف جماعات المعارضة التي شاركت في الاتفاق الذي وقعه صالح ووصفوها بأنها شريكة في جرائمه وجزء من نخبة سياسية يسعون للاطاحة بها كلها. وقال طالب عمره 22 عاما يدرس اللغة الانجليزية من المحتجين الذين اشتبكوا مع حزب الاصلاح لرويترز "لن نسمح لثورتنا بأن تختطف. على الاصلاح أن يغادر الساحة." وقال ثيودور كاراسيك من معهد التحليلات العسكرية في الشرق الادنى والخليج (اينيجما) "يتقاتل الاصلاح وجماعات الشبان بالفعل وهذا علاوة على الحوثيين (المطالبين بالانفصال في الشمال) والصراع في الجنوب." واضاف "أما الاقارب فيفترض أنهم يتمتعون بحصانة وأن يتركوا مناصبهم ويفترض أن يختفوا من المشهد. لكننا سننتظر ونرى." وشهدت عدد من المدن تظاهرات منددة بالمبادرة كانت أكبرها تظاهرة مدينة تعز التي هتف محتجون فيها بسقوط السلطة والمعارضة. ويشعر مستقلون وآخرون منضوون في المعارضة لكن أحزابهم ليست في تكتل اللقاء المشترك أن الثورة تحولت إلى وسيلة للمعارضة للوصول إلى السلطة. وقد يتسبب وصول المعارضة إلى السلطة في استمرار خروج مظاهرات تنادي بإسقاط المشترك إلى جانب إسقاط النظام اليمني الذي يتمثل في حزب المؤتمر الشعبي العام والذي سيتقاسم مع المشترك حكومة وحدة وطنية ترأسها المعارضة. ومن شأن استلام المعارضة للسلطة تأكيد أحاديث سابقة للرئيس صالح بأن المتظاهرين من الجانبين إنما هم جماهير 2006 في إشارة إلى انتخابات العام 2006 التي أخرج فيها الطرفان أنصاره وانتهت بفوز صالح.