لحظة إصابة سفينة "سيكلاديز" اليونانية في البحر الأحمر بطائرة مسيرة حوثية (فيديو)    شركة شحن حاويات تتحدى الحوثيين: توقع انتهاء أزمة البحر الأحمر رغم هجماتهم"    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    يوم تاريخي.. مصور يمني يفوز بالمركز الأول عالميا بجوائز الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في برشلونة (شاهد اللقطة)    تشافي لا يريد جواو فيليكس    مركز الملك سلمان يمكن اقتصاديا 50 أسرة نازحة فقدت معيلها في الجوف    تفجير ات في مأرب لا تقتل ولا تجرح كما يحصل في الجنوب العربي يوميا    للزنداني 8 أبناء لم يستشهد أو يجرح أحد منهم في جبهات الجهاد التي أشعلها    الحرب على الإرهاب التي لم تنتهِ بعد.. معركة يخوضها الجنوب    عودة الكهرباء تدريجياً إلى مارب عقب ساعات من التوقف بسبب عمل تخريبي    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    هجوم جديد على سفينة قبالة جزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندي    رئيس جامعة إب يطالب الأكاديميين الدفع بأبنائهم إلى دورات طائفية ويهدد الرافضين    نابولي يصدّ محاولات برشلونة لضم كفاراتسخيليا    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    عقب العثور على الجثة .. شرطة حضرموت تكشف تفاصيل جريمة قتل بشعة بعد ضبط متهمين جدد .. وتحدد هوية الضحية (الاسم)    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    اتحاد كرة القدم يعلن عن إقامة معسكر داخلي للمنتخب الأول في سيئون    شاهد.. مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا في حادث بشع بعمران .. الجثث ملقاة على الأرض والضحايا يصرخون (فيديو)    وزارة الداخلية تعلن ضبط متهم بمقاومة السلطات شرقي البلاد    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    طفلة تزهق روحها بوحشية الحوثي: الموت على بوابة النجاة!    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    ريمة سَّكاب اليمن !    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زينب المخلافي : أنا ضد الحصانة حتى لو وافق العالم كله عليها لأني فقدت جزء من جسمي
الثائرة التي أبكت الملايين
نشر في يمنات يوم 09 - 02 - 2012

في يوم الجمعة 11/11/2011م حضرت زينب وأختها تهاني الساحة لأداء الصلاة رغم القصف الشديد، وبعد أن نظفتا الساحة وجلستا مع صديقاتهن -في مصلى النساء- أطلقت عليهن قذيفة غادرة أودت بحياة كل من تفاحة وياسمين وزينب العديني، استشهدت زينب العديني وبقيت زينب المخلافي الحافظة للقرآن شبه معاقة بسبب بعض الشظايا التي اخترقت قدمها في موقف تراجيدي وفقت الكاميرا في توثيقه..
موقف أبكى ملايين من المشاهدين ليس في اليمن وحسب وإنما في جميع أنحاء العالم.. ذلك الموقف الذي ظهرت فيه زينب المخلافي كالطير الذبيح المبتور الرأس والمتخبط قبل أن يفارق الحياة بعد أن سقطت بسبب القذيفة وتعثرت بسبب الشظايا التي اخترقت رأسها ورجلها وقدمها اليمنى، ولا تزال تعاني من تلك الشظايا إلى يومنا هذا الأمر الذي سبب لها إعاقة شبة دائمة (صعوبة السير)..
زينب لم تبكِ يوماً قط كونها معاقة، ولكن الشيء الوحيد الذي يبكيها ويحزنها هو عدم مشاركتها المسيرات كما كانت تعمل سابقاً..
المستقلة زارت زينب وهي على سرير العلاج الطبيعي في مركز القاضي وأجرت معها هذا اللقاء ..
حاورها/ أمين عبد الله راجح
متى التحقت زينب المخلافي بالثورة السلمية؟
التحقت بالثورة السلمية منذ البداية وكنت أشارك أخواني وأخواتي المسيرات دون توقف ولم أكن أنقطع عن الساحة إلا بعد أن أصبت في ذلك اليوم الدامي- الجمعة 11/11/2011م يوم استشهاد زميلاتي - تفاحة وياسمين وزينب العديني- بسبب تلك الإصابة التي سببت لي إعاقة شبه دائمة، رغم ذلك عدت للساحة رغم إعاقتي، ومازلت أتذكر الشهيدات اللاتي سقطن في تلك الجمعة وذكرياتي معهن وخصوصاً "ياسمين".
متى حضرتن الساحة يوم قصف المصلى الخاص بكن في 11 / 11 /2012؟
طبعاً يوم الجمعة اتصلت بياسمين وقلت لها لازم نروح نصلي بالساحة، خرجت أنا وأختي تهاني.. كان القصف شديداً فأختبأنا وراء دباب كان واقفاً حتى أتي دباب آخر فطلعنا معه.. كان القصف عندنا متواصلاًً لأن منزلنا في منطقة وادي القاضي وصلنا الساحة والقصف متواصل والله إنه لم يتوقف حتى لحظة.. كانت الساعة العاشرة تقريباً.. (لا أذكر الوقت بالتحديد).. فبدأنا كعادتنا بتنظيف الساحة وبينما كنا نستظل وننتظر الصلاة في الدرج التابعة لفندق المجيدي والتي تعتبر من ضمن مصلى النساء وقعت قذيفة على فندق المجيدي لتخط بدمائنا أحدى المجازر الجديدة لعلي عبد الله صالح رغم ذلك كنت أقول قسماً لو يريد صالح دمائنا لقد مت دمي ولن أمانع بشرط أن يرفع يده عن هذا الوطن.. فنحن نقول له وأتباعه أن الوطن غال وأرواحنا وأنفسنا رخيصة جداً لهذا الوطن وذلك ما قدمته ياسمين وتفاحة وزينب لقد قدمن أرواحهن ودماءهن فداءً للوطن ولكرامتنا وحريتنا لنبني يمننا الجديد وهذا ما كنا نتحدث به قبل أن تمزقنا تلك القذيفة.
كم كان عددكن عندما سقطت القذيفة عليكم؟
في البداية كنت أنا وأختي تهاني.. كنت أقول لها إعتبري القذائف العاباً نارية لأننا تعودنا عليها في الصباح والمساء وفي الطريق حتى أثناء النوم ثم جاءت تفاحة وياسمين وسمية ومريم وزينب العديني فاتجهنا إلى جانب الفندق (على الدرج).. كنا سبعاً.. كنا نتحدث عن الشهادة وكل واحدة تعبر عن نفسها ففاجأتنا القذيفة ولم نكن نتوقع أن النظام سيقتل النساء بقذائف الدبابات..
ممكن تصورين لنا المشهد بدقة أكثر والحالة التي كنت فيها؟
بعد انفجار القذيفة مباشرة شفت الأخوات كلهن سقطن على الأرض شفت الدماء تخرج بغزارة وتمليء المكان وأشياء تتساقط.. القذيفة عندما وقعت دفعتني دفعاً فلم أستطع أن أقف على قدمي فتعثرت فحاولت أن أزحف على يديّ فلم أستطع بسبب شظايا اخترقت قدمي اليمنى ورأسي وركبتي فطلبت المساعدة من الشباب والأخوات ولهم جزيل الشكر كانت تلك إصابتي ثم عرفت أن أختي تهاني هي الوحيدة التي لم تصب تفاحة سقطت بعد أن اخترقت ظهرها شظية من الخلف على القلب، زينب العديني وأصابتها شظية بالرأس وياسمين ذبحتها بالصدر.. سمية محمد عبد الرزاق السادسة أصيبت بشظايا بالفخذ والبطن والسابعة مريم أسعفت إلى الخارج.. أصابتها شظايا بالظهر وشظايا بترت عليها (3) من أصابع اليد أتمنى من الله أن يتقبل الشهيدات ويشفي جميع الجرحى والجريحات..
بعد أن رفعت زينب يدها في ذلك المشهد المؤثر والذي سوف يخلد تاريخياً إلى أين تم إسعافها؟!
في ذلك اليوم أنا نجوت من الموت.. من القذيفة في المرحلة الأولى بعدما عملوا لنا إسعافات أولية ثم أسعفنا إلى مستشفى الروضة فكان الموت ينتظرني هناك مرة ثانية..
ما الذي حدث عندما تم إسعافك إلى مستشفى الروضة؟
فور وصولي إلى الروضة قرر الدكاترة إدخالي إلى غرفة العمليات وقبل أن أدخل غرفة العمليات وقبل أن يفتحوها وقعت القذيفة في غرفة العمليات.. كنت أصيح من الألم فأخذني الدكاترة إلى الصالة -صالة الانتظار- أنا لست مستوعبة إلى الآن لماذا النظام يريد أن يقتلنا.. هل لأننا نطالب بالحرية والكرامة! أم لأننا نطالب ببناء وطننا الذي أئتمناه عليه وهو باعه ودمره، فاستمر بالقصف على مستشفى الروضة في ذلك اليوم ليوقف حركته بالكامل فتم نقلنا إلى (البيدروم) تحت الأرض رغم ذلك والله ما ظننت أن أخرج من المستشفى حية ولكن بقدرة الله كتبت لي الحياة، وبإذن الله سأنال الشهادة كما نالتها زينب وياسمين وتفاحة وعزيزة ورواية وغيرهن من حرائر الحالمة.
إلى متى بقيتن في مستشفى الروضة؟
إلى وقت العصر ثم نقلنا إلى أحد المستشفيات كنا كثيرين فأغلق علينا ذلك المستشفى بابه ونحن ننزف بآلامنا فتم نقلنا على مستشفى الرفاعي بالحوبان -(خارج المدينة)- بواسطة الهلال الأحمر كنت أنازع وظننت أني سأموت لا محالة قلت لأخي صلاح (أتركني.. أريد أن أنال الشهادة والله) وأختي تهاني وأخي عارف يحاولان أن يخففا عني الألم، وقبل أن نصل (الرفاعي) اعترضنا الحرس في إحدى النقاط ولم يتم نقلنا إلا بصعوبة.. وصلت المستشفى وكانت جراحي تنزف وقبل أن يخيطوا لي تفاجأت باقتحام المستشفى من قبل العسكر وكأنهم يبحثون عن يهود.. عن أعداء.. كانوا يسألون هل هناك جرحى أو شهداء من حق الساحة، أكثر من ثلاث مرات يقتحمون المستشفى وكان الدكتور يتخلص منهم وينفي.. شعر أخي أننا في خطر فأراد إخراجي كون مستشفى الرفاعي مراقباً وعلى بعد أمتار من النقطة المستحدثة فقلت له بأني لأستطيع أن أقف أو أتحرك من رجلي ورأسي.. قلت له أتركني أني أريد الموت ولكنه أصر على أن يحملني إلى البيت..
وهل تمكنتن من الوصول إلى المنزل بسلام؟
أخذنا سيارة وقبل أن نصل المنزل في الحارة بدأ الضرب على السيارة، فأيقنت أنها الشهادة تبحث عني.. قلت لأخواتي والله إنها الشهادة.. والله أني كنت أحلم بها، وأراها أمام عيني.. كنت أحس أني شهيدة شهيدة وأن الموت يلاحقني أينما ذهبت.. لم نستطع أن نصل البيت بسبب القصف الكثيف فقرر أخي أن يعود بنا من وادي القاضي إلى المدينة عند أحد الأقارب.. كانت لا تزال دمائي تسيل فتم استدعاء أحد الدكاترة من المستشفى الميداني ليعالجني ويجارحني.. نمنا هناك وبعد صلاة الظهر نقلنا إلى البيت.
زينب عاشت المجزرة ورأت أختها زينب العديني وياسمين وتفاحة وسمية ومريم ملطخات بالدماء وأسعفت معهن.. متى علمت زينب بأسماء الشهيدات؟
نحن كنا مع بعض وكلنا جرحنا باستثناء أختي تهاني ولكن لم أعرف أسماء الشهيدات إلا بالليل.. عندما كنت أسأل أختي وأسأل الدكاترة: كيف ياسمين كيف تفاحة، كيف زينب، كيف مريم وسمية كانوا يقولون.. كلهن بخير.. كلهن يسألن عنك..جميعهم أخفى عني الخبر لأنه عندما وقعت القذيفة وبعد أن شفتهم وتم إنقاذي دخلت في غيبوبة من شدة الصدمة حتى المغذيات توقفن.. كانت الصدمة..
كيف كان وقع الخبر على أسرتك عندما سمعوا أنك مصابة وهناك شهيدات وأكثر من ذلك أن إحداهن تسمى باسمك (زينب)؟
كان الخبر صدمة بالنسبة لأمي.. عندما عدت إلى البيت لم يصدقوا.. كانت أمي تشاهد اللقطة بالتلفزيون تتكرر وأول ما تعثرت بجروحي تساقطت دموعها (كما أخبرتني عندما عدت إلى البيت).. حدثتني وقالت: "عرفتك أنك أنت"! كانت تبكي عندما تتذكر خروجي من البيت.. كل يوم كنت أقول لأهلي بعد ما أودعهم إن شاء الله شهيدة، والله ما خرجت يوماً من البيت إلا وأقول لهم "إن شاء الله شهيدة" كي أعودهم إذا ما استشهدت لكي لا يتفاجئوا.. لقد ظن الكل أني ميتة كان أخي يكلمهم ويحاول أن يقنعهم أني لا زلت على قيد الحياة فلم يصدقوا، وبعد أن أخرجت من رأسي إحدى الشظايا في مستشفى الرفاعي تحملت الألم وطمأنتهم أن إصابتي طفيفة، رغم ذلك كانت أمي كلما شافت اللقطة تبكي وتصرخ.. أخواتي اللاتي في السعودية علمن بعد يومين واتصلن بي (لأنني لم أستطع أكلمهم يوم الحادث) سألوني كيف حالك؟.. قلت لهم الحمد لله في ألف صحة وعافية - فكانوا يستغربون بين اللقطة وإصابتي وكيف أقول أني بخير..
كيف كان شعور أمك واخواتك عندما عدت إلى البيت؟
أول ما وصلت البيت كانوا يبكون.. ولم أكن أستطع أتكلم أو أتحدث معهن، لأني كنت في حزن أشد منهن.. كنت أحس أن قلبي ينتزع بعد أن نزعت أمامي أنا تفاحة من الحياة وأختي ياسمين وزينب.. لم أستطع أتحدث مع أمي إلا بعد ثلاثة أيام.. حدثت أمي عن ذلك الموقف وقلت لها: لا تبكي يوماً من الأيام علي .. صح أن الفراق صعب ولكن من أجل هذا الوطن تهون الأنفس والآلام والأحزان.. فقط طلبت منها أن تبكي على الشهداء الذين كانوا يتمنون أن يروا هذا النظام وهو في المشنقة فلم يروه فهم وحدهم من يستحقون البكاء..
ما سبب الإعاقة من السير؟
توجد شظايا في العظم والعصب.. عندما أمشي أحس بصعوبة جداً.. أحس أن رجلي مشدودة، رغم ذلك أترك ألامي خلف ظهري بدأت مؤخراً أحضر وبصعوبة إلى ساحة الجهاد والحرية لأطالب بحقوقي ولن يمنعني من ذلك سوى الموت..
أعلنت الإضراب داخل المنزل ورفضت استخدام العلاج إلا إذا أخذوني إلى الساحة وأمام إصراري أخذوني أهلي إلى الساحة بإعاقتي وهناك ألقيت كلاماَ ومما قلت: "قسماً أن جروحي لن تمنعني من ساحتي وأني لا أبالي بها صعدت المنصة فتذكرت ذلك اليوم الإجرامي.. كنت أتكلم وأنا أرى طيف أمي تفاحة وأختي ياسمين وزينب ويتراءى أمامي في كل مكان في الساحة.. كنت أنظر إلى ذلك المكان الذي تعثرت فيه بسبب جروحي وكم تمنيت الشهادة.. لازلت أرى الشهيدات يفترشن الساحات بدمائهن الطاهرة.. ذلك الدم هو ثمن الحرية والكرامة ذلك الدم هو عنوان النصر للثورة السلمية.. -(تبكي مرة أخرى)-".
هل تحسنت صحتك بعد أن عدت للعلاج من جديد؟
بعد حضوري إلى الساحة رجعت إلى البيت فجلست شهراً لا استطيع السير فطلب مني الدكاترة أن أمشي، فقلت لهم أني لا أعرف،.. لم يكونوا يعلمون أن هناك شظايا لا تزال بالعظم، فقرروا عمل كشافة فوجدوا شظيتين وسط العظم وأربعاً صغاراً في العصب..أخرجوا شظية فبقيت واحدة بالركبة تمنعني من المشي وأربع بالعصب.. حالياً حضر الدكتور فؤاد بكيل في مركز القاضي للعلاج الطبيعي والتأهيل الحركي لعمل جلسات تحفيزية للعصب واحتمال أنقل إلى صنعاء..
هل زينب المخلافي نادمة أو حزينة كونها أصبحت شبه معاقة؟
أنا لست معاقة ولست مصابة.. أتعلمون من هو المصاب؟! المصاب هو الذي يخرج سلاحه ويوجهه في وجه من يطلب الحرية والعدالة ويطالب بحقوقه وكرامته.. المصاب هو الذي يظن أنه يستطيع التفريق بيننا كثوار.. المصاب هو من يشاهد المجازر ولا يتحرك له ساكن.. المصاب والمعاق هو من يشتري بالمال ليدافع عن نظام قاتل، المصاب هو من لا يزال إلى الآن لم يحرك ساكناً ضد هذا النظام.. أني أتكلم بلسان الجرحى جميعاً.. نحن -الجرحى والمعاقين- قررنا أننا لسنا مصابين لأن إصابتنا بالأجسام، وهم مصابون عقلياً ودينياَ وروحياً، فنحن بإذن الله سنحاسبهم وسنقف ضدهم أينما كانوا وسيحاكمون بإذن الله..
ما شعورك وأنت تشاهدين تلك اللقطة المؤثرة والتي أبكت الملايين (في الداخل والخارج) وأنت تتعثرين بجروحك؟
أتأثر كثيراً ولكن ليس على نفسي وإنما على شهيدات ذلك اليوم.. أتأثر على فقدان أمي تفاحة وأختي زينب وياسمين.. ما يؤثر فيّ أكثر عندما أرى أخواني وأخواتي في المسيرات، يذهبون إلى الساحة وأنا لا استطيع (تحاول بكبرياء أن تمنع عينيها الثوريتين من البكاء).. هذا هو الذي يؤلمني، أظن أني أصبحت ضعيفة فلا أستطيع السير إلا على عصا أو بمساعدة أخ أو أخت يمسكني حتى لا أقع..
لماذا كنت تمدين يدك ولمن.. كما تبين في لقطة الفيديو؟
كنت مصعوقة جداً.. الانفجار صم أذني وكنت أتوقع قذيفة ثانية تصل.. لم اشعر بجروحي تنزف إلا بعد ثوان فبدأت أطلب المساعدة بكل ضعف وكأني غريقة.. ولن أنسى ذلك اليوم الذي نذرنا فيه حياتنا منذ الصباح.. ذلك الموقف يجسد الصورة السيئة للنظام كيف تعامل مع المرأة وكيف أهانها، كيف أغتالها بكل قسوة ودون رحمة..
لو كانت زينب قادرة على السير هل كانت ستشارك في المسيرة الراجلة إلى صنعاء؟
من كانت هجرته في تلك المسيرة لله فقد نال الأجر ومن كان يطلب الشهرة دون الأجر فقد نالها من الناس.. صح أني كنت أريد أن أذهب وأنا مصابة، ولكن نظروا أنه سيكون صعباً علي ذلك، ولو كنت بخير لا أعلم.. قد ربما أنني كنت معهم..
هل الأسرة كانت تمانع أحياناً خروجك في المسيرات؟
والله العظيم أهلي ما منعوني حتى مسيرة واحدة لأنهم يعرفون لماذا سأخرج وما الهدف من خروجي.. خروجي كان له هدف وله معنى ولم أكن أخرج من البيت هباءً منثوراً، ولم يمنعوني من الساحة حتى مرة واحدة..
هل أنت مع إعطاء الحصانة ل (علي صالح وأعوانه)؟
أنا لست مع الحصانة حتى لو وافق العالم، لأني قدمت جزء من جسمي والله يقول النفس بالنفس والنفوس التي أزهقت كثيرة.
أين كانت زينب يوم أو ليلة إحراق الساحة؟
في ذلك اليوم كانت مسيرتنا بالعصر بدأت أهيأ نفسي للخروج وإذا بإحدى الزميلات تتصل بي أن المسيرة غيرت موعدها ونفذت في الصباح.. اتصلت أتأكد من بعض الأخوات فقلن لي أن المسيرة قد خرجت في الصباح لم أكن أعلم بتغيير الموعد كون منزلي بعيداً رغم أنني كنت على موعد مع المنصة يوم الاثنين -اليوم الثاني من إحراق الساحة- لإلقاء مشاركة شعرية في مسابقة تبناها (منتدى المبدعين).. أحرقت الساحة والمنصة فلم أشارك..
هل شاهدت زينب -أثناء خروجها في المسيرات- أحد الشباب أو الشابات وهو يجرح أو يقتل أمامها؟
في إحدى المسيرات التي مرت بجولة النقطة الرابعة خرجوا إلينا وأطلقوا علينا مسيلات غازية قمت بأخذ القنبلة بيدي ورميت بها من بين الشباب وفي تلك المسيرة أصيب شاباً أمامي فقام أحد العسكر وضرب عليه.. كانت الإصابة بالفخذ كنت أحاول أن أنقذه فمنعتني إحدى الأخوات وسحبتني وهي تقول لي هناك رجال سيقومون بانقاذه! فقلت لها لماذا إذاً تعلمنا الإسعافات فتقدمت لإنقاذه وعندما رآني الشباب قالوا: "خلاص أنت أمشي ونحن سنحمله.. فأخذوه"..
موقف آخر شاركت فيه زينب بحكم مهنتها الإسعافية؟
عندما طلعنا قلعة القاهرة.. كانوا يضربون علينا رصاصاً كثيفاً فأصيبت إحدى الأخوات.. فذهب لانقذها فضربوا علينا.. كنت أفضل أن أموت من أن أبقى أنظر إليها وهي تنزف وبالفعل اتجهت نحوها وأخذتها وألتجينا إلى حائط إحدى المنازل.. كانت الإصابة بالرأس وتنزف وبينما كنت أحاول أن أسعفها وأربط رأسها تفاجأت ببلاطجة يرمون بالحجارة من سطح ذلك المنزل، كنت أحاول أحميها بجسدي حتى لا تصاب مرة أخرى.. كنت أحاول سحبها والحجارة تسقط على ظهري وبينما نحن نبتعد من الحجارة تقطع علينا بلاطجة جدد وبدؤوا يرجموننا بالحجارة.. إحدى الأحجار كانت تتجه نحو رأسها فرفعت يدي فجاءت الضربة بيدي.. كنت أخاف أن تصاب مرةً أخرى بالرأس فيؤدي ذلك إلى موتها..
جلست أقاوم رمي الحجارة إلى أن وصلنا أسفل الشارع.. أقعدتها ثم خلعت الشال الفلسطيني (الذي أرتديه دائماً في المسيرات). وربطت على رأسها ولكن بعد أن خرج منها دم كثير، إلى الآن لا أعرف أسمها سوى أنها طالبة في الصف الثاني الاعدادي، سمعت أنها بنت اليوسفي.. ثم وصلت سيارة وأنقذتها إلى إحدى المستشفيات.
لماذا لم يقم الشباب بإنقاذها منذ البداية؟ (أي بدلاً عنك)؟
كنا نحن النساء في مقدمة المسيرة وكان هناك ضرب لم يستطع الشباب اللحاق بنا في تلك المسيرة.. وبقيت أنا على شأن أسعف البقية لأن تلك هي مهمتي إنقاذ الجرحى لكي أحس أني قدمت شيئاً لهذا الوطن، وهم علمونا ذلك، وكان مما شاهدته في تلك المسيرة شخصاً مصاب لا يستطيع المسعف أن يصل إليه إذا كان هناك ضرب باستمرار وذلك ما لم اقتنع به,, لأنني عندما أرى شخصاً مصاباً أفضل أن أقدم روحي وأنقذه أهون من أن أتركه يتألم وينزف، وأيضاً كان هدفنا من الخروج أما النصر أم الشهادة..
نهاية هذا اللقاء ماذا تتمنين؟
أتمنى أن أعافى من جروحي (وجميع الجرحى) لأعود إلى المسيرة من جديد رغم أني أحضر علي هذه الهيئة إلى الساحة كل يوم، ولكن أريد أن أشارك كما كنت.. أشكركم على هذه المقابلة.. النصر للثورة.. الخلود للشهداء.. الخزي والعار للسفاحين.. قاتلي النساء والأطفال والشيوخ..
ممكن تذكرين لنا أحد المواقف مع صديقتك ياسمين الأصبحي؟
لم أكن أفترق عن ياسمين ومن المواقف المؤثرة قبل أن تستشهد ياسمين بيوم.. أي يوم الخميس- وصلنا إلى الساحة مع المسيرة وكان علينا ضرب شديد.. كان الجرحى كثيرين فطلب منا المستشفى الميداني أن نسارع لإنقاذ أخواننا (بحكم أننا أخذنا دورات في الجانب الإسعافي) فذهبنا أنا وياسمين ننقذ الشباب وكان الدكتور يعلمنا اعملوا كذا.. كانت غرفة العلاجات غير مرتبة، فقمنا بترتيب العلاجات وبعد إكمال العمل أردنا الانصراف فلم يسمح لنا الدكاترة، لأنه كان هناك قصف متواصل، فاستغلينا الوقت وطلبنا من الدكتور أكرم العريقي أن يعلمنا كيف نقيس الضغط، جلسنا محاصرين بالساحة للساعة 5.5 ثم خرجنا أنا وياسمين بين القذائف والرصاص.
1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.