أعدها للنشر محمد سلطان أثرت ثورة 26 سبتمبر 1962م، في وجدان كثير من اليمنيين الذين أفاقوا على فجر جديد.. حيث خرج اليمنيون من كهف مظلم إلى آفاق يملؤها النور.. ومفعمة بروح الانتصار.. حتى أصبحت القلوب وكأنها طيور تحلق في سماوات الفرحة: جمهورية والحكم للجماهير والقلب رفرف يا جماعة شيطير أما الشاعر الشعبي الشهير ب (سحلول) فقد كان له صولات وجولات في التغني بالثورة وأمجادها وتصوير سلبيات الحكم الكهنوتي الإمامي: قال ابن سحلول قوموا واذهنوا يانيام إلى متى يابني شعبي يكون المنام أليس ماقد كفاكم نوم سبعين عام في ظل أطغى واقسى حكم وافسد نظام ويرى شاعر ثائر أن ما حدث يمثل ذكرى ستظل الأجيال تتناقلها جيلا بعد جيل لما كان لها من الأثر الكبير على وعي المجتمع وطريقة تفكيره: هي ذكرى نقشت صورتها في كل ناظر قصة ألّفها الشعب لترويها الخواطر يابلادي لك هامي ينحني سوف آتي ثائرا من كفني ويقول شاعر آخر واصفا هذا اليوم الاستثنائي في تاريخ اليمن السعيد.. مما فتح له بابا واسعا لاستعادة امجاده العظيمة التي كادت تتلاشى وتندثر بفعل سياسة العتمة التي فرضها الائمة: ثورة بلاد اليمن والكل بها يفخر وعيدنا كل عام يا اخوان أسطورة من يوم قاموا بثورتنا بني حمير قمّة مغاوير بالإخلاص مشهورة لقد كان الناس يهربون بعيدا عن ارض الوطن هربا من ظلم الائمة ومن جبروتهم وطغيانهم.. فلم يجد الكثير من المغتربين سوى الطيور تنقل آهاتهم وشجونهم: بالله يا طير يا ناشر إذا كنت عازم صنعاء مقر الامام قل له لقد أهلكتنا وانهكتنا المظالم ظلم الرعايا حرام ويخاطب أحدهم العيد المجيد مؤكدا أن الشعب مهما عانى من الويلات والظلم إلا أنه لا ولن يستسلم أبدا ولن يقهر وسيظل يقاوم ويناضل حتى ينال حقوقه: يا عيد إن الشعب ليس يقهر ولا النفوس تنسى والدم يهدر لا بد من مقضى وأن تأخر تذوق ما ذاقوه والحاكم الله ويخاطب أحد الشعراء كل أصحاب السلطة والمتربعين على كراسي الحكم بعد الثورة باحثا عن المسؤول عما آلت إليه الاوضاع التي ظن الناس أنها ستكون مفتاح سعادة لكن لم يتغير الكثير: ألا يا اهل الكراسي من نراجع من المسؤول منكم ياجماعة تركتم كل مخلص صار ضايع ورديتوا سباعه في رباعه ووليتم علينا كل طامع تصّور اننا سلعة مباعة وشوه كل متهور وجائع سمعة ثورة الشعب المطاعة كما يوجه الشاعر انذارا لاذعا لكل المسؤولين الذين يظنون أن الثورة ما جاءت إلا ليحققوا من ورائها المكاسب المادية والسياسية فحسب فيقول: لانريد لص باللص يستبدل في بلدنا ولا بالصنم تمثال كل مسؤول لابد ان يُسأل ويحاسب على جملة الاعمال وهناك الكثير من الشعراء الذين يتحسرون على النضال الكبير والتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب اليمني لتصل مكاسب الثورة إلى من لا يستحقها فقط.. حيث يقول الشاعر محمد العنسي: سكتوني ولكني عقيل التزامي ضاعت الحرية من يوم عادت حليمة ذي دفعنا الثمن فيها مائة ألف رامي من عتق لا حرض لا وادعه لا الجميمة وانتصرنا وضمدنا الجراح الدوامي وآخر الوعد بعد النصر ذقنا الهزيمة يا مدور على الثورة سرقها الحرامي واصبحت تائهة في البحر مثل «الزعيمة» ونورد أبيات قيلت بعد ثورة سبتمبر لكنها أصدق مثال على الواقع اليوم، والمساعي التي قام بها البعض بهدف مصادرة الثورة الثانية بعد خمسين عاما من اندلاع الثورة الأم: واجوا لنا منها ذي لوثوا السمرة حد قال انا شيخ وحد قال انا مأمور حد قال انا ذي نسفت القصر من جذره وتجي وهو كان مخبأ في السفل مذعور والثاني اقبل بيتحاكى من النخرة قال انه احتل صعدة لا بلاد احجور بعده رجال أهل عاما وأهل أبو مرة يشتي وزارة زحف من لحقته للثور والثالث اقبل يقول إنه وحيد عصره قال انه العقل ذي دبر وسوى الشور يشتي نسمّر له الكرسي على جحره من قال ما احسن عيونك قال له محجور وقادوا الشعب الاعمى لا وسط حفره ولا دري إلا وهو بين الخلب معثور أما الشاعر العولقي فقد سطر بيراعه عظمة ذلك اليوم الذي سطع فيه نورالثورة يوم الخميس في سماء كل وادي ودار: صباح الاصباح شعشع في السهول والنجادي وكل تبه وتل صنعاء صحت وأعلنت للكون ونادى المنادي ميلاد فجر الامل غير أن الشاعر حسين الحداد وهو من مواليد ( رُبض ) في يافع، فقد ساهم بقصيدة قالها يوم 26 سبتمبر وقال فيها: ادخلت فيني شجون.. لاصحاب ما يشتمون ماحد بعهده يخون .. العز جوع البطون وحول الدار الكبير الذي كان لإذاعة صوت العرب التي تبث من العاصمة المصرية القاهرة يتحدث أحد الشعراء الشعبيين وما كان لها من أثر في نفوس اليمنيين: صوت العرب شوّق العالم من الوحده الزام النصر قسم العرب من قاهرة مصر عمّام ذي عاونوا منطقة ردفان قوات والغام عاده نبا ثورة الشعب اليمن يا تحطرام وما أشبه اليوم بالبارحة فحينما تم الانتصار على الائمة جاء بعض المشايخ والنافذون وقبضوا على أزمة الأمور أخذوا الراتب في يد والسيف في الأخرى وعاثوا في الأرض فساداً فكل من أخلص للثورة قلبوا له ظهر المجن وحاربوه في رزقه وعمله: واتسلل «الثعل»في أيده راتب الثورة وخلفها سيف يا جناه والمنصور وامسى يلاحق ديوك الفجر بالقفرة حد عضه واحد قصقص له الشنفور إن مصير الثورة كان محور سؤال وجهة شاعر ثائر للثوار أنفسهم الذين بسبب تخبطهم اختلطت الأمور وساءت الأوضاع في البلاد: قال ابن ناصر صبر يا معشر الثوار شي عندكم علم من ذي ضيع الثورة اعلنتوا الحرية تستبعد الأحرار والظلم في كل وادي دق طنبوره ولعل معاناته الشخصية هي التي عكست نفسها على شعره المنتقد: خدعتم الشعب بالطبال والزمار وبالشعارات حتى باح مسروره أبذل عياله وماله في سبيل الثار على عظام الجماجم سار طابوره كانوا يظلوا ويمسوا في خطوط النار وانتو عراض الصبايا كل مبضوره أنتم مع كل حسناء تمرحوا بالدار وزوجة العسكري في الكوخ مهجوره حتى انتهى الحرب وانتم سالمين اجبار وأولادكم في الملاهي يلعبوا كوره هذا مجرح وهذا منتهك منهار يمشي على واحدة واليد مكسوره ويرسم الشاعر العولقي صورة مصغرة عن مجمل الأوضاع وما آلت إليه الأمور فيقول: أسكت وكل الأمور من تحت لا القمة فوضى تناقض حد جاوع و حد شبعان حد جر بسباس يتمغط به الكدمه واحد ملء الكاس يهضم به حنيذ الضان