قبل ساعات من التصويت على طلب قبول رفع التمثيل الفلسطيني إلى دولة مراقبة غير عضو، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون القادة الفلسطينيين و”الإسرائيليين” إلى “إحياء عملية السلام” المعطلة، فيما كان الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة يتظاهرون دعما لتحرك قيادتهم في الأممالمتحدة. وقال كي مون في كلمة أمام لجنة الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس “ما هو مطلوب الآن هو إرادة سياسية وشجاعة إضافة إلى حس بالمسؤولية التاريخية” . ولم يتكلم عباس في اللقاء لكنه أكد مجدداً في رسالة تلاها وزير خارجيته رياض المالكي، أن الطلب الفلسطيني يمثل “جهداً بناء للحفاظ على حل الدولتين . . واستثماراً لمصلحة السلام” . وكان رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو أعلن في وقت سابق أن التصويت المرتقب في الأممالمتحدة “لن يغير شيئاً على الأرض”، معتبراً أن الفلسطينيين لن يحصلوا على دولة بهذه الطريقة . كذلك، أعلنت الحكومة “الإسرائيلية” أنها لن تقوم بإلغاء أي اتفاق موقع مع الفلسطينيين رداً على التصويت . وقال يغال بالمور المتحدث باسم الخارجية “الإسرائيلية” “لا ننوي إلغاء أي اتفاق لا سيما في المجال الاقتصادي . وما سنقوم به بعد التصويت هو تطبيق هذه الاتفاقيات بالحرف” . وسعت الولاياتالمتحدة عبثاً في اللحظة الأخيرة لإقناع عباس بالتراجع عن خطوته . والتقى عباس في نيويورك نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز والمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ديفيد هايل . وجاء اختيار التصويت متزامناً مع ذكرى قرار التقسيم لعام 1947 الذي نص على تقسيم فلسطين . وذكر الاتحاد الأوروبي أنه يدعم إنشاء دولة فلسطينية . وقالت ممثلة الاتحاد للشؤون الخارجية كاثرين اشتون في بيان نشر قبل التصويت إن “الاتحاد الأوروبي عبر مرات عدة عن دعمه ورغبته في أن تصبح فلسطين عضواً كاملاً في هيئة الأممالمتحدة في إطار حل للنزاع” . وأضافت أن “الاتحاد الأوروبي مستعد للاعتراف بدولة فلسطينية في الوقت المناسب” . وما يثير مخاوف “الإسرائيليين” والأمريكيين وكذلك البريطانيين هو إمكان انضمام الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية ورفع شكوى لديها ضد “إسرائيل” . ولوحت “إسرائيل” والولاياتالمتحدة بفرض عقوبات في حال تبني القرار ومن المحتمل أن يجمد الكونغرس 200 مليون دولار من المساعدات التي وعدت واشنطن بها الفلسطينيين فيما يمكن ل”إسرائيل” أن تجمد العائدات الضريبية التي تتقاضاها لحساب السلطة الفلسطينية أو أن تخفض عدد تراخيص العمل الممنوحة للفلسطينيين، وصولا إلى احتمال إلغاء اتفاقات اوسلو حول الحكم الذاتي الفلسطيني الموقعة عام 1993 . وفي المقابل، وعدت الجامعة العربية الفلسطينيين ب”شبكة أمان” قدرها مئة مليون دولار في الشهر . وقالت صحيفة “هآرتس” الصهيونية إنه بعد إعلان إيطاليا عن دعمها للمسعى الفلسطيني في الأممالمتحدة فإن قرار ألمانيا بعدم معارضة المسعى الفلسطيني في الأممالمتحدة، والامتناع عن التصويت في الجمعية العامة، أمس، قد صدم “إسرائيل” . وعمت التظاهرات مدن الضفة الغربية وقطاع غزة دعماً للخطوة الفلسطينية في المنظمة الدولية وتصاعدت الدعوات إلى استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام . وتجمع مئات الفلسطينيين وسط مدينة رام الله حاملين العلم الفلسطيني . ورقص المشاركون على أنغام الأغنية الشعبية التي باتت مشهورة منذ عام “أعلنها يا شعبي أعلنها دولة فلسطين أعلنها، وبعلمك زينها” . ووقف ممثلون عن مختلف الفصائل على المنصة الرئيسية، بينهم ممثلون عن حركتي “حماس” والجهاد الإسلامي الى جانب قيادات من “فتح” وفصائل فلسطينية أخرى . وجدد القيادي في حركة “حماس” ناصر الدين الشاعر تأييد الحركة لتوجه الرئيس محمود عباس الى الأممالمتحدة . وقال أمام المتجمعين “كل الاحترام والتقدير لهذه الخطوة ونحن معها وخلفها” . وأضاف “نحن لا نعلن الحرب على أحد، ونطالب بحقنا وعلى الآخرين أن يحترموا هذا الحق، وهو أقل ما نطالب به” . وأشار الشاعر إلى أهمية تحقيق المصالحة عقب التصويت . وقال “الكلمة السحرية التي يجب أن تعقب هذا القرار، هي المصالحة الحقيقية على الأرض” . وتحدث اللواء جبريل الرجوب القيادي في “فتح”، مشيداً بتوجه عباس ومستذكراً الرئيس الراحل ياسر عرفات . وقال الرجوب إن قرار التوجه الى الأممالمتحدةفلسطيني بحت “ولا يمكن لأحد أن يشتري قرارنا المستقل” . وشارك في التجمع ممثل عن حركة ناطوري كارتا اليهودية، التي تعارض قيام “إسرائيل” حيث أعلن تأييده لحصول فلسطين على دولة فلسطينية غير كاملة العضوية . وفي غزة شارك آلاف الفلسطينيين في تظاهرة حاشدة تمركزت أمام مقر الأممالمتحدة في مدينة غزة تأييداً لتوجه القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة . وانطلقت التظاهرة التي شارك فيها عدد من قادة الفصائل من أمام مقر المجلس التشريعي حتى مقر الأممالمتحدة غرب غزة . وردد المشاركون هتافات تؤكد التأييد للرئيس عباس، كما رفع المشاركون صورا للرئيس الراحل عرفات . وخلال التظاهرة حمل عدد من الشبان نموذجا لكرسي خشبي كبير يرمز لمقعد فلسطين المرتقب في الأممالمتحدة . ونظمت “فتح” مهرجانا شارك فيه آلاف من عناصرها ومؤيديها في مدينة غزة . ورحبت أوساط واسعة من فلسطينيي ال 48 بالخطوة الفلسطينية في الأممالمتحدة مشددين على ضرورة الإسراع في وقف النزيف الداخلي واستعادة اللحمة الوطنية . وقال واصل طه رئيس التجمع الوطني الديمقراطي ل”الخليج” أمس إن التوجه إلى الأممالمتحدة استحقاق أممي لتصحيح جزء من الغبن الذي لحق بشعب فلسطين نتيجة للتداعيات الكارثية لقرار التقسيم، التاريخي من 1947 . وفي مهرجان حاشد في نابلس لدعم التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة قال القيادي في التجمع جمال زحالقة إن النضال الشعبي هو الذي يُحول الاعتراف بالدولة إلى واقع .